الرئيسيةمنوعات

سياحة : مدينة وزان ..القبلة الروحية النائمة بين جبال الريف + صور

 

مدينة وزان القبلة الروحية التائهة بين جبال الريف الشامخة…يلقبها المغاربة ب “دار الضمانة”لأن زائرها يضمن الاستقرار الروحي والاجتماعي ويتماهى مع مكنوناتها الصوفية حيث أنغام الموسيقى الجبلية وحيث الهدوء والسكينة وحيث أشجار الزيتون وحبات الرمان الذهبي التي تميز المكان .

            يكتبها كل أسبوع : المسافر

وزان كلمة مشتقة من “الوازن” تنطق بتسكين حرف “الزين” بالعامية المغربية  أي صاحب الميزان ، حيث تخبرنا الروايات من داخل المدينة الى أن اصل الاسم يعود لشخص أمامه ميزانا حيث كان التجار ملزمين باللجوء اليه لوزن بضاعتهم وسلعهم فأطلقوا عليه اسم الوازن الذي حملته المدينة في ما بعد .

هذه الرواية تقابلها أيضا رواية أخرى تعيد أصل اسم كلمة وزان الى أصول لاتينية وهو الاسم الاول لولي عهد أحد الاباطرة الرومانيين الذين كانوا قد استوطنوا المنطقة ..روايات متعددة لأصل التسمية لا تسقط عن هذه المدينة التي تقع على مجرى وادي لوكوس في الشمال المغربي اسمها الذي أطلقه عليها المغاربة وهو “دار الضمانة” وهو توصيف صوفي ارتبط بتاريخ هذه المدينة التي كانت باستمرار ملجأ الباحثين عن الراحة الروحية والنفسية من فقهاء وعلماء ومريدين كما كانت ملاذا ايضا للجناة حيث يحتمون بها هربا من الملاحقات القضائية .

يلقبها المغاربة ب “دار الضمانة”لأن زائرها يضمن الاستقرار الروحي

 

 

حي الملاح  

المسافة التي تقطعها للوصول الى هذه المدينة وان كانت طويلة فان تعبها يتبدد فور وصولك اليها حين تطالعك أشجار الزيتون وهي تحيط بالمدينة المدثرة بتاريخ طويل وحين تلتقط اذنيك بعض ترانيم أنغام الموسيقى الجبلية أو حين يهزك صوت الاذان ببحة مؤذن شمالي بديع .

أن تدخل هذه المدينة كأنما دخلت لزمن مضى ، فهذه المدينة القابعة وسط جبال الشمال المغربي لم تتغير كثيرا بحيث حافظت رغم عوامل الزمن وقسوة الطبيعة في هذه المنطقة من المغرب على الكثير من ملامحها القديمة حيث تكشف الأحجار والحيطان عن قدم المدينة وعراقتها ويعكس ذلك بشكل أساسي حي الملاح القديم بهندسته المعمارية المتميزة وهو الحي الذي كان ولازال يجمع كل تلاوين الصناعة التقليدية التي تمتاز بها المدينة حيث دباغة الجلود وصناعة النسيج والنجارة والحدادة والخراطة وحياكة الصوف ، صناعات لازمت هذا السوق لقرون وميزت المدينة وأعطتها فرادتها وفرادة الصانع التقليدي المغربي حيث أبدع اليهود المغاربة حد أن نالوا شهرة واسعة خاصة حين يتعلق الامر بالجلابة الوزانية  التي تعد  من أشهر الأزياء التي تجسد ارتباط ساكنة المدينة ونواحيها بهويتها التقليدية وخصوصيتها الدينية والاجتماعية والمناخية  ايضا باعتبارها زيا تقليديا رسميا لحضور المناسبات الدينية والأعياد والأفراح والأتراح وباعتبارها ايضا أداة فعالة لأتقاء قسوة المناخ في هذه المنطقة الجبلية كما شكلت وتشكل دوما مدعاة فخر واعتزاز للوزانين حسب تعبير أكثر من شخص من المدينة .

الجلابة الوزانية  التي تعد  من أشهر الأزياء التي تجسد ارتباط ساكنة المدينة ونواحيها بهويتها التقليدية وخصوصيتها الدينية والاجتماعية والمناخية

الساعة المتوقفة

 

وسط مدينة وزان توجد الساعة أو “المكانة” كما يطلق عليها المغاربة معلمة تاريخية بدلالات خاصة عند الوزانين لأنها ارتبطت بالاستعمار الفرنسي للمدينة الذي شيد هذه الساعة وجعل لها صفيرا يطلق كلما اقترب موعد اغلاق أبواب المدينة حتى يمكن لزوارها مغادرتها والبحث عن وسيلة لنقلهم الى خارجها حيث لا يمكن المبيت في المدينة إلا لسكانها الاصليين .

وقد أحدثت هذه الساعة في العام 1912 من طرف المستعمر الفرنسي والذي وضع عمرا افتراضيا لها آنذاك مدعيا انها ستعيش 130 سنة أي انها ستسقط في العام 2042  ، أمر لا يقنع سكان المدينة الذين حولوا وظيفة ساعتهم الى خدمة شؤونهم الدينية أساسا حيث جعلوها تطلق صفيرها بموعد الافطار والإمساك في شهر رمضان في اشارة الى ارتباطهم بهذه المعلمة التي يناشدون المسئولين من أجل التدخل لترميمها والعمل على اطالة عمرها حتى تعيش لأجيال قادمة .

الساعة أو “المكانة” وسط المدينة كما يطلق عليها المغاربة معلمة تاريخية بدلالات خاصة عند الوزانين

ملاذ وملجأ لليهود

 

مثلما كانت هذه المدينة ملاذا للهاربين من العدالة ولمريدي الطرق الصوفية كانت أيضا ملاذا وملجأ ليهود الاندلس الذين فروا من بطش الاندلسيين في أواسط وأواخر القرن الرابع عشر حيث استقروا اساسا في حي الملاح الذي يعرف اليوم “ببياضة” وحيث لا يزال هذا الحي يحتفظ بالخصائص المعمارية ليهود الأندلس ٬ بما فيها الكنيس اليهودي الذي يعتبر أقدم المعابد اليهودية بشمال المغرب ، وما تزال المدينة لحد الساعة تحظى بحب وعشق اليهود المغاربة من كل بقاع الدنيا حيث يقصدها مرة في ثلاث السنوات الالاف من اليهود لإحياء موسم “الهيلولة” وهي مناسبة دينية تقام داخل ضريح عمران بن داويد أحد أشهر الاولياء اليهود المغاربة .

ويمارس اليهود خلال هذا الموسم الذي يمتد على مدى اسبوع، عدة طقوس دينية واحتفالية، و أبرزها ليلة «الشعالة» والتي تكون بمثابة الليلة الكبيرة، حيث يقومون بإشعال الشموع بكمية كبيرة و كذلك إضاءة كل القبور بالشموع وجنبات المقبرة والمسالك التي تؤدي اليها وهي المناسبة الدينية اليهودية المشابهة «للحج» بالنسبة للمسلمين .

تحظى وزان بحب وعشق اليهود المغاربة ومن كل بقاع الدنيا  يقصدها مرة في كل ثلاث السنوات الالاف من اليهود لإحياء موسم “الهيلولة”

الجلابة الوزانية

 

وان اشتهرت مدينة وزان بالكثير من الصناعات التقليدية من بنيها دباغة الجلود فان اللباس التقليدي المغربي الجلابة الوزانية يبقى أشهر وأهم الصناعات المحلية التي تميز المنطقة وتعطيها فرادتها خاصة وان المغاربة جميعهم يقبلون على اقتناء هذه الجلابة ويسعون للحصول عليها وفي كل الفصول بالنظر للصوف الرفيع الذي تصنع منه وبالنظر للتناسق الجميل لشكلها ولطبيعة خياطتها حد أن تحولت هذه الحرفة التقليدية العريقة لأهم نشاط تجاري تعرفه المدينة .

فالقطن أو الصوف الذي تحاك منه الجلابة هو صوف المواشي ويمر بمراحل عديدة كما يقول صانع تقليدي من مدينة وزان قبل أن يصبح خرقة حيث يتم غسله وتنقيته من الشوائب، ليمر إلى مرحلة “التبطين” وهي بمثابة “تقرشيل” وهي العملية التي تتولاها النساء أساسا قبل الوصول الى مرحلة  “التبطين” مرحلة “الطليق” على شكل مستطيلات وليتم تدويرها بمغزل للحصول على “سجلة” (كتلة من الخيوط) توضع بـ”شبو” (قصبة)، لتصبح جعبة من الخيوط، وذلك بالاستعانة بآلة تقليدية تسمى “المكبة” لدى العاملين في مجال الدرازة.

مراحل متعددة ومعقدة تمر منها الجلابة الوزانية حتى تصبح جاهزة للباس في شكلها النهائي الذي يميزها خاصة بنوع الخياطة والزركشة المستعملة في صناعتها التي أبدع فيها الصانع الوزاني حد التجديد في مكوناتها وحد تطوير بعض ملامحها دون أن يعني ذلك الخروج نهائيا عن خصوصية  ومميزات الجلابة الوزانية .

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى