مقالات الرأي

“مذكرات مثلية”..منع كتاب أفضل دعاية له !

أحمد عصيد 

عملية مصادرة كتب من معرض الكتاب هي من العادات السيئة التي دأبت عليها دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط عامة ومنها المغرب، وهي من مظاهر أزمة حرية الفكر والإبداع في هذه البلدان، كما أنها من علامات التردد وهيمنة الماضي على الحاضر، ويعود ذلك إلى عدم الحسم في الاختيارات الكبرى التي تمكن من الترسيخ الديمقراطي، حيث يظل الصراع القيمي بين التراث والحداثة مستمرا كما تظل القوانين متناقضة وذات طابع سكيزوفريني، وينعكس ذلك في هذا النوع من الممارسات السلطوية التي تعمل على منع كتب من التداول.

في آخر معرض دولي للكتاب بالدار البيضاء تمت مصادرة كتاب “صحيح البخاري نهاية أسطورة” لرشيد أيلال، واليوم تصادر “مذكرات مثلية”، ورغم أن في المجتمع نقاش قيمي هام حول المثلية الجنسية وحول مراجعة القانون الجنائي وإنهاء تجريم الحريات الفردية، إلا أن السلطة تنوب عن الجميع وتقوم بالمنع والمصادرة، مع العلم أن منع كتب في عصرنا غباء كبير لأن الجميع سيبحث عن الكتاب الممنوع، فإن لم يجد النسخة الورقية وجد النسخة الإلكترونية عاجلا أو آجلا.

وأعطيكم رقما مهما: رشيد أيلال كان يطمح إلى بيع 1000 نسخة من كتابه الممنوع، لكنه بفضل المنع وصلت مبيعات الكتاب بدون المكتبات إلى 12000 نسخة.

إن المطلوب في موضوع المثلية ليس منع الكتب وخنق أصوات المثليين، لأنهم مواطنون كغيرهم، وليس الاختلاف في الميول الجنسية عاملا يبرر التمييز والوصم.

المطلوب التعريف العلمي للمجتمع بمعنى المثلية وليس ترويج الأفكار الخرافية والعدوانية القديمة الباعثة على العنف والكراهية بدون مبرر، كما من الضروري تحسيس المغاربة بضرورة احترام الآخر المختلف، وعدم تجريم اختلافه في اللون أو الدين أو الأصل أو اللغة أو الميول الجنسية، لأنها اختلافات نتجت عن عوامل لا دخل للفرد فيها، ومن الظلم تجريمها أو التحريض ضدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى