الجهاتالرياضة

قصة ملعب ابن امسيك / من الرعاية الملكية السامية إلى الإغلاق المزاجي..‎

تحول الحلم إلى كابوس، فبمجرد اكتمال تتبيث العشب وبناء المدرجات (على علاتها)، وبدلاً من أن يفتح الملعب أبوابه لاستقبال المواهب والطاقات الرياضية، دخل في إغلاق إجباري طيلة فترات رئاسة محمد جودار للمقاطعة

اسماعيل بوقاسم 
قصة ملعب ابن امسيك / من الرعاية الملكية السامية إلى الإغلاق المزاجي.. في واحدة من أغرب المفارقات التي تشهدها مدينة الدار البيضاء، يقف ملعب ابن امسيك لكرة القدم صامداً صامتاً على إهمال لا يمكن وصفه إلا بالقاتل.
وهو المرفق الرياضي، الذي أنجز على قطعة أرضية مساحتها 1,4 هكتار باستثمار إجمالي قدره 7,4 مليون درهم. وحظي بشرف وضع حجره الأساس و تدشينه من طرف جلالة الملك محمد السادس، تجسيدا لسياسة القرب الاجتماعي التي ينهجها جلالته لتطوير الملكات الرياضية للأطفال والشباب، ومحاربة الانحراف والإدماج السوسيو- رياضي للساكنة المستهدفة.
المؤسف، أن يتحول هذا المرفق، الذي يشمل ملعبا لكرة القدم من العشب الاصطناعي، وملعبين لكرة السلة وفضاء مخصص للكرة الحديدية، وحلبة للتمرين، ومدرجات تتسع لـ 350 مقعدا و مستودعات ملابس للاعبين والحكام.
(ان يتحول) إلى سجن أخضر، تُجدَّد أرضيته كل مرة بعشب اصطناعي فاخر، بينما تظل أبوابه موصدة في وجه أطفال وشباب المنطقة وفرقها الرياضية، والمفارقة الأكبر، أن هذا الإغلاق يُحكم بمباركة كائن إنتخابي متعدد المهام والتخصصات.
مرّت قصة ملعب ابن امسيك لكرة القدم برحلة طويلة، بدأت بحلم كبير تمت المصادقة عليه من طرف مجلس جماعة ابن امسيك الذي ترأسه الأستاذ “المصطفى صابيق”، ونال وقتها بركة الرعاية الملكية السامية بوضع حجره الأساس من طرف جلالة الملك، ليصبح أملاً لأطفال وشباب منطقة مكتظة ومتعطشة للمرافق الرياضية.
استمر العمل لإنجاز الملعب في عهد “ولد الشريف” الرئيس “محمد عكيف”، قبل أن يتولى الرئيس الحالي “محمد جودار” مهمة ترميم مدرجاته ووضع عشبه الإصطناعي، بشراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومجلس جهة الدار البيضاء- سطات، ومجلس عمالة الدار البيضاء، ويحظى بتدشين ملكي بتاريخ الخميس 11 فبراير 2016.
للأسف، تحول الحلم إلى كابوس، فبمجرد اكتمال تتبيث العشب وبناء المدرجات (على علاتها)، وبدلاً من أن يفتح الملعب أبوابه لاستقبال المواهب والطاقات الرياضية، دخل في إغلاق إجباري طيلة فترات رئاسة محمد جودار للمقاطعة، الذي يحمل على عاتقه مسؤولية تطوير كرة القدم الوطنية، ويشغل منصباً رفيعاً في هرمها الكروي، كنائب ثاني لفوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وبالتالي يحرم المنطقة من متنفس رياضي حيوي بهذا الشكل.
ما يثير السخرية أكثر من الغضب هو تجديد العشب الاصطناعي للملعب بأموال تُصرف من جيوب دافعي الضرائب كل مرة على أرضية لا تطأها أقدام اللاعبين، ولا تُسمع فيها صيحات الجماهير.. لمن يُجدَّد هذا العشب..؟ هل هو مخصص للأشباح..؟ وفرق الأحياء التي كانت ترى في هذا المرفق فرصة للتدريب والتألق، وجدت نفسها ترسم خرائط ملاعبها في الشوارع والأزقة والمساحات الحمراء، بينما يظل الملعب الرسمي مجرد ديكور باهت وشاهدا على وعود لم تتحقق وسياسات فاشلة.. إنه استخفاف برؤية ملكية تهدف إلى تمكين الشباب وتوفير البنى التحتية لهم، وتحويل مشروعها الواعد إلى مجرد “ديكور انتخابي” وبناية مهجورة، مما يعد تقزيماً لمبادرة سامية وإجهاضاً لحلم كان من المفترض أن يغير واقع المنطقة..
فهل أصبحت المشاريع الملكية في نظر بعض المسؤولين مجرد مناسبات لالتقاط الصور بدلاً من كونها أمانة يجب رعايتها..؟ إغلاق ملعب رياضي سنوااااااات في هذا الحي الشعبي المكتظ، ليس مجرد سوء تدبير، بل هو “جريمة اجتماعية” مكتملة الأركان.. كل يوم يمر وهذا الملعب مغلق، نُسلّم فيه شبابنا إلى الشارع والفراغ والانحراف.
إنه اغتيال ممنهج للمواهب في مهدها، ودفع مباشر للطاقات الشابة نحو اليأس. عندما يرى شاب موهوب الملعب مغلقاً أمامه بينما تُجدد أرضيته كل مرة للأشباح، فإننا نقتل فيه روح الانتماء والمواطنة.. ثم إن هذا ليس تقصيراً، بل تفريط جسيم في الأمانة وتدمير للرأس المال البشري للمنطقة.
هل يعكس هذا الإغلاق المتعمد رؤيتهم لتطوير كرة القدم الوطنية التي من المفترض أن تبدأ من القواعد الشعبية والأحياء..؟ ألم يحن الوقت لرفع هذا الحصار عن ملعب ابن امسيك، وإعادة الروح إلى مرفق رياضي ارتبط تاريخه بالرعاية الملكية السامية، قبل أن يدفنه الإهمال والنسيان..؟
إن سكان ابن امسيك لا يطلبون المستحيل، بل يطالبون فقط بفتح أبواب ملعبهم، الذي تحول من رؤية ملكية إلى شاهد على مفارقة إدارية مؤلمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى