حل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمس الخميس الى سان بطرسبورغ، لتمثيل الملك محمد السادس في القمة الثانية روسيا-افريقيا.
وانطلقت أشغال القمة الثانية والمنتدى الاقتصادي روسيا-افريقيا، أمس بسان بطرسبورغ، بحضور قادة دول وحكومات ووزراء 49 بلدا افريقيا، حسب الكرملين.
ويضم الوفد المغربي المشارك في القمة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة وسفير المغرب بروسيا، لطفي بوشعرة.
وبعد دورة أولى في سوتشي سنة 2019، تطمح القمة الروسية الافريقية الى تعزيز الشراكات في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والانسانية.
ويضم البرنامج الرسمي لهذا الحدث الذي يتواصل يومي 27 و28 يوليوز، أزيد من 50 جلسة ومائدة مستديرة بمواضيع متنوعة تهم أساسا الطاقة والسيادة الغذائية.
بدوره تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في افتتاح قمة روسية-إفريقية في سان بطرسبرغ، تسليم الحبوب بشكل مجاني إلى ست دول أفريقية، وسط مخاوف سائدة بعد انتهاء مفاعيل اتفاقية أتاحت تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية.
وقال بوتين في خطاب افتتاح القمة إن موسكو ستكون قادرة على تسليم 50 ألف طن من الحبوب مجانا إلى ست دول منها زيمبابوي والصومال واريتريا، بالإضافة إلى ثلاث دول تقربت من روسيا في السنوات الاخيرة هي مالي وبوركينا فاسو وجمهورية افريقيا الوسطى.
والأسبوع الماضي، تخلت موسكو عن اتفاقية مهمة أتاحت لأوكرانيا منذ صيف العام 2022 أن تصدر، بما في ذلك إلى إفريقيا، حبوبها عبر البحر الأسود، رغم الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية، وهو ما ساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية واستبعاد مخاطر الشح.
في خطابه الخميس، برر بوتين هذا القرار مؤكدا أن الدول الغربية “عرقلت” تسليم الأسمدة والحبوب الروسية.
من جهتها، اتهمت المتحدثة باسم الجيش الأوكراني ناتاليا غومينيوك موسكو بالسعي إلى “احتكار الحبوب” في توقيت تعاني فيه كييف ضعفا على صعيد الدفاعات الجوية لصد الضربات الروسية التي تستهدف البنى التحتية لموانئها.
في سان بطرسبرغ، العاصمة الإمبراطورية الروسية السابقة، يتوقع حضور وفود من 49 دولة إفريقية تضم 17 رئيس دولة خصوصا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا، رغم “ضغوط غير مسبوقة” يمارسها الغربيون، وفقا للكرملين، لثني الأفارقة عن الحضور.
وفي هذه النسخة الثانية من القمة، بعد نسخة أولى في العام 2019، يعقد بوتين محادثات ثنائية مع عدد من القادة، على أن يتولى الكلام في جلسة عامة.
ومن بين القادة المتوق ع أن يشاركوا في القمة، رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا الذي سيبحث مع بوتين في التدابير الرامية لتوفير “ظروف مواتية لفتح طريق نحو السلام بين روسيا وأوكرانيا”.
وسيتم أيضا التطرق إلى الوضع في النيجر بعد اعلان عسكريين انقلابيين عبر التلفزيون الوطني مساء الأربعاء الإطاحة بالرئيس المنتخب ديموقراطيا محمد بازوم، الذي يتولى السلطة منذ العام 2021.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه سيتم التطرق إلى هذه المسألة “بنشاط” على هامش القمة.
وأضاف “سيتم على الأرجح مناقشة ذلك بطريقة ما خلال الأحداث المركزية للقمة التي ستعقد غدا. واليوم ايضا”.
ودعت وزارة الخارجية الروسية الخميس إلى “حوار بناء وسلمي” في النيجر، وأملت في “الإفراج السريع” عن بازوم.
وبعد مالي وبوركينا فاسو، أصبحت النيجر (حليفة الدول الغربية حتى الآن) ثالث دولة في منطقة الساحل تشهد انقلابا منذ العام 2020، فيما تقو ضها هجمات جماعات مرتبطة بتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
وقد تقرب العسكريون الانقلابيون الذين استولوا على السلطة في واغادوغو وباماكو من شركاء آخرين خصوصا روسيا، ما أثار حفيظة الغربيين.
في الأيام الأخيرة، حاولت روسيا طمأنة شركائها الأفارقة، قائلة إنها تتفهم “قلقهم” بشأن هذا الموضوع، مؤكدة استعدادها لتصدير حبوبها “مجانا” إلى البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها.
وقال فسيفولود سفيريدوف الخبير في مركز الدراسات الإفريقية في كلية موسكو العليا للاقتصاد لوكالة فرانس برس، إنه بالنسبة إلى موسكو وشركائها، “من الضروري إيجاد أرضية مشتركة، وشرح وجهات النظر (…) حول القضايا الحالية، مثل اتفاقية الحبوب على سبيل المثال”.
وأضاف أنه بشكل عام، فإن “الإطار الذي تتفاعل فيه روسيا مع إفريقيا تغي ر بشكل عميق”، في ظل جائحة كوفيد-19 والصراع في أوكرانيا. وتابع “لذا، من الواضح أنه يجب وضع تعريف جديد (لهذه) العلاقات”.
والتقى بوتين الأربعاء رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، ثم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشيدا بمشاريعهما المشتركة في مجال الطاقة.
والخميس قدم بوتين مروحية لرئيس زيمبابوي إيمرسون منانغاغوا المشارك في القمة.
وقال المتحدث باسم الحكومة نيك مانغوانا إن “هذا الطائر سيحلق قريبا في سمائنا”.
وسعت روسيا في السنوات الأخيرة إلى تعزيز علاقاتها مع إفريقيا، خصوصا عبر وجود مجموعة “فاغنر” المسلحة في القارة.
وفي إشارة إلى هذا الاهتمام، قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بجولتين في القارة منذ مطلع السنة، في محاولة لجذبها إلى معسكر موسكو، مقدما ذلك على أنه حصن في وجه “الإمبريالية” و”الاستعمار الجديد” الغربي.
غير أن تمرد فاغنر في يونيو يلقي بظلال من الشك على مستقبل عملياتها في القارة.