” عرض الأزياء في المغرب ” المهنة العسيرة ؟
تقديم :
السير على ” البوديوم ” الأحمر بالنسبة لكل عارضة أزياء ليس بالأمر الهين والسهل ، فلكي تصل العارضات إلى مستوى العرض يحتاج الأمر إلى قطع مسافات طويلة قد لا تكون كلها مفروشة بالورود.
لحظات ” الغنج ” القليلة في محافل العروض هي نتيجة عمل مضن يرتبط بشروط ومقاييس غاية في الدقة أساسها جمال القوام والوجه والموهبة ثم جحيم مراقبة الوزن والحفاظ على الرشاقة…جحيم يتضاعف حين يتعلق الأمر بنظرة المجتمع لمهنة عرض الأزياء التي لم تتحسن كثيرا .
في المغرب تزايد بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية عدد عارضات الأزياء مع تحسن سوق الموضة وتعدد مناسبات العرض واتساع دائرة الاحتفال بالأزياء ومن بينها طبعا الزي المغربي (القفطان) لكن رغم ذلك تظل مناسبات عروض الأزياء ضيقة وحكرا على نخبة معينة في المجتمع وفي صالونات تكون بعيدة عن أعين الكاميرات ما يجعل من مهنة عرض الأزياء مهنة منغلقة على محيطها ويجعل من مساحات ظهور العارضات في المجتمع قليلا وربما نادرا ويقتصر فقط على أغلفة بعض المجلات المتخصصة في الألبسة أو مجلات نسائية وفي أحسن الأحوال قاعة بفندق من خمسة نجوم .
النظرة لمهنة عرض الأزياء لم تتغير كثيرا وان كان أن التعرف على هذه المهنة من دول غربية قد غير الانطباع السائد الذي لم يفرق بين عرض الزي وعرض الجسد وهي النظرة التي صنفت هذه المهنة في خانة الممنوع والعيب عند الكثير من النساء اللواتي تتوفر فيهن مواصفات عالية للنجاح في “مهنة”
تتطلب أكثر مما تتطلب الكثير من المهن ،فالدقة المطلوبة في حجم ووزن الجسد هي الدقة نفسها المطلوبة للدخول إلى مجال ضيق وغامض وليس متاحا للجميع .
مهنة “محتقرة”
أشهر نجمات عرض الأزياء في المغرب والتي تحولت فيما بعد لمنشطة بأحد التلفزيونات المغاربية تقول إن مهنة العارضة لا تشرفها الآن وأنها محتقرة في المغرب والعالم العربي ، العارضة التي لقبت في فترة من الفترات بلقب “كاووا” تقول إنها وضعت مسافة كبيرة بينها وبين هذا العالم الغير مهيكل
وليست له قواعد تنظمه وقوانين وكل من هب ودب يلج هذا المجال .
نظرة الجمهور لمهنة العارضة جرح لا يندمل حسب هذه النجمة التي اعتبرت أن الجمهور يساوي مابين العارضة والعاهرة مضيفة أن عارضة الأزياء في عيون الجمهور هي تلك الفتاة التي ليس لها مشكل مع الجسد ،إنها متحررة ، وتقبل
أن ينكشف جسدها أمام الجميع وبطرق مختلفة …فالنظرة للعارضة نظرة دونية حسب هذه العارضة التي طلقت المجال معتبرة أن العارضات اللواتي يسعين لتصحيح صورتهن في المجتمع قليلات ومعدودات على رأس الأصابع وجلهن يمارسن
مهنة العرض باعتماد جهودهن الخاصة إذ يخضعن لحمية خاصة وتمارين رياضية شاقة ونظام غذائي صارم دون اللجوء إلى أطباء ومتخصصين ،داعية المؤسسات الثقافية إلى رعاية مهنة عرض الأزياء على اعتبار أن اللباس المغربي جزء
من الهوية والثقافة المغربية .
ثقافة عرض الأزياء
اللباس لغة الجسد بذلك يبدأ كما يذهب الى ذلك مختص مغربي في سوسولوجيا الثقافة في الإجابة عن سؤال بخصوص ثقافة عروض الأزياء في المغرب ومدى قابلية المجتمع لذلك ، فلا شيء يمكن أن يعبر عن الجسد غير اللباس يوضح الباحث المذكور معتبرا أن ثقافة عرض الأزياء مازالت جنينية في المغرب ولم تمر بعد إلى مرحلة الولادة ،والدليل انه لا يوجد في المغرب جمعية أو فيدرالية تجمع وتوحد عارضو الأزياء وعارضاته ، معتبرا أن عالم عرض الأزياء ليس سهلا انه ثقافة خاصة والمنخرطة فيه يجب أن تتمتع بمواصفات دقيقة وهي المواصفات نفسها التي تقتضي الاحترافية هذه الأخيرة قد لا تتوفر عند جميع الممتهنين لهاته المهنة أو المنتسبين لها ومن تم أقول أن نظرة المجتمع الجاهزة
لعارضة الأزياء التي يتداخل فيها الأخلاقي بالاقتصادي بالاجتماعي وغياب الاحترافية في المجال عناصر لا تؤهل هذه المهنة ككل .
فالرجال مثلا حسب المختص في سوسولوجيا الثقافة لا يواكبون الموضة وبالتالي لا يمكن لجلهم أن ينظر نظرة ايجابية لعارض أزياء لأنهم يفكرون بمنطق الذكورة والفحولة وهذا المنحى التفكيري يتنافى مع مهنة عرض الأزياء، فلغة الجسد في المغرب كما في دول عربية عديدة طابو من جملة طابوهات يقول الباحث مضيفا بما أن “المانكان” (العارضة ) تشتغل بالجسد فهناك عراقيل كثيرة في تأسيس ثقافة عروض الأزياء الأمر الذي ينعكس على عدم تشجيع المستثمرين على الاستثمار في هذا الحقل من خلال تأسيس مراكز
مهنية في تكوين العارضين والعارضات.
مواصفات خاصة
إذا كانت عواصم الموضة العالمية في باريس ونيويورك وميلانو تحبذ المظهر الكلاسيكي عند عارضات الأزياء المحدد بمقاييس جمالية محددة أي 1,80 في الطول ، والخصر لا يجب أن يتعدى 90 سنتمتر وفي الغالب تكون العارضات ذات
شعر أشقر وبشرة بيضاء وفي سن الشباب فان هذه المواصفات قد لا تتلاءم في الغالب مع متطلبات السوق المغربي الذي يتطلب جسدا بمواصفات خاصة يكون
قادرا على أن يحمل موضة الغرب والشرق معا وفي ذلك سر بؤس هذا الجسد فالأزياء التقليدية المغربية مثلا تتطلب حسب منية التازي مصممة الأزياء طريقة خاصة في المشي ووقفة مميزة على منصة العرض ومن هنا فان جمال
العارضات الأجنبيات لا يتلاءم مع خصوصية القفطان المغربي (لباس تقليدي) مشيرة إلى أن المغرب يتوفر على 7 أو 8 عارضات متخصصات في عرض كافة أنواع الأزياء في جميع أنحاء العالم .
العارضة التي تعرض اللباس المغربي التقليدي يجب أن تتوفر فيها شروط خاصة من بينها درايتها بالتاريخ العريق للقفطان المغربي وكافة المراحل التي يقطعها الثوب حتى يصير في شكله النهائي ..شروط تعتبرها المختصة في حياكة
وتصميم اللباس التقليدي الخاص بالنساء والرجال عايشة بوزوبع ضرورية وواجب أن تتوفر في كل عارضة خاصة تضيف أن اللباس التقليدي المغربي صار رهانا
لتنافس العديد من مصممي الأزياء الأجانب الذين يشتغلون وفق اخر صيحات الموضة خاصة وان اللباس التقليدي صار لباسا مهما في جل السهرات والمناسبات كيفما كانت .
بصيغة المذكر هذه المرة !
في غمرة الحديث عن إمكانية قبول المجتمع لعارضة الأزياء ولنساء يعرضن ” أجسادهن” على الملأ، ظهر رجال في الصورة وصعدوا منصة العرض بدورهم وعرضوا
أجسادهم وملابسهم في تباهي وغنج لا يقل تماديا عن أجدر العارضات من النساء.
مهدي التازي عارض أزياء رجالية ومصمم ملابس بقوامه الممشوق يمشي على منصة عرض الأزياء ذات مساء بثقة زائدة ووجه مرفوع وابتسامة خفيفة لا تفارق
ثغره وعينان مصوبتان بتحد نحو الجمهور الذي حج خصيصا للتعرف على عروض وتصاميم هذا العارض المغربي .
الأناقة تستهوي هذا العارض المغربي الذي تعرفه أشهر وأعرق صالات العرض العالمية ،فمنذ صغره وعالم الفن والذوق والجمال وعرض الأزياء كان حلمه ومن تم كان حلمه الكبير صعود منصة العرض أمام الجمهور ، لم يشعر بالخجل
أبدا و يعتبر أن مهنته مهنة نبيلة مثلها مثل باقي المهن الأخرى التي لها وظيفة ودور في المجتمع مؤكدا أن الرجال سيدخلون إلى مهنة عرض الأزياء بقوة خلال السنوات القليلة القادمة اعتبارا لشيء واحد مهم وهو أن الرجال أصبحوا بدورهم يهتمون برشاقة أجسادهم ومن تم سيكون من غير المقبول أن
يظل جسد الرجل يرتبط دائما بالخشونة يقول عارض الأزياء مهدي التازي .
استغلال وحقوق في مهب الريح
في غياب قانون منظم لمهنة “عرض الأزياء” تضيع الحقوق وتصبح المهنة عرضة لمزاج المصممين ومنظمي هذا النوع من المعارض ، فالأجور والتعويضات تتحدد خارج المعايير التي تعتمد في دول أخرى أوروبية رغم أن العارضة في المغرب
لا تقل خبرة ولا تقل أداء عن مثيلاتها في عواصم الأزياء العالمية .
الماركات العالمية أو المحلية التي تنظم عروضا للأزياء تسعى فقط إلى الربح والربح السريع ومن تم تصبح عارضة الأزياء عرضة للكثير من أنواع الاستغلال وضياع الحقوق خاصة حين يتعلق الأمر بتجاوز صالات العرض إلى
النشر على صفحات المجلات المتخصصة فالعارضة توقع سلفا ما يعني أن لا حقوق مستحقة لها بعد العرض وفي الشهادة الحية التي نشرتها مجلة مغربية ناطقة
بالفرنسية متخصصة في الموضة عن عارضة أزياء ما يعني الشيء الكثير عن عالم الداخل إليه مفقود والخارج منه أيضا غير مولود ( تحكي ع-ص 27 سنة تجربتها التي دامت لست سنوات في عالم تسميه بالموبوء ، الأجانب الكثر
الذين يشتغلون بالمجال في المغرب يخضعون البنات المتقدمات لاختبارات وتجارب مهينة حيث يتم معاينة أجسادهن باستباحة مقززة ومن تم تتعرض العديد من الفتيات للمساومة والتحرش والاعتداء أيضا ومن ترفض أو تعترض
يكون مصيرها الطرد ، والعديد من الفتيات اللواتي يتقدمن لأول مرة لاختبارات يتعرضن لمثل هذه السلوكيات حسب شهادة ع-ص الصادمة التي تعكس الوجه الآخر أو الحقيقي لنساء جميلات (بقد وقوام رشيق ووجه جميل) يقطعن
المسافة بين مقدمة ومؤخرة المنصة الحمراء الجميلة دون أن يدري الكثير ممن يتفرجون على هذا “القوام” الباسم أن المسافة التي قطعتها هذه الشابة للوصول إلى هذه المنصة أبعد وأقسى وربما أذل مما يعتقد الجميع .
…
نعم
عارضة أزياء.