الرئيسيةالمجتمعمقالات الرأي

جيل Z والشارع بلا قيادة: معضلة الحوار في زمن الشبكات

أبرز ما يميز هذا الجيل في الشارع هو غياب القيادة المركزية. لا زعيم، لا لجنة تمثيلية، ولا حتى ناطق رسمي يمكن مخاطبته. هذا الغياب ليس بالضرورة نقطة ضعف، بل يعكس ثقافة جديدة في التنظيم تقوم على اللامركزية والأفقية

البلد.ma

لم يعد الاحتجاج الاجتماعي في المغرب ــ كما في كثير من بلدان العالم ــ يمر عبر القنوات التقليدية المعروفة، حيث الأحزاب والنقابات والجمعيات تؤطر وتفاوض وتنتج قيادة أو ناطقًا رسميًا باسم المحتجين.

الجيل الجديد، المعروف بـ جيل Z، اختار أن يعبر عن غضبه وقلقه بطرق مختلفة، متحررًا من الوساطة التقليدية، ومرتبطًا أكثر بفضاءات الشبكات الرقمية التي باتت تشكل مسرحًا للنقاش والتعبئة.

احتجاج بلا قيادة

أبرز ما يميز هذا الجيل في الشارع هو غياب القيادة المركزية. لا زعيم، لا لجنة تمثيلية، ولا حتى ناطق رسمي يمكن مخاطبته. هذا الغياب ليس بالضرورة نقطة ضعف، بل يعكس ثقافة جديدة في التنظيم تقوم على اللامركزية والأفقية.

بالنسبة لجيل يعيش يوميًا على إيقاع شبكات مثل تيك توك، إنستغرام، وتويتر، فإن فكرة “الزعيم” أو “الناطق” تبدو قديمة وغير جذابة.

تحديات أمام الدولة

هذا الواقع يضع صناع القرار أمام معضلة حقيقية: كيف يمكن التحاور مع حراك بلا مخاطب؟

غياب القيادة يجعل الحوار المباشر صعبًا، بل يفتح الباب أمام التأويلات أو محاولة البحث عن “ممثلين” قد لا يحظون بالشرعية في عيون الشباب.

كما أن الاعتماد على المقاربة الأمنية وحدها قد يؤدي إلى تعميق الهوة بدل ردمها، لأن الجيل الجديد حساس تجاه محاولات التهميش أو التشويه الإعلامي.

مسالك جديدة للحوار

الحوار مع جيل Z يتطلب إعادة ابتكار الأدوات:الاعتراف أولًا بشرعية التعبير، فمحاولة إنكارهم أو تسفيههم يقطع أي جسر ممكن.التواصل عبر المنصات الرقمية التي يتواجدون فيها، بخطاب مباشر، مبسط، وشفاف.وساطات طبيعية: أساتذة، مؤثرون، فاعلون جمعويون أو فنانون قريبون منهم يمكن أن يلعبوا دور الجسر.

خطوات عملية ملموسة تعكس أن الإنصات ليس مجرد وعد، بل التزام بتغيير تدريجي وسريع.

نحو أفق جديد

جيل Z لا يطالب فقط بتحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، بل يطمح أيضًا إلى تجديد العلاقة مع السياسة، علاقة تقوم على الصدق والسرعة والوضوح.

قد يشكل هذا الجيل فرصة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، شريطة أن يتم الإصغاء إلى منطقه الجديد بدل محاولة إدخاله قسرًا في قوالب قديمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى