
فاز الحزب الليبرالي الكندي، بقيادة زعيمه الجديد مارك كارني، في الانتخابات الفدرالية التي جرت يوم الاثنين، عقب منافسة شديدة مع الحزب المحافظ.
وحقق الليبراليون بهذا الانتصار عودة لم تكن متوقعة قبل أشهر قليلة فقط، حين كانت كافة استطلاعات الرأي تتوقع فوزا ساحقا لحزب المحافظين.
++ فوز لم يكن متوقعا قبل أشهر
فبعد أن نفد صبر الكنديين من أداء الحكومات الليبرالية المتعاقبة، بدا أنهم مستعدون لطي الصفحة واختيار المحافظين وزعيمهم بيير بوالييفير، السياسي المتمرس الذي تم انتخابه لأول مرة لعضوية البرلمان حين كان في سن الخامسة والعشرين.
بيد أن استقالة جاستن ترودو، الذي تدنت شعبيته وتعرض للانتقادات بعد عشر سنوات أمضاها في السلطة، وانتخاب مارك كارني زعيما لليبراليين، أدى إلى تغيير الوضع بشكل كامل.
كما ساهمت عوامل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتهديدات الجمركية، وكذا دعوات قاطن البيت الأبيض إلى ضم كندا لتصبح الولاية الأمريكية الـ51، في التأثير على قرارات على الناخبين، الذين يبدو أنهم أداروا ظهورهم للحزب الديمقراطي الجديد. هذا الحزب كان الخاسر الأكبر في الانتخابات، مما دفع زعيمه جاغميت سينغ، الذي مني كذلك بهزيمة ساحقة في دائرته الانتخابية، إلى الإعلان عن عزمه الاستقالة من منصبه زعيما للحزب.
وهيمن مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة على مجريات الحملة الانتخابية، حيث استأثر بالاهتمام على حساب قضايا أخرى كانت تكتسي أهمية أكبر بالنسبة للكنديين، من قبيل أزمة الإسكان، وارتفاع تكاليف المعيشة، والهجرة.
وانعكس الاهتمام المتزايد للكنديين بهذا الاقتراع من خلال نسب التصويت المبكر، الذي عرف مشاركة قياسية بلغت 7.3 مليون شخص، أي ما يناهز ربع العدد الإجمالي للناخبين المسجلين.
++ مارك كارني يطمئن الكنديين
تمكن الحزب الليبرالي، بقيادة كارني، المحافظ السابق للبنكين المركزيين في إنجلترا وكندا، من الوصول إلى بر الأمان.
ويرى العديد من المحللين أن مساره المهني الاقتصادي وطباعه الهادئة “البريطانية” وخبرته السابقة على رأس بنكين مركزيين، ساهم على ما يبدو في طمأنة الكنديين في ظرفية تتسم بعدم اليقين، فيما تلوح في الأفق حرب الرسوم الجمركية مع واشنطن، التي فرضت تعريفات جمركية على المنتجات الكندية، بما في ذلك الصلب والألمنيوم، القطاعان الرئيسيان بالنسبة لاقتصاد البلاد.
وفي مواجهة التهديدات الجمركية للولايات المتحدة، التي تعد وجهة لأزيد من ثلاثة أرباع الصادرات الكندية، دعا الزعيم الليبرالي إلى تنويع الشركاء التجاريين وإلغاء الحواجز التجارية بين المقاطعات بهدف تقوية المبادلات بين مختلف مناطق البلاد.
خلال الحملة الانتخابية، نجح كارني في النأي بنفسه عن حصيلة عمل ترودو، كما استطاع إبراز أهمية خبرته الاقتصادية في هذه الظرفية العصيبة.
وفي ظل حكومة أقلية، سيكون الطريق صعبا أمام المحافظ السابق لبنك كندا، إذ سيضطر إلى التحالف مع الحزب الديمقراطي الجديد أو كتلة كيبيك من أجل البقاء في السلطة.
كما سيتعين على الحكومة الجديدة أن تنكب بشكل آني على العديد من القضايا الملحة، لاسيما العلاقات مع الجارة الجنوبية وسبل تخفيف آثار التعريفات الجمركية الأمريكية، التي تهدد آلاف الوظائف في البلاد.