مقالات الرأي

ورطة مؤسسات الإتحاد الأوروبي

إلغاء الاتفاق الفلاحي والصيد البحري مع المغرب ضربة قاضية لقطاعات حيوية في بعض هذه الدول، الأمر الذي يعرضها للتصادم في ما بينها ويدخلها في خلافات تضعف الاتحاد

بقلم: الدكتورة لمياء الخلوفي

يتضح بالملموس أن لا أحد على استعداد في أوروبا للتضحية بالشريك المغربي ، وهو ما تفسره بيانات وزارات الخارجية في الدول الأعضاء التي  نددت بشكل صريح بقرار محكمة العدل الأوروبية .

في رأينا هذا قرار متسرع للمحكمة الأوروبية ..قرار وضع الاتحاد الأوروبي في ورطة، وجعله أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يرفض قرار المحكمة الأوروبية – وهذا ما فعله- وإما أن يمتثل لقرارها ويوقف العمل بالاتفاق المبرم مع المغرب، وفي هذه الحالة كان الاتحاد سيواجه مشكلتين كبيرتين.

المشكلة الأولى، من داخل الاتحاد وتتعلق بموقف دول لها مصلحة في الاتفاق المبرم مع المغرب، أخذا في الاعتبار أن الرباط نجحت في ربط هذه الدول بالتعاون الاقتصادي مع المغرب على أساس الاعتراف بمغربية الصحراء وقد أدلت باعترافها بشكل رسمي.
في طليعة هذه الدول نجد إسبانيا ألمانيا البرتغال فنلندا فرنسا بولندا المجر هولندا والقائمة تطول..

فضلا عن ذلك يعتبر إلغاء الاتفاق الفلاحي والصيد البحري مع المغرب ضربة قاضية لقطاعات حيوية في بعض هذه الدول، الأمر الذي يعرضها للتصادم في ما بينها ويدخلها في خلافات تضعف الاتحاد، الذي يواجه ظروفا إقليمية ودولية لا تبعث عن الاطمئنان.

المشكلة الثانية، في حال امتثال الاتحاد الأوروبي لقرار محكمته، فإن المغرب مضطر لاتخاذ قرار بوقف جزئي أو كلي لاتفاقات في قطاعات أخرى تتعلق بالأمن والهجرة والاستثمار، وتغيير وجهته نحو شركاء دوليين يتمتعون بالجاهزية والجاذبية، ومستعدون لتعويض الاتحاد الأوروبي في أي اتفاق مع المغرب.

و المغرب سبق وعزز شراكاته مع قوى اقتصادية عالمية كبرى مثل الصين والولايات المتحدة وبريطانيا، كما أن روسيا بدورها تبدو قريبة جدا من اهتمام المغرب.

في حال امتثال الاتحاد الأوروبي لقرار محكمته فإن المغرب مضطر لتغيير وجهته نحو شركاء دوليين يتمتعون بالجاهزية والجاذبية، ومستعدون لتعويض الاتحاد الأوروبي في أي اتفاق مع المغرب.

على صعيد آخر، مد المغرب جسور التعاون نحو البلدان الإفريقية وصار قبلة للعديد من دول القارة الراغبة في تطوير شراكات التعاون القائمة على قاعدة رابح رابح ، حيث وقع المغرب أكثر من 1000 اتفاقية مع أكثر من 40 بلدا إفريقيا شملت تطوير مختلف القطاعات الاقتصادية، ودعم عدد من الصناعات والبنيات التحتية والخدمات، كما يعد المغرب مصدرا رئيسيا لمجموعة من السلع المصنعة والمنتجات الفلاحية وداعما للأمن الغذائي في القارة، مساهما في الأمن والاستقرار السياسي والديني.

من جهة أخرى، يواصل المغرب بناء صرح إفريقيا الأطلسية، وهو مشروع يسير باتجاه تأسيس اتحاد اقتصادي يضم دول غرب إفريقيا والساحل. وهو مشروع ما لبث أن لقي دعما وتأييدا واضحين في واشنطن وبكين وأنقرة ولندن وكذلك من بروكسيل نفسها (الاتحاد الأوروبي).

و المعطيات تظهر من داخل الاتحاد الأوروبي مكانة المغرب، وأظهرت قوة حضوره على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو ما جعل المفوضية الأوروبية والممثل السامي للاتحاد يكسران قرار محكمة العدل الأوروبية، ويعتبرانه غير منسجم مع روح الشراكة الإستراتيجية مع المغرب…المغرب الذي عزز مكانته ، كبلد مختلف عن مغرب أمس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى