
سعيد بنحماني، المحامي، الحقوقي، المناضل، المثقف، واحد من الأسماء التي فرضت حضورها النوعي والمغاير في أروقة المحاكم وفضاءات النضال، كظلٍ هادئ يسرح في الأفق بعيدًا عن صخب الحياة، ليظل محاميًا للعدالة وصوتًا للمظلومين.
محب للحياة، مقبل عليها ومقبلة عليه.
قلّما تجده دون بدلته الرسمية وربطة العنق الغامقة الألوان؛ بقامته الرفيعة، أنيق ومتأنق دومًا، كأنه على موعد دائم مع مرافعة مفترضة داخل أروقة المحاكم.
وهو كذلك… بنحماني يرافع في كل مكان وزمان، حتى وإن تعلق الأمر في جلسة مع أصدقائه ومعارفه.

بنحماني الذي تشبع بالفكر البعثي في مرحلة من مراحل دراسته الجامعية، تأبط منذ النشأة المبادئ التي آمن بها — الحرية، العدالة، الكرامة — وهي التي شكلت بوصلته نحو مسار طويل من النضال الذي لا ينحرف.
في المغرب، بنحماني هو ذلك الوجه الذي عرفته كل الأحزاب اليسارية والجمعيات الحقوقية، وجعل منه رمزًا للالتزام الصامت الذي لا يعرف التوقف.
يفضل الفعل على القول، ويختار العمل الشاق في الخفاء بدلًا من الأضواء.
لا يظهر سعيد بنحماني في وسائل الإعلام إلا نادرًا، فهو مقل في التصريحات، متحفظ، لكنه دائم الحضور في ساحة العدالة. اختار أن يكون محاميًا للحق، لا محاميًا للظهور.
ظل اسمه يرتبط أولًا وأخيرًا بالقضايا ذات الطابع السياسي والإنساني والاجتماعي، حيث يقف دوماً مدافعًا عن المستضعفين والمهمشين، أولئك الذين يجهلون أن هناك من يقف في صفهم رغم الضغوط والتهديدات.
وفي مدينة الدار البيضاء، المدينة التي تنبض بالحياة والاحتجاجات، يُعرف سعيد بنحماني رأسًا كأحد أبرز وجوهها الحقوقية. كان من الأوائل الذين ساندوا حركة 20 فبراير في بداياتها، ليس بدافع الشهرة أو المجد، بل إيمانًا راسخًا في أن الحراك كان صرخة حق يجب أن تُسمع.
ومع ذلك، اختار الابتعاد عنها في الوقت الذي شعر فيه أن اللحظة تستدعي الحذر، فكان ذلك القرار جزءًا من حكمة نابعة من تجربة طويلة في النضال.
سعيد بنحماني ليس مجرد محامٍ في نظر الجميع، بل هو رمزٌ من رموز الالتزام الهادئ والصادق ، شخصٌ يعرفه كل من ناضل معه، ويشهد له الجميع بإنسانيته المتجددة وتفانيه اللامحدود.
هو فعلاً الإنسان، والمحامي، والمناضل، ورب الأسرة، والأب المربي الذي سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كل من يعشق الحق والعدالة، ليتألق بنورٍ مختلف بين أولئك الذين رسموا خطوطًا في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان.
في النهاية، يبقى سعيد بنحماني رمزًا للنضال الهادئ الذي لا يكل ولا يمل، ويظل ذلك الشخص الذي يعكس بين البداوة والبساطة والأرستقراطية جمالًا فريدًا في طريقة نضاله من أجل العدالة.
لا تستهويه الأضواء، ولا يتبع سوى طريق الحق الذي يبقى مشعًّا، حتى وإن كان عابرًا في صمت، ليكتب اسمه في صفحات تاريخ النضال الوطني بكل فخر واعتزاز.