ثقافات وفنون

رسالة امتنان واعتراف ..صلاح بوسريف يراسل أستاذه عبد الله الخياري

رسالة مفتوحة الأستاذ عبد الله الخياري.

تحية التقدير والامتنان.

سعيد باللقاء بك بعد خمسة وأربعين سنة من الغياب، منذ كنت واحدا من التلاميذ الذين درستنا لأول مرة الفلسفة، بل عرفنا الفلسفة من خلالك، وربطنا الفلسفة بك، لما كان فيك من وقار الأستاذ، من كان، رغم ما كنا فيه يأس نحن من طردنا من التعليم العام، يأخذ بأيدينا، ويزج بنا في ماء الفلسفة، حتى والغرق في كامن في طريقنا. فأنا كنت، بين كل ما درسناه، أنتظر درس الفلسفة بشغف، رغم أن القاعة التي كنا فيها كانت شاسعة، عدد التلاميذ فيها يتجاوز السبعين، فلا أحد، رغم صعوبة التدريس في مدارس التعليم الحر، كان ينبس بكلمة، إلا حين نشرع في النقاش، وطرح السؤال، وما كنا نحمله معنا من كتب الفلسفة التي كنا فيها نتهجى هذا الضوء الذي فتحته في طريقنا، وأتحته لنا، بكل ما فيه من نشوة المعرفة والاكتشاف.

أشكرك على ما أخذته منك، وأعتبر اللقاء بك بعد كل هذا السنوات التي كبرنا فيها معا، هو هبة أخرى من الهبات التي لا تفتأ تمدني بصداقات كل من عرفتهم من المفكرين والفلاسفة المغاربة والعرب

منذ ذلك الحين، وإلى اليوم، بقيت الفلسفة عندي، إلى جانب الشعر، أو الأدب والتاريخ، والعلوم الإنسانية قاطبة، هي ما استمد منه النور والهواء، وما أستنشق به ما استغرقني من كينونة، بها اختلقت وجودي.

أشكرك على ما أخذته منك، وأعتبر اللقاء بك بعد كل هذا السنوات التي كبرنا فيها معا، هو هبة أخرى من الهبات التي لا تفتأ تمدني بصداقات كل من عرفتهم من المفكرين والفلاسفة المغاربة والعرب، فقدري كان أن تكون الفلسفة طريقي إلى الشعر، والشعر طريقي إلى الفلسفة، وهذا ما كان استكنهه هايدغر في كتابات هولدرلين وريلكه، وحل به بعض ما كان يشغله من قلق وأسئلة.

فالشعر والفلسف طريق واحد تتماس فيه المعرفة مع الخيال، وهذا ما لم يدركه من أخطأوا الطريق إلى الشعر، أو رأوه اللغة وهي تتكلم باسمهم، تستعملهم، ولا يستعملونها.

فلك مني التحية والتقدير…

صلاح بوسريف كاتب وشاعر مغربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى