
جدد عشرات الآلاف من مناصري حزب الله الأحد خلال مراسم تشييع حاشدة للأمين العام السابق حسن نصرالله في جنوب بيروت، تأكيد ولاءهم للحزب، بعدما مني خلال الأشهر الماضية بخسائر كبرى خلال مواجهته الأخيرة مع اسرائيل.
وقتل نصرالله عن 64 عاما بضربة إسرائيلية استخدمت فيها أطنان من المتفجرات على مقره الواقع تحت الأرض في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، في 27 سبتمبر 2024.
وافترش عشرات الآلاف من مناصري الحزب مدينة كميل شمعون الرياضية في جنوب بيروت، حيث ر فعت صور عملاقة لنصرالله والقيادي البارز في الحزب هاشم صفي الدين، الذي قتل كذلك بضربة إسرائيلية في الثالث من /أكتوبر في ضاحية بيروت الجنوبية.
وأعلن الحزب أنه كان قد انتخب قبل مقتله أمينا عاما للحزب خلفا لنصرالله.
وبعد بدء مراسم التشييع، وسط حضور رسمي محلي وخارجي، شق نعشا نصرالله وصفي الدين، محمولين على شاحنة رفعت العلم اللبناني وراية حزب الله، طريقهما الى أرض الملعب على وقع هتافات عشرات الآلاف من المناصرين الذين صدحت حناجرهم “لبيك يا نصرالله” و”إنا على العهد يا نصرالله”، الشعار الذي اختاره حزب الله للتشييع.
ولف النعشان براية الحزب الصفراء وأحيطا بزهور حمراء وبيضاء. ووضعت عمامة سوداء فوق كل نعش.
وشاهد مراسلو فرانس برس نساء ورجالا وهم يرفعون صور نصرالله ويذرفون الدموع أثناء بث مقتطفات من خطاباته السابقة، وسط تأثر بالغ.
واكتظت المدينة الرياضية والطرق المؤدية اليها منذ ساعات الصباح الباكر بعشرات الآلاف من مناصري الحزب الذين اتشحوا بالسواد، رافعين صور نصرالله ورايات الحزب الصفراء.
وقال مراسلو فرانس برس إن المدرجات والكراسي التي تمت إضافتها في الملعب، والتي تتسع وفق المنظمين لأكثر من 78 ألفا قد امتلأت تماما.
وفي الساحات الخارجية، تم تخصيص 35 ألف مقعد للرجال و25 ألف مقعد للنساء، ضاقت تباعا بمناصري الحزب الذين لم يتمكن كثر منهم من حبس دموعه خصوصا مع بث مقتطفات من خطابات سابقة لنصرالله عبر شاشات عملاقة. وافترش كثر الأرض. كما سار الآلاف في الطرقات المؤدية الى المدينة الرياضية.
وغاب رئيسا الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام عن حضور مراسم التشييع شخصيا. وكلف عون رئيس البرلمان نبيه بري، حليف حزب الله، تمثيله، بينما أوفد سلام وزير العمل محم د حيدر.
وتقدم الحاضرين في مراسم التشييع وفد ايراني رفيع المستوى ضم رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي ونائب قائد الحرس الثوري علي فدوي.
وقالت خلود حمية (63 عاما) على هامش مشاركتها، بعدما جاءت ليلا من منطقة البقاع (شرق) رغم تساقط الثلوج لوكالة فرانس برس “جئنا منذ الأمس لنضمن وصولنا. السيد نصرالله هو حبيب قلوبنا، سيدنا الغالي وعزيز روحنا”.
وأضافت بينما كانت تبكي “لا يعقل أن نتركه في يوم مماثل، حتى لو تساقط الثلج، حتى لو جئنا زحفا لنشارك” في مراسم التشييع.
وبدأت مراسم التشييع التي شل ت البلاد مع اقفال المطار لأربع ساعات وتدفق مناصري حزب الله إلى بيروت من معاقل حزب الله، عند الساعة الأولى ظهرا (11,00 ت غ) في مدينة كميل شمعون الرياضية.
وبعد انتهاء المراسم التي ستتخللها كلمة للأمين العام للحزب نعيم قاسم، يسير المشي عون نحو موقع الدفن المستحدث لنصرالله في قطعة أرض تقع بين الطريقين المؤديين إلى المطار، في حين ينقل صفي الدين الى جنوب لبنان، حيث يوارى الثرى الاثنين في بلدته دير قانون النهر.
واستبقت اسرائيل مراسم التشييع بشنها صباح الأحد غارات عدة على جنوب لبنان واخرى في شرقه، أسفرت عن اصابة فتاة بجروح، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام.
وقالت إسرائيل انها استهدفت “موقعا عسكريا يحتوي على منصات صواريخ وأسلحة.. تم رصد نشاط لحزب الله فيه”، إضافة الى “منصات صواريخ.. كانت تشكل تهديدا وشيكا للمدنيين الإسرائيليين”.
وتعليقا على تشييع نصرالله قال الجيش الاسرائيلي الاحد عبر حسابه على منصة اكس “اليوم هو يوم جنازة حسن نصرالله. اليوم أصبح العالم مكانا أفضل”.
وحلق الطيران الاسرائيلي على علو منخفض فوق بيروت وضواحيها خلال التشييع.
ويشك ل التشييع أول حدث جماهيري لحزب الله منذ المواجهة المفتوحة بين الحزب وإسرائيل التي انتهت بوقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر، وخرج منها الحزب ضعيفا سياسيا وعسكريا.
ودفن نصرالله بعد انتشال جثته “وديعة” في مكان لم يعلن عنه، في انتظار إمكان تنظيم تشييع حافل له، فيما كانت الحرب على أشد ها قبل التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار.
وأفاد المنظمون عن حضور شخصيات رفيعة المستوى من إيران ودول أخرى، بينها العراق، حيث أعلن الحشد الشعبي مشاركة رئيسه فالح الفياض ورئيس أركانه أبو فدك المحمداوي في مراسم التشييع.
وينضوي الحشد الشعبي مع حزب الله وفصائل أخرى موالية لإيران ضمن “محور المقاومة” الذي تقوده طهران.
وقال عراقجي بعد وصوله الى مطار بيروت صباحا إن نصرالله وصفي الدين هما “بطلان للمقاومة”، مؤكدا أن “طريق المقاومة سيستمر”.
وتجري مراسم التشييع وسط تدابير أمنية مشددة اتخذها الآلاف من عناصر الحزب والأجهزة الأمنية اللبنانية. وتم تعليق الرحلات الجوية في مطار بيروت من الساعة الثانية عشرة ظهر الأحد (10,00 ت غ) حتى الساعة 4,00 بعد الظهر.
وكان قاسم دعا مناصري الحزب إلى “مشاركة واسعة” في المراسم، قائلا “نريد تحويل هذا التشييع إلى مظهر تأييد وتأكيد على الخط والمنهج ونحن مرفوعو الرأس”.
وأعرب الباحث سام هيلر من مركز “سنتشوري انترناشونال” لفرانس برس عن اعتقاده أن من المهم لحزب الله أن “يبرهن أنه ما زال قوة اجتماعية وسياسية رئيسية، على الرغم من النكسات التي مني بها” مؤخرا. وقال إن الحزب يريد كذلك أن “يطمئن مناصريه الى أن الحزب ومجتمعه سيستمران، حتى بعد خسارة” قادته.
واكتسب نصرالله مكانة بارزة عربيا إثر انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، إلا أن شعبيته تراجعت تباعا بعد انخراط حزبه في النزاع السوري إلى جانب حليفه بشار الأسد.
وهيمن التنظيم الشيعي الموالي لايران على الحياة السياسية في لبنان لأعوام، ولكن يستمر الانقسام حول دوره إذ يعتبر كثر من اللبنانيين أنه “دولة داخل الدولة”.
وقد حكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في العام 2022 على اثنين من أعضاء الحزب غيابيا بالسجن مدى الحياة بجرم “التآمر.. والتواطؤ في القتل المتعمد” لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في بيروت في 14 فبراير 2005.