مقالات الرأي

حين يُحوَّر النقاش المسؤول: قراءة في تحامل بعض الأصوات على تصريح إدريس لشكر

بعض الأصوات -وان بحسن نية-، وبدل أن تنخرط في نقاش المضمون، اختارت، تُحرّف السياق، وتستغل لحظة مشحونة بالعاطفة الدينية والوطنية لتحوير النقاش نحو قضية لم تُطرح أصلاً.

كمال هشومي (منشور على صفحته الرسمية على الفايسبوك ) 

في زمن بات فيه النقاش العمومي في أمسّ الحاجة إلى جرأة مسؤولة ووضوح في الطرح، شكّل تصريح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأستاذ إدريس لشكر، خلال لقاء صحفي خصص لمناقشة قضايا وطنية راهنة، لحظة سياسية بامتياز ومبادرة تُحسب له لا عليه.

إذ إنها سعت إلى خلق فضاء للحوار السياسي الجاد والمفتوح، في إطار تفاعل القيادات الحزبية مع انتظارات المواطنين وتطلعاتهم.

غير أن بعض الأصوات -وان بحسن نية-، وبدل أن تنخرط في نقاش المضمون، اختارت، تُحرّف السياق، وتستغل لحظة مشحونة بالعاطفة الدينية والوطنية لتحوير النقاش نحو قضية لم تُطرح أصلاً. وهكذا، تحوّل الحديث عن الرهانات السياسية الوطنية إلى تأويلات مغرضة، لا تعكس مضمون ما قيل، ولا تنتمي إلى منطق النقاش النزيه.

ومن خلال تتبع الحوار الكامل للكاتب الأول، يتضح أن ما نُسب إليه من تأويلات لا يستقيم لا لغوياً ولا سياسياً، وأن الهدف كان، على ما يبدو، إحداث ضجيج مفتعل حول مواضيع حساسة عند المغاربة، في توقيت دقيق، وبدوافع لا تخفى على من يتابع المشهد السياسي والإعلامي عن كثب.

ويبدو أن هذا التحامل لم يكن عفوياً، بل اتخذ طابعاً مقصوداً، سيما حين استغل بعضهم قدسية شهر رمضان الكريم، وحساسية موضوع القضية الفلسطينية، في محاولة لتجييش العواطف، وافتعال خصومة غير قائمة.

والحال أن تصريح الكاتب الأول جاء واضحاً، متماسكاً، ولا يحتمل أي تأويل بعيد عن نصه وروحه، كما أن موقف حزب الاتحاد الاشتراكي من القضية الفلسطينية، ومن باقي قضايا الأمة، موقف ثابت، تاريخي، لا يحتاج لتأكيد أو تذكير.

إن ما يجب التأكيد عليه، هو أن هذه المبادرة التواصلية ينبغي أن تكون مثالاً يحتذى من قبل كل القيادات السياسية، من مختلف المواقع، لتعزيز ثقافة الحوار، وتثمين التواصل المسؤول مع الرأي العام، بدل الانسياق خلف محاولات التشويش والإلهاء.

فأن نُحرّف النقاش عن سكته، ونختلق ما لم يُقل، فذلك ضرب من المزايدة المجانية، التي لا تخدم الديمقراطية، ولا تخدم الحقيقة، بل تسيء إلى الفضاء العمومي، وتضر بصورة الفاعل السياسي النزيه.

وختاماً، كما يقول المثل المغربي البليغ: “واش تتعرف العلم؟ قالو تنعرف نزيد فيه”… وهكذا تُصنع الأوهام من سوء الفهم، أو من سوء النية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى