
أطلقت رئاسة الحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، مرحلة جديدة في تطوير قطاع ترحيل الخدمات (Offshoring)، من خلال منشور جديد يعوّض المنشور رقم 08/2022 ويقدم منظومة متكاملة من الإصلاحات المالية والتنظيمية والمؤسساتية، بهدف رفع جاذبية المغرب واستقطاب استثمارات كبرى وخلق مناصب شغل مستقرة.
ويأتي هذا التحديث في سياق تنزيل رؤية “المغرب الرقمي 2030” التي تسعى إلى ترسيخ موقع المملكة كفاعل أساسي في الاقتصاد الرقمي العالمي، مع توقعات بإحداث آلاف مناصب الشغل عالية القيمة ورفع العائدات الرقمية خلال السنوات المقبلة.
منحة تشغيل جديدة… 17% من الدخل السنوي لكل منصب دائم
من أبرز مستجدات المنشور، إحداث منحة تشغيل مبتكرة تمنح للمقاولات بنسبة 17% من الدخل الإجمالي السنوي الخاضع للضريبة عن كل منصب شغل دائم يتم الحفاظ عليه لمدة لا تقل عن 18 شهراً، في خطوة تهدف إلى دعم التشغيل المستدام ورفع جاذبية بيئة الأعمال في المغرب.
كما تمت إعادة هيكلة منحة التكوين لتُحتسب بنسبة 3.5% من الدخل الإجمالي السنوي، بهدف تقوية مهارات الموارد البشرية الوطنية ورفع تنافسيتها داخل القطاع.
تحفيزات جبائية وجيل جديد من آليات الحكامة
وأولى المنشور أهمية خاصة للجانب الجبائي باعتباره حجر الأساس لجاذبية القطاع، حيث تم تمديد الامتيازات المتعلقة بالضريبة على الدخل (IR) والضريبة على الشركات (IS) مع إدخال تعديلات طفيفة لضمان انتشار الاستثمار على مختلف الجهات وتحقيق عدالة مجالية حقيقية.
على مستوى الحكامة، تم إعادة هيكلة لجنة القيادة (COPIL) وتوسيع صلاحياتها لتشمل تتبع العرض الوطني والمصادقة على تأهيل المنصات الصناعية، إضافة إلى تقوية دور اللجنة التقنية (CTO) التي أُسندت رئاستها حصرياً للقطاع المكلف بالانتقال الرقمي، مع إدماج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ضمن عضويتها.
وتكلف اللجنة التقنية بدراسة طلبات الاستفادة من المنح، والبت في التحفيزات الجبائية، ومنح شهادات الأهلية لجميع شركات ترحيل الخدمات داخل المنصات أو خارجها.
شباك وحيد وتبسيط شامل للمساطر
وحافظ المنشور على آلية الشباك الوحيد داخل المنصات المندمجة، التي تجمع ممثلي المراكز الجهوية للاستثمار ووكالة “أنابيك” والجهات المدبرة للمنصات، بهدف تسهيل المساطر وتوفير مواكبة فعالة للمستثمرين من مرحلة الإنشاء إلى التشغيل.
رؤية ملكية.. وقطاع واعد
ويؤكد المنشور أن هذه الإجراءات تستند إلى الرؤية الملكية الرامية إلى اعتماد قطاع ترحيل الخدمات كرافعة استراتيجية للنمو وخلق فرص الشغل المؤهلة وتعزيز تموقع المغرب عالمياً.
كما يعكس هذا التوجه إدراكاً متزايداً للأهمية الاقتصادية للقطاع، الذي أصبح اليوم مصدراً كبيراً للقيمة المضافة ومرتعاً للفرص الاستثمارية بفضل الموقع الجغرافي المتميز للمغرب ومهاراته البشرية متعددة اللغات وتنافسية بنيته التحتية التكنولوجية.
خطوة نوعية نحو تعزيز مكانة المغرب في الاقتصاد الرقمي العالمي
يمثل هذا المنشور تحولاً نوعياً في مسار تطوير قطاع ترحيل الخدمات، من خلال مقاربة تجمع بين التحفيزات المالية، تبسيط المساطر، تعزيز الحكامة، والارتقاء بالرأسمال البشري، مما يعزز طموح المغرب في ترسيخ مكانته كقطب رقمي إقليمي رائد في إفريقيا والمتوسط.



