كتاب “المكرفون يتحرر” للاذاعي أحمد علوة (الحلقة 13)..”الهاكا” حارسة البوابة

الحلقة 13…”الهاكا” حارسة البوابة
لا أعرف كيف تم إطلاق لقب “حكماء” على أعضاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ؟ وما السياق الذي جاء فيه ذلك ؟ وكيف تقبل هؤلاء “الحكماء” بسعة صدر هذا اللقب ؟
شخصيا سمحت لي الظروف للتعرف عن قرب على البعض من “حكماء الهاكا” ولم أستطع في الكثير من المحطات العثور على صفة “الحكمة” حتى حين يتعلق الأمر بتحرير القطاع السمعي البصري نفسه، وإن كنت أكن كل الاحترام لجل أعضاء هذه المؤسسة منذ إنشاءها بالنظر للمجهود الكبير الذي بذل في سبيل إخراج هذا المشروع الكبير لحيز الوجود دون أن نغفل طبعا الأطر والكفاءات المغربية التي استعانت بها الهيأة لترجمة هذا الحلم على أرض الواقع .
وطوال هذه السنوات أي منذ العام 2006 تاريخ إطلاق الجيل الأول من الإذاعات الخاصة وإلى حد الساعة مرورا بالعديد من المحطات السياسية والقانونية والإنسانية ،التي مر بها المغرب كنت دائما في تماس مع الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري التي كانت باستمرار تلعب دور الساهر على احترامنا لتعهداتنا والتزاماتنا مع الدولة،ومع المشاهد أو المستمع المفترض ، وفي بعض المحطات طالما تبرمنا نحن كصحفيين إذاعيين من إصرار هذه المؤسسة على لعب دور “الدركي” خاصة حين يتعلق الأمر بالاستحقاقات الانتخابية وحثها لنا على احترام “كوطا” ولوج كل الأحزاب السياسية إلى وسائلنا الإعلامية وهي لعمري من نقاط الاختلاف التي كنت ولا أزال رافضا لها ،حيث يطلب منك التعاطي مع هيئات حزبية لا تفتح مقراتها إن وجدت لها مقرات إلا حين يتعلق الأمر بموسم الانتخابات وهو أمر فيه الكثير من النقاش ويحتاج الى تغيير جوهري في طريقة وطبيعة وحجم تدخل الهاكا التي لم تتوانى في كثير من الأحيان في توجيه الإنذارات واستعمال سلطتها حد الزجر والعقاب. وتلك من الأمور التي يجب تداولها في نقاش مهني وهو النقاش الذي تم تجاوزه أثناء مناقشة القانون المنظم لمهنة الصحافة في المغرب والذي سارت بذكره الركبان وتم فيه التغاضي عن ماهية الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، الهيأة التقريرية الاستشارية التي انضافت في غفلة من الجميع إلى المؤسسات الدستورية المحدثة في البلاد .
مبرر وجود هذه “الهاكا” يبقى ناقصا مادام تحرير القطاع السمعي البصري في المغرب ناقصا ، وحين أقول ذلك فإنني أشير رأسا الى القنوات التلفزية الخاصة التي لم ترى النور بعد ولا يبدو أن امكانية ذلك ممكنة على الاقل في الواقت الراهن .
تحرير القطاع أمر لا يتجزأ وحين يصمت “حكماء” الهاكا عن الموضوع فانه صمت الذي لا يملك حيلة أمام “القبضة” القوية التي تتحكم في الموضوع وتتحكم أساسا في تعيينات رجالات ونساء هذه الهيأة ، وهي تعيينات سوريالية وغير مفهومة في أحيان كثيرة ويجب القطع معها حتى تتحمل هذه المؤسسة مسؤوليتها الدستورية على أكمل وجه.
احتكار الدولة للقطاع التلفزي احتكار لم يعد مقبولا لأنه يناقض بالأساس مبرر وجود مؤسسة دستورية كالهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ، ويناقض ثانيا المسارات التي قطعها المغاربة في هذا الباب ..الباب الذي لم يعد مستساغا أن يبقى مواربا ، عليه أن يفتح على مصراعيه حتى يتمكن المغرب من دخوله وقوفا وليس انحناء .