المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة يومي الجمعة والسبت 20 و21 دجنبر 2024
طنجة المغرب: سعيد العيدي
تنظم وزارة الداخلية المغربية بشراكة مع جمعية جهات المغرب، أشغال الدورة الثانية للمناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، تحت شعار “الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد” وذلك تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وتهدف هذه التظاهرة التي تشكل ملحمة وطنية تستضيفها مدينة طنجة على مدى يومين “الجمعة والسبت 20 و21 دجنبر الجاري“، إلى تقييم المكتسبات المحققة وتبادل الممارسات الفضلى.
وذكر بلاغ مشترك لوزارة الداخلية وجمعية جهات المغرب أنه من خلال حوار بناء، سيسلط المشاركون الضوء على المبادرات الناجحة والمشاريع المهيكلة التي أنجزتها مختلف الجهات، بهدف تشجيع تبادل الخبرات، واستلهام حلول مبتكرة وملائمة للتحديات الترابية، بالإضافة إلى رسم خارطة طريق واضحة المعالم وملموسة للمستقبل من خلال صياغة توصيات عملية وواقعية لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة وتطلعات المواطنين لتعزيز التماسك الترابي والمساهمة في تنمية مستدامة وشاملة.
وسيشارك في أشغال هذا اللقاء الهام، مسؤولون حكوميون، ورؤساء جهات، ومنتخبون بمجالس الجماعات الترابية وخبراء، بالإضافة إلى فاعلين سياسيين واقتصاديين مغاربة ودوليين ورجال الصحافة والإعلام.
تم أن هذه المناظرة ستشمل ورشات موضوعاتية تستمر لمدة يومين، وتغطي مواضيع استراتيجية مثل الاستثمار الإنتاجي، وتمويل برامج التنمية قصد مواجهة تحديات الغد، وتعزيز الجاذبية الترابية، وإدارة الإجهاد المائي، وتطوير النقل والتنقل، والتحول الرقمي وتسريع الشمول الرقمي للجماعات الترابية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة في الجهات.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه قد سبق هذه المناظرة تنظيم لقاءات تشاورية بمختلف مقرات جهات المملكة حضرها رؤساء الجهات والمنتخبون والولاة والعمال والخبراء، ورؤساء المصالح اللاممركزة، ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم، ورؤساء مجالس الجماعات، ورؤساء الغرف المهنية، وعضوات وأعضاء مكاتب الهيئات الاستشارية، والكتاب العامين لأقاليم الجهات، وفعاليات المجتمع المدني للتحضير والتهييء القبلي والجدي بتقديم العرض التأطيري، حددا فيه مجموعة من الأهداف المتمثلة في تقاسم الإطار العام للنسخة الثانية من المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة مع الفاعلين الترابيين، وتكريس المقاربة التشاركية في كل مراحل الإعداد للمناظرة، وتعميق البحث في الإشكاليات من خلال ربطها بتراكمات التجربة والممارسة الميدانية، واقتراح توصيات قبلية واقعية وقابلة للتحقيق بهدف إدراجها ضمن التوصيات العامة للمناظرة.
كما أن هذه المناظرة الوطنية الثانية حول الجهوية المتقدمة وهذا اللقاء السنوي يشكل كما أشار إلى ذلك السادة الولاة ورؤساء المجالس الجهوية والمتدخلون في اللقاءات التشاورية فرصة هامة لتعميق النقاش وتحديث الرؤى بشأن التحديات الكبرى لتنزيل ورش الجهوية المتقدمة،وأن هذه المحطة تمثل مناسبة سانحة لجميع الفاعلين لطرح مقترحات عملية والخروج بتوصيات واقعية وقابلة للتنفيذ، قادرة على مواجهة الإشكالات المطروحة واقتراح حلول ناجعة وملائمة على المدى القصير والمتوسط، وشددوا على أهمية تسريع وتيرة تنزيل هذا الورش الوطني الكبير، الذي يُعد مشروعًا مجتمعيًا طموحًا، بما ينسجم مع الرؤية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وبما يحقق الغايات النبيلة لهذا الورش الاستراتيجي، وأبرزوا ضرورة العمل المشترك من أجل تجسيد مبادئ الجهوية المتقدمة كرافعة أساسية لتعزيز التنمية المستدامة، والحد من الفوارق المجالية، وتلبية تطلعات المواطنين في إطار مقاربة شاملة ومتكاملة وضرورة تفعيل ورش الجهوية المتقدمة الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده أهمية كبرى باعتباره أحد المشاريع المهمة في مسار التنمية الوطنية وخيارا استراتيجيا في بناء الهيكل الإداري والسياسي بالتوافق مع جوهر الديموقراطية التشاركية، وكذا ضرورة الانسجام بين اللامركزية واللاتمركز الإداري وفق التدرج والتطور في التنزيل الشامل والأمثل للجهوية المتقدمة.
كما أهاب السادة الولاة إلى انخراط كافة الفاعلين في مسلسل التشاور والحوار البناء في إطار المحاور التي تم تحديدها من أجل استخلاص التوصيات لأجل الرقي بالجهوية المتقدمة الهادفة لتحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها. ودعوة جميع الفاعلين إلى تضافر الجهود من أجل تقديم توصيات فعالة ترمي إلى ترسيخ جهوية متقدمة تسهم في تطوير تسويق ترابي مبتكر وتعزيز الجاذبية المجالية للنهوض بجهات المملكةفي مختلف القطاعات، وأكد المشاركون أن تنفيذ هذه التوصيات سيساهم في تحقيق التوازن التنموي والاقتصادي بين جهات المملكة من جهة، بالإضافة إلى تحفيز التنمية المحلية بما يتناغم مع المركزية من جهة أخرى، مما سيعزز التكامل بين مختلف الأقاليم والجهات ويسهم في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة على المستوى الوطني.
واستحضر المشاركون فحوى الرسالة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده الموجهة إلى المشاركين في أشغال المناظرة الأولى المنظمة بمدينة أكادير سنة 2019 والتي من ضمن ما جاء فيها كون أن : “المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة تشكل فرصة متميزة للتفكير العميق والبحث البناء، والحوار الجاد من أجل تشخيص دقيق لحصيلة تفعيل ورش الجهوية المتقدمة والخروج بتوصيات عملية، من شأنها كسب رهان التنمية الجهوية والمساهمة في الحد من الفوارق، وتحسين جاذبية وتنافسية المجال الترابي: وكذا ضمان الانفتاح على آليات عصرية للحكامة المالية وتأمين فعالية كل أشكال الديمقراطية التشاركية، وجعلها رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المندمجة والمستدامة“.
واختتمت اللقاءات التشاورية الجهوية وأسفرت عن عرض خلاصة المناقشات العامة وطرح مقترح توصيات والمخرجات التي من المقرر رفعها إلى أشغال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة،ودعوة انخراط كافة الفاعلين في مسلسل التشاور والحوار بغية تحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها.
كما أن المناظرة تشكل فرصة للجمع والاطلاع على انتظارات جميع الفاعلين والمتدخلين المحليين والجهويين في القطاعين العام والخاص، والتي سيتم خلالها تحليل الواقع، والوقوف على الرهانات الاساسية ذات الأولوية بجهات ومناطق المملكة واقتراح الحلول القادرة والكفيلة على جعل التنمية الجهوية تنمية شاملة ومتوازنة ومستدامة، وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة وأن هذه المناظرة ستمكن من تحديد التدابير الواجب اتخاذها لتعزيز التنمية الجهوية والحكامة القادرة على تكريس العدالة الاجتماعية، ودعم التنمية البشرية، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، وضمان حق الأجيال القادمة في التنمية. وسيكون بمثابة منصة لتعميق النقاش وتبادل وجهات النظر مع الفاعلين على المستويين المركزي والجهوي، يروم إرساء أسس تنمية جهوية أكثر استدامة في جميع المجالات التنموية.
وفيما يلي تذكير لأهم المخرجات والتوصيات ال 12 المنبثقة عن المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة بمدينة أكادير والتي تتمثل في ما يلي:
1 – تعزيز آليات التخطيط الترابي في تناسق مع السياسات العامة للدولة في مجال إعداد التراب، والعمل على التقائية وتناسق برامج التنمية الجهوية فيما بينها ومع المخططات القطاعية.
2 – تبني العدالة المجالية كأولوية في السياسات العمومية والترابية من أجل تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
3 – دعوة الجهات إلى الانخراط في التنزيل الفعلي للمبادئ والأهداف التي حملتها المنظومة الجديدة للتدبير الميزانياتي والمالي باعتماد البرمجة متعددة السنوات التي تستحضر شروط الفعالية والنجاعة والجودة.
4 – حث الدولة على مواصلة مبادراتها لدعم قدرات الجهات في مجال الحكامة والتدبير المالي، والعمل على تنويع مصادر تمويل الجهات عبر حلول مبتكرة من أجل تمويل برامجها الاستثمارية.
5 – إبرام عقود برامج بين الدولة والجماعات الترابية حول الاختصاصات المنقولة لضمان مشاركة الجميع في برامج التنمية الجهوية وتعبئة الموارد الكافية لتنفيذها.
6 – ضمان انخراط المصالح المركزية للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية في تنزيل ميثاق عدم التركيز من خلال إعطاء المزيد من الصلاحيات وتحويل الموارد الكافية للمصالح الخارجية قصد تمكينها من القيام بالمهام الموكولة إليها بشكل فعال وناجع.
7 – فتح الورش المتعلق بالملاءمة التشريعية والتنظيمية للاختصاصات المخولة لمختلف القطاعات الوزارية ذات الصلة باختصاصات الجهة المتعلقة بنفس الميادين.
8 – تحديد حد أدنى مشترك من الاختصاصات التي يتعين البدء بنقلها إلى الجهات، مع إعطاء الأولوية للصلاحيات المرتبطة بمجالات وخدمات تهم مباشرة المواطنين وتؤدي إلى تحسين مستوى عيشهم.
9 – دعم قدرات الجماعات الترابية حول آليات الديموقراطية التشاركية والإعلام والتواصل مع المواطنات والمواطنين والمجتمع المدني.
10 – تعزيز انفتاح الجهة على المواطن والمجتمع المدني لتمكينه من المساهمة بصفة عامة في التنمية الجهوية الدامجة.
11 – الرفع من القدرات التدبيرية لإدارة الجهة عبر تمكينها من استقطاب كفاءات عالية تهم اختصاصات الجهة، وتعزيز جاذبية إدارة الجهة عبر اعتماد نظام أساسي خاص بموظفي الجماعات الترابية يأخذ بعين الاعتبار خصوصيتها وطبيعة المهام الموكولة إليها.
12 – إرساء آليات الحكامة وتفعيل آليات التنسيق والتواصل بين إدارة الجهة وكافة المتدخلين.
ولكل غاية مفيدة فقد نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطلع شهر دجنبر الحالي أخبار تشير أن مصادر أفادت كون وزارة الداخلية المغربية تستعد لإطلاق مسودة تقسيم إداري جديد، تتطلع من خلاله إلى إعادة رسم الخريطة الجهوية للمملكة، بتقليص عدد الجهات من 12 إلى 09 جهات بعدما كانت في السابق 16 عشر جهة، وخلق عمالات وأقاليم جديدة، مع ضم وفصل بعض الأقاليم في إطار رؤية استراتيجية تمتد بين 2027 و2030.
هذا التعديل المرتقب حسب زعمهم يهدف إلى تحقيق توزيع أكثر عدالة وفعالية للموارد، وتقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الجهات، مع تعزيز الحكامة الترابية لمواجهة التحديات الراهنة واستجابة لمتطلبات التنمية المستدامة. ويأتي هذا التوجه في سياق رؤية شمولية تسعى إلى تعزيز التناسق بين الجهات وربطها بالمشاريع الوطنية الكبرى، بما فيها التحضير لاستضافة مونديال 2030.
وبحسب مصادر مطلعة، تستند المسودة الجديدة إلى معايير جغرافية، اقتصادية، وسكانية دقيقة، لضمان تقسيم إداري يسهم في تعزيز الانسجام والتكامل بين الجهات، وجعلها أكثر قدرة على تحقيق التنمية الشاملة.
وفيما ينتظر الجميع الإعلان الرسمي عن هذه التعديلات أو نفيها، تترقب الأوساط المهتمة بالشأن المحلي تأثير هذه الخطوة على الخارطة الإدارية والتنموية للمملكة، وسط آمال عريضة بأن تُشكل قفزة نوعية نحو مغرب أكثر تنافسية وتكاملًا.
وتشكل هذه المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة خطوة مهمة في مسار تشبيك جهود المتدخلين، على المستويين المركزي والجهوي، بهدف إرساء أسس تنمية أكثر استدامة في أفق تحقيق حكامة جهوية ترابية، مالية، مجالية وتنموية.