الزلزال لحظة وطنية فوتت فرصة الإحتفاء بيوم الديمقراطية
مصطفى المنوزي
رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن
ليست المشاركة السياسية هي التصويت الإنتخابي أو التدبير المباشر للسلطة أو الشأن العمومي فقط ، بل إنها المساهمة في الأعباء العامة لكل حسب استطاعته . حقا هناك انحراف وفساد وشطط في استعمال السلطة وتعسف في إستعمال القانون والقوة العمومية يشذ عن السياق ، ولكن هذا لا يعفينا من القيام بالواجب الدستوري وبنفس القدر ، ومن هذا المنطلق والمصلحة وبهذه الصفة ؛ يمكن أن نراقب ونفرض المحاسبة والإفتحاص للمالية العمومية وكيفية تصريفها وتسائل سوء التدبير ؛ وهذا هو الشق الحقيقي الملموس للمشاركة السياسية ، بالنقد والمعارضة والتقييم والتقويم ؛ ليبقى السؤال الذي نوافق فيه بعضنا البعض هو : هل يمكن القول بأن هذه الشروط متوفرة في ظل غياب الديمقراطية ؟
إن الديمقراطية تظل مطلبا عالقا ما لم تكن إرادة سياسية قوية توفر شروط بنائها ، فكثير منا لن يقتنع بالديمقراطية كوسيلة ، بل إن الديمقراطية ينبغي أن تكون غاية ووسيلة معا ؛ وكلنا يعي جيدا معيقات التحول الديمقراطي ، أولها طبيعة النظام الملكي الوراثي وثانيها طبيعة المجتمع المحافظ في ظل بنية هجنة تتعايش فيها كثير من الأنماط الإنتاجية تحت سطوة وهيمنة منظومة ظاهرها حداثي وجوهرها تقليداني .
فكيف سيتم تجاوز هذه المعيقات والحالة هاته ؟ وهل يكفي إقرار الحكامة وترشيد آليات الحكم وكل وسائل الإرجاء وتلطيف الصراع السياسي والإجتماعي ، أم لابد من تغيير للبنيات أو إصلاحها ؟
إنه بحكم تراكم التجربة صرنا أكثر وعيا بأن تحقيق الديمقراطية كغاية صنف ضمن المزاولات المستحيلة وكأننا بصدد جبرية سياسية ؛ نطرح السؤال : هل من سبيل ، كخطوة أولى ، لدمقرطة الوسيلة في أفق إنضاج شروط البناء الديمقراطي ؟
لقد جرب المغاربة جميع المقاربات بكافة تلاوينها ، وراجعت كثير من الهيئات الحزبية والسياسية استراتيجيتها بل ومرجعياتها ، دون بلورة مشاريع بديلة ولو مرحلية ، ليظل المطلب الإستفهامي البارز : ما العمل ?
وإن هناك سؤال أبرز منه وبالغ الأهمية : أيننا من الديمقراطية ، وهل طموحنا ديمقراطي ، بل هل عقليتنا وتفكيرنا ومناهجنا كذلك ، حيث لا ديمقراطية دون ديمقراطيين ولا ديمقراطيين دون حركة ونظرية ديمقراطيتين ؟
فلنتسم بحالة وصفات الديمقراطيين ونحن نتفاعل مع الأسئلة المطلبية ، بقدر حاجتنا إلى أجوبة ومداخل لتحقيق الإنتقال الديمقراطي الذي طال رجاؤه ونحن في فضاء التيه وقاعة الإنتظار، بنفس القدر نحتاج إلى دمقرطة العلاقات فيما بين كل الحالمين بتحقيق اللحظات الديمقراطية ؟