أنهى الرئيس الفرنسي الأربعاء زيارة دولة للمملكة العربية السعودية استمرت ثلاثة أيام، في مشروع العلا السياحي الضخم في البلاد، فيما حكومته مهددة بمذكرة حجب ثقة في باريس.
وغادر الرئيس الفرنسي برفقة وزراء الدفاع سيبستيان لوكورنو والخارجية جان-نويل بارو والثقافة رشيدة داتي، العلا في شمال غرب المملكة عند الساعة 13,30 بتوقيت غرينتش متجهين إلى باريس التي يصلونها عصرا.
ويتوقع أن تسقط حكومة ميشال بارنييه قبيل ذلك، بموجب إحدى مذكرات حجب الثقة المقدمة من جانب اليسار واليمين المتطرف.
وسيعكف الرئيس الفرنسي فورا على إيجاد رئيس جديد للوزراء وسط معادلة سياسية شبه مستحيلة بين ثلاث كتل متنافسة. ومن بين الأسماء المتداولة بكثرة سيبستيان لوكورنو الذي يرافقه في الطائرة.
وبعيدا عن هذا الجلبة السياسية، زار إيمانويل ماكرون مواقع أثرية عدة في العلا وخصص وقتا للتحدث إلى المشرفين على التعاون الثقافي الفرنسي السعودي.
وبعد محادثات استراتيجية الاثنين ومباحثات اقتصادية الثلاثاء، خصص الأربعاء لدبلوماسية التراث إذ إن فرنسا تشارك في هذا المشروع البالغة كلفته 20 مليار دولار وتريد الرياض جعله درة الشرق الأوسط.
ووقعت فرنسا والسعودية في العام 2018 اتفاقا على عشر سنوات لتطوير منطقة العلا، ثقافيا وسياحيا.
ويشكل المشروع أحد محاور “رؤية 2030” برنامج الإصلاحات الطموح الذي يقوده ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد الأمير محمد بن سلمان.
وينص هذا المشروع على إقامة مجمع أثري وثقافي وسياحي مترامي الأطراف، يضم متاحف وفنادق وخطط ترامواي.
ورافق ماكرون أيضا في زيارته رئيس الوكالة الفرنسية لتنمية العلا وزير الخارجية السابق جان إيف ولدريان.
منذ العام 2018، وقعت عقود بقيمة 2,3 مليار يورو بغالبيتها مع شركات فرنسية على ما أفاد مصدر مطلع على الملف.
وكلفت مجموعة ألستوم الفرنسية بناء خط تراموي يمتد على 22,5 كيلومترا. أما شركة تاليس الفرسية أيضا فستؤمن مراقبة على مدار الساعة لسبعة مواقع عامة.
أما مركز بومبيدو فوقع اتفاقا لإنشاء متحف للفن المعاصر مخصص لفناني العالم العربي.
وتكثف المملكة العربية السعودية الاستثمارات في مجال الموضة والسياحة فيما الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة تقوض فرص النمو الاقتصادي في المنطقة برمتها.
وتريد السعودية من خلال مشروع العلا تسليط الضوء على ماضيها قبل حقبة الإسلام وتلميع صورتها على صعيد قمع المعارضين.
في تقرير صدر حديثا، رسم مجلس الشيوخ الفرنسي صورة متفاوتة لحصيلة الشراكة هذه ولا سيما إنشاء صندوق هبات للتراث الفرنسي يبدو أن قيمته أقل من مبلغ 800 مليون يورو المتوقعة أساسا.
وينص حتى الآن على مساهمة مقدارها 50 مليون يورو في أعمال ترميم مركز بومبيدو.
والثلاثاء، أكد ماكرون في الرياض أن فرنسا “شريك موثوق” رغم الهزات السياسية وأشار إلى إرادة مشتركة على “التقدم” باتجاه بيع طائرات مطاردة من طراز رافال إلى السعودية.
والاثنين، وقع مع ولي العهد شراكة استراتيجية بهدف تعزيز التعاون في كل المجالات، من الدفاع إلى الاقتصاد.
واتفق المسؤولان على “بذل كل الجهود للمساهمة في خفض التصعيد” في الشرق الوسط من غزة إلى لبنان.