
كانت منطقة القبائل التي تضم قرى ومدنا جبلية تقع شرق الجزائر العاصمة، في طليعة النضال من أجل الهوية واللغة الأمازيغية منذ ستينات القرن الماضي. و تم إنكار هذه الهوية لفترة طويلة لا بل قمعها من قبل الدولة الجزائرية التي قامت على الهوية العربية.
في العام 1963، بعد عام على الاستقلال، أسس النائب الأمازيغي وأحد قادة حرب الاستقلال حسين آيت أحمد، المتمرد على سلطة أحمد بن بلة وهواري بومدين، جبهة القوى الاشتراكية، التي تدافع عن الهوية الأمازيغية والديمقراطية. وشن تمرد ا مسلح ا في منطقة القبائل، فقمعته السلطة بشدة واتهمت مقاتلي جبهة القوى الاشتراكية بـ “الانفصالية”.
في 1980، كان شكل منع محاضرة للشاعر الأمازيغي مولود معمري بداية “الربيع الأمازيغي”، وهو سلسلة من التظاهرات في منطقة القبائل والجزائر العاصمة للاعتراف بالأمازيغية “لغة وطنية”.
اقتحمت قوات الأمن حرم جامعة تيزيوزو أهم مدن منطقة القبائل الكبرى، وأصيب العشرات من الطلاب.
اعتبارا من العام 1988 ومع الاعتراف بالتعددية السياسية، أظهرت السلطة بعض التسامح مع “الحركة الثقافية البربرية(الأمازيغية)” التي قادت الحركات الاحتجاجية، وفي العام التالي، أسس سعيد سعدي مع مناضلين من هذه الحركة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وهو حزب علماني معارض.
في ربيع العام 1995، في خضم الحرب الأهلية، دعت الحركة البربرية إلى مقاطعة الدراسة. فاندلعت تظاهرات حاشدة وإضرابات عامة في منطقة القبائل “من أجل الثقافة الأمازيغية وضد الإرهاب”.
وغالبا ما عارضت منطقة القبائل السلطة المركزية وكانت في طليعة النضال من أجل الهوية الأمازيغية، لكنها كانت أيضا معادية للتطرف الإسلامي.
فشلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الحصول على موطئ قدم فيها العام 1990 عندما فازت بغالبية المجالس البلدية والولائية في غالبية مناطق البلاد.
عندما اندلعت الحرب الأهلية العام 1992، بقيت المنطقة بمنأى عنها في البداية. لكن مع تضاريسها الجبلية التي يصعب الوصول إليها، استحالت معاقل “أمراء” الجماعات الإسلامية المسلحة التي ضاعفت الاعتداءات ضد قوات الأمن خصوصا.
منطقة القبائل هي منطقة جبال وغابات تمتد شرق الجزائر العاصمة، من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الهضاب العليا في سطيف.
وهي موطن لأكبر عدد من الأمازيغ في الجزائر التي تضم نحو 10 ملايين ناطق باللغة الأمازيغية، ما يعادل ربع السكان وهم القبائل، والمزابيون في وادي ميزاب (في الوسط) ، والشاوية في الأوراس (الشرق) أو الطوارق (جنوب).
منذ تسعينيات القرن الماضي، أظهرت الدولة بعض الانفتاح بعدما رفضت طويلا مطالب القبائل والأمازيغ على نطاق أوسع.
في نهاية العام 1996، كرس دستور جديد الأمازيغية كأحد “المكونات الأساسية” للهوية الوطنية الجزائرية إلى جانب العروبة والإسلام.
في بداية العام 2016، حصل الأمازيغ في الجزائر على الاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية، بدرجة أقل من اللغة العربية التي تظل اللغة الرسمية للدولة.
البربر، الذين يسمون أنفسهم “الأمازيغ”، والأمازيغي يعني في لغتهم “الرجل الحر”، هم من سكان شمال إفريقيا الأصليون.
وتقلصت أراضيهم التي كانت تضم جزر الكناري وواحة سيوة المصرية، وسواحل البحر الأبيض المتوسط وأقاصي إفريقيا جنوب الصحراء، بشكل كبير منذ القرن السابع بعد الفتوحات الإسلامية وحملات التعريب.
في المغرب، البلد الذي يضم أكبر عدد منهم، أقر قانون في العام 2019 لتعميم اللغة الأمازيغية، بعد ثماني سنوات من الاعتراف بها كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في الدستور الجديد. لكن أصواتا كثيرة تطالب بمزيد من الحقوق، مثل جعل “يناير” يوم عطلة .
في ليبيا، يطالب الأمازيغ، الذين تعرضوا للاضطهاد في ظل النظام السابق لمعمر القذافي الذي أنكر وجودهم، بـ “الحق” في إضفاء الطابع الرسمي على لغتهم، تمام ا مثل اللغة العربية، والتمثيل العادل في البرلمان.
أخير ا في تونس ، تندد الأقلية الناطقة باللغة الأمازيغية بعدم الاعتراف بخصوصياتها الثقافية.