حتى لا تختلط المفاهيم على البعض … لا بد من إبداء بعض الملاحظات الأساسية، بموازاة نقاشاتنا الجارية…

بقلم : يونس التايب
الوطنية ليست نقطة ثابتة … بل، هي مسار طويل لا تتوقف ديناميكيته … مسار يتجسد عبر الإخلاص للوطن و ثوابته، و العمل مع الناس من أجل خيره و صلاح أهله …
و بالتأكيد، ليست الوطنية أصلا تجاريا حصريا يمتلكه البعض دون غيرهم، و يوزعون شهادات حسن السيرة و السلوك الوطني، كما يشاؤون و على من يشاؤون …
و الوطنية ليست هي التطبيع مع الظلم و كل السلوكات السيئة في التدبير و الأخلاق و المواقف …
و لا الوطنية هي التطبيع مع التخوين و التشكيك في النوايا و الطعن في ذمم من نختلف معهم في الاجتهاد و قراءة الأحداث …
و أهم شيء هو أن الوطنية ليست هي أن تطلق على شخص صفة “عميل لحساب جهة ما …” أو صفة “خائن” … و امتلاك تلك القناعة في حق الغير، يستوجب بمقتضى القانون التوفر على سلطة الشرطة القضائية أو سلطة النيابة العامة، بما يمنحه ذلك من شرعية التحرك لتصحيح وضع مختل …
أما نشر التهم باعتبارها “حقيقة مطلقة”، فذلك يعني أننا نتوفر على سلطة القضاء و القضاء نحن …! وهذا غير صحيح بتاتا … !!!
لذلك، أتسائل كيف يستطيع البعض اتهام من يختلفون مع مواقفهم، بتهمة ثقيلة من قبيل (الخيانة / العمالة) و هم لا يملكون دليلا واحدا على ذلك، سوى “تمايز القراءات” و اختلاف الاجتهادات بخصوص أحداث وقضايا معينة …!!؟؟؟؟ …
من كان متأكدا من التهم التي يطلقها في حق غيره، يجب أن يتوفر على أدلة ملموسة عليه أن يبادر إلى تسليمها للنيابة العامة، تبليغا عن جريمة و مساهمة في حماية الوطن ….
غير ذلك، فالصمت عن إطلاق التهم الغليظة أفضل و أكرم … لأن مؤسسات الدولة، وسلطاتها القضائية، لديها من الكفاءة ما يمكنها من أن تقوم بعملها، وهي أقدر على ذلك من أي كان …
غير ذلك، عبث كبير و فتنة تسيء للوطن و لقيمة الوطنية …
قبل هذا و ذلك، هل يعي البعض أن الذي يتم اتهامه دون حجة ودليل، يمكنه أن يتابعه بتهمة التشهير ؟؟
ماذا نريد بالضبط ؟؟ هل نريد تطبيق القانون و بناء مجتمع يعي فيه الناس حقوقهم، و يقفون عندها دون تجاوز و لا تفريط؟؟ أم ماذا نريد ؟؟
نحن نحتاج إلى كثير من الجدية في نقاشاتنا… و سيكون مفيدا لكي يظل جو الحوار إيجابيا و نافعا لمصالح الوطن والمواطنين …
كما أن احترامنا لتلك القيم، هو الشرط لنحافظ على احترام الناس لآرائنا و مواقفنا، حتى لو اختلفنا معهم في القراءات ….
بشكل قطعي، الاختلاف مع الغير رحمة، و في المجال العام هو فرصة لتجويد اجتهاداتنا و بناء قناعاتنا بشكل يستفيد من الذكاء الفردي لبناء ذكاء جماعي واعي و مسؤول …
اختلافنا في الرأي و الاجتهاد و المواقف، تجيز لنا أن ننتقد بعضنا البعض، بل يمكن أن ننفعل و نرفع الأصوات … لكن ذلك لا يعني أن من حقنا ممارسة التخوين أو التشكيك في وطنية الغير، و الطعن في نواياهم.
أما إذا كنا نستسهل ممارسة التخوين و نعتقد باستحقاقنا لتوزيع صكوك الوطنية، فعلينا أن نقبل، نحن أيضا، أن يتم تخويننا و التشكيك في نوايانا، و الطعن في ذممنا … !!!! …
فهل ذلك ما نريده بالفعل …؟؟؟
#المغرب_كبير_على_العابثين
#عاش_المغرب_ولا_عاش_من_خانه
و … #سالات_الهضرة