مقالات الرأي

المحامي لحبيب حاجي يتساءل : ما أساس جريمة الإفطار علنا في رمضان؟

 

يعاقب الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي كل من عرف بانتمائه للإسلام وأفطر في رمضان نهارا جهرا في مكان عمومي دون عذر شرعي من شهر إلى 6 أشهر حبسا…
لم أفهم يوما الأساس الواقعي ولا حتى الديني الذي استند عليه المشرع لسن هذه الجريمة والاستمرار في البقاء عليها رغم تنصيص المغرب في الدستور على احترامه لحقوق الانسان..
النص أعلاه يسمح للذين لهم عذر شرعي ان يفطروا علنا نهارا في رمضان رغم ان الناس الذين يتحقق بهم العلن والجهر لا يراقبون هذه الشرعية ولا حق لهم غير مؤسسات إنفاذ القانون في حالات خاصة.
حيث لايمكن اعتقال اي أحد وسياقته للمخفر والتأكد من مرضه أو من أنه على سفر أو كان على سفر . خاصة وان الناس لايمكن أن تجبرهم على كشف أمراضهم لان ذلك يدخل في الخصوصيات الشخصية . لن تجبر أحدا على الكشف بأنه مريض بالسكري.
ثم انه اذا عرف عنه الإسلام وشوهد يفطر علنا فذلك قرينة على أن له عذر شرعي دون إحراجه.
وإذا لم يعرف عليه انتماؤه للإسلام، فلا داعي لإحراجه ويترك لحال سبيله. أو أنه صام أياما معدودات وليس شهرا كما هو في النص ويظل مسلما. وهنا يكون قد التصق بالنص القرآني دون غيره حسب تدبره للقرآن وترك ما ناقضه أو خالفه. أو أنه مسلم ويعتبر ان رمضان هو اختيار وتطوع.
ثم ماذا اذا أنكر الفاطر لدى سلطات إنفاذ القانون انه ليس مسلما؟ وكيف ستثبت انه عرف عنه إسلامه خاصة وأنه لا يمكن تطبيق قاعدة الإسلام بالوراثة. ثم انه من حق أي شخصإخفاء دينه وتدينه لانه أمر شخصي وبالتالي لايمكن تسجيل زورا على هذا الشخص أنه مسلم في حين ان له عقيدة أخرى.
وبالتالي ما كان ضروريا ربط الإسلام بفعل الإفطار جهرا لان ذلك فيه إشكال فكري وعقدي كبير.
وخلاصة أولية فالجريمة هي جريمة تحصيل حاصل
سأذهب مباشرة إلى ما تذهب اليه الاذهان في هذا الشأن وهو السند الديني /القرآن الكريم والاعتذار الاجتماعي/ استفزاز العموم.

السند الديني؛
جاء في القرآن الكريم الآية التالية :… فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر. وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. فمن تطوع فهو خير له. وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون.
الآية لا تجبر أحدا على الصيام داخل منظومة الإسلام. اي ان المسلم اذا اراد ان يفطر جهرا نهارا في رمضان ولو كان يطيقه فما عليه إلا أن يفدي ذلك بإطعام مسكين. مسكين واحد.
وإن الأمر لا يعدو ان يكون تطوعا. فمن تطوع، فذاك خير له ومن لم يرد فليطعم مسكينا.
الآية هنا لم تخرج المسلم الذي يفضل الفدية من الإسلام ولا اعتبرته كافرا ولا هدد بالنار والعقاب ولا حتى عاص ولا ناقص دين ولا اي تنقيص من إسلامه مادام سيطعم مسكينا فدية.
إذا القرآن الكريم ليس سندا للفصل 222 أعلاه.

السند الاجتماعي/الاستفزاز
معلوم ان المسلمين بالخارج وحتى في الدول المسلمة الذين يعلمون في أوساط غير مسلمة فهم يطبخون في المطاعم الاكل للناس ويقدمون لهم الطعام في المطاعم وفي المقاهي.
كما أن الأمهات تطبخ الاكل لأبنائها القاصرين ولأزواجهن المرضى والعكس صحيح بالنسبة للرجل مع زوجته وأهله ومن في عهدته.
وماذا عن الصائمين في بلاد الغرب الذين يتجولون وسط المفطرين أين الاستفزاز اذن؟
ثم لماذا سيستفز المسلم الصائم إيمانا واحتسابا من شخص رآه يفطر علنا؟ لماذا سيهتم للأمر برمته؟ ماذا يحدث داخله. ألن يلتمس له العذر افتراضا.هل هو صائم على خيط رفيع وفي حالة استثارة و”على سبة” وينتظر من سيفرغ فيه غضبه.

لا أعتقد أن لهذا الفصل أصل ومرجعية كما لباقي الافعال ،سوى اذا كنا ننظر إلى العموم الصائم بما لا يليق بهم كصائمين إيمانا واحتسابا وقلوبهم مليئة بالحب والرحمة و”التسامح” كأغلبية تجاه المختلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى