الرئيسيةمقالات الرأي

البشير الزناكي يكتب : خاوة خاوة، نعم كنا كذلك وما زلنا !

مواقف النظام الجزائري إزاء جميع القضايا الوطنية المغربية كانت منذ فترة طويلة تحمل طعم الخيانة. ومع ذلك، في المغرب، لم يكن هناك خلط بين السياسة والقادة والمواطنين على الإطلاق بالنسبة للأغلبية الساحقة؛ فقد كانت “خاوة خاوة” حقيقة قائمة

البشير الزناكي (النص الأصلي بالفرنسية على صفحة الكاتب الشخصية على الفايسبوك )

السياق الذي يعيشه المغاربة والجزائريون حاليًا مقلق للغاية، فالحرب النفسية العالمية وتدفق المعلومات والمعلومات المضللة التي تهيمن على المشهد الاتصالي العالمي تجعل منا هدفًا مشتركًا للتصفية. ولكن يبدو أن كل هذا غير مرئي بالنسبة لنا، حيث تتصدر أحقادنا الداخلية وصراعاتنا الأخوية الأولوية. فكيف يمكن تفسير كل هذه الضغائن والتصريحات المسيئة؟ كيف انتقلنا من نخب وطنية متعاونة ورفيعة المستوى، لعبت دورًا تاريخيًا في نشأة ونضال تحرير الشعوب على المستوى العالمي، إلى ورثة يتقنون اليوم السخرية والإهانات والحكايات السطحية؟

هل يمكن أن يكون السبب هو أن المغاربة والجزائريين، بعد أن تشاركوا فترات طويلة من الماضي بشكل موحد، قد انتهى بهم الأمر إلى الاستسلام لثقل تقارب أصبح الآن لا يُحتمل؟ أم أنها نهاية قصة حب كانت تؤمن بالأبدية، لكنها نسيت حتمية الانفصالات التي كانت أيضًا عديدة ولا مفر منها تاريخيًا؟ أم ربما هو تأثير الثقافة المتوسطية على شعوب هذين البلدين، بثقل شغفها العميق حيث تكون العلاقات والانفصالات دائمًا درامية وسلبية؟

لنكن صادقين، بالنسبة لكثير من المغاربة، فإن مواقف النظام الجزائري إزاء جميع القضايا الوطنية المغربية كانت منذ فترة طويلة تحمل طعم الخيانة. ومع ذلك، في المغرب، لم يكن هناك خلط بين السياسة والقادة والمواطنين على الإطلاق بالنسبة للأغلبية الساحقة؛ فقد كانت “خاوة خاوة” حقيقة قائمة، وربما لا تزال موجودة وإن كانت بدرجة أقل وضوحًا، خاصة بين الشباب الذين أصبحوا اليوم أكثر انخراطًا في ألعاب التحدي! ولدي اقتناع شخصي بأنه في الجزائر أيضًا يوجد من يشبهوننا ويشتركون تمامًا في مشاعرنا، بعيدًا عن التوبيخات التبونية.

لكن، بالنظر إلى الماضي القريب نسبيًا، فإن الخلافات السياسية والأيديولوجية منذ استقلال الجزائر قد تحولت بسرعة إلى مواجهة مستمرة، تارة مباشرة وتارة أخرى باستخدام وسائل أكثر خفاءً. الأزمات المتقطعة التي ميزت العلاقات المغربية-الجزائرية منذ 1962 استخدمت جميع الوسائل: من الحرب واستراتيجياتها إلى المؤامرات الداخلية، الاختراقات والتجسس، التحالفات والدعاية العدائية، محاولات استغلال المعارضة السياسية، استقبال المجموعات المعارضة والمنشقين، وغيرها.

بالتوازي مع هذا الترسانة من الوصفات غير المجدية التي لم تؤدِّ إلا إلى إضعاف مواقف الدولتين أمام جميع شركائهما الاقتصاديين والجيوسياسيين الخارجيين، وأيضًا إعطاء هؤلاء الفرصة لابتزاز الطرفين معًا، فإن فرص التعاون والشراكة في جميع المجالات، والتي كانت ستكون أكثر فائدة للبلدين، قد ضاعت تمامًا، وتم تدميرها أو إبعادها بشكل منهجي.

كثير من المغاربة، الذين يقل شغفهم مقارنة بالجزائريين – ربما باستثناء كرة القدم – يشعرون بأن الوضع الحالي يشكل جرحًا مؤلمًا يعيشونه في داخلهم، وكأنه لعنة ألقتها عليهم قوة غامضة. كما يشعرون بالعجز، لأنهم لم يعودوا يعرفون ماذا يفعلون ولا إلى أين سيصل جنون أو عمى القادة، خاصة في الجزائر. كما أنهم يتساءلون عما يمكن للجزائريين أنفسهم فعله لتغيير هذا الاتجاه الثقيل وغير الصحي في العلاقات بين البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى