الرئيسيةالمجتمعثقافات وفنونمنوعات

سياحة…لماذا دأب المغاربة على ترديد عبارة : “فوق فكيك” ؟

مدينة فكيك المغربية كواحة نخيل وقصور تخفي العديد من أسرارها التاريخية العابقة  المتمثلة أساسا في النقوش الصخرية التي تنتشر في العديد من المواقع الاثرية والمتواجدة  بهذه المنطقة الشرقية المتاخمة للجزائر العائدة حسب الدراسات في غالبيتها الى العصور الوسطى .

                                    يكتبها : المسافر

  مدينة النقوش ، مدينة القصور، مدينة النخيل والمدينة الواحة.. أسماء عديدة لمدينة واحدة أقامها المستعمر الفرنسي أوائل القرن العشرين والتي أرادها استراحته الساحرة الممتدة على مساحة 25 كلم مربع على الحدود المغربية الجزائرية المتميزة بطقسها الشبه صحراوي البارد شتاء والحار الجاف صيفا ذات القصور السبعة العتيقة النائمة في أحضان واحة قوامها نخيل ضخم ووفير .

قصور ” فكيك” تحفة معمارية مهجورة شاهدة على تاريخ أمازيغي حافل مر من هذا المكان ، فقصر ” زناكة” الشامخ يقف معزولا مزهوا عن باقي القصور الاخرى (قصر المعيز، قصر ايت عدي ، قصر اولاد سليمان، قصر الحمام الفوقاني ، قصر الحمام التحتاني ، قصر العبيدات) في تحد يعكس صبر وصلابة أهل الصحراء بالمنطقة ونكاية بالإهمال والتهميش الذي يتعرض له .

“فوق” فكيك

 دأب المغاربة كلما سئلوا عن أحوالهم أن يجيبوا بعبارة : “فوق فكيك” في اشارة الى حسن الحال والأحوال ، ولأن مصدر الكلمة غير معروف فان العديد من المهتمين بالثقافة الشفهية في المغرب يعيدون أصل ذلك الى ارتباط “فكيك” بطيب العيش وسكينة الروح ومن تم ارتبطت في مخلية المغاربة بالمكان المثالي للعيش ، وقد حير اسم “فكيك” أهل الاختصاص لسنين طويلة ولم تستطع كل البحوث التي أجريت عن أصل التسمية التوصل الى جواب شاف ومقنع باستثناء ما توصل اليها باحثون مشارقة حيث اعتبروا أن اصل الاسم هو “فجيج” عوض ” فكيك” وأن اسم فجيج ارتبط بتضاريس المنطقة وطبيعتها حيث يتخلل جبالها أفاجيج أي فجاج صغيرة كثيرة ما دعا الناس الى تسميتها بذلك تيمنا بالطبيعة والتضاريس الصعبة بالمنطقة

أقدم الصوامع   

 تمور مدينة فكيك من أجود أنواع التمور التي يمكن أن يتذوقها انسان …شهادة رددها كل من زار المنطقة ما اعطاها شهرة واسعة بفضل ثمورها المتميزة المذاق التي تنضاف لمزايا وخصوصيات كثيرة جعلت من فكيك قبلة سياحية تختلف عن باقي الوجهات السياحية الاخرى رغم افتقارها لبنية تحتية سياحية توفر للسائح نزولا طيبا ، فالكثير من المعالم والمآثر تحظى بإقبال كبير من طرف المئات من عشاق المدينة سنويا وعلى رأس هذه المآثر الصومعة الحجرية أحد اقدم صوامع المغرب التي حضيت بوضع خاص لدى خبراء علم الاثار والتراث العالمي اعتبارا لكونها أولى البنايات في المنطقة وتحديدا مع بدايات القرن السادس الهجري وهي شاهدة على أصالة تراث وتاريخ هذا المكان المتميز بأسلوبه في الحياة والتعامل والتعايش حيث بساطة الانسان ” الفكيكي ” هي احد الصفات العالية التي ارتبطت به وارتبط بها خاصة على مستوى الاسلوب والسكن وسبل العيش.. فالفلاحة والرعي ظلا من أهم موارد العيش ، والجلباب والدراعة الرجالية هي اللباس الدائم للرجال  والحايك التقليدي كرداء نسائي ميز المرأة الفكيكية على الدوام رغم العصرنة التي مرت من هنا دون أن يطيب لها المقام .

إمام شعراء فجيج

 

هجر الشعر قبضتي بعـد أمي             ثم عـاد اليراع يرسم حـالـــــــي

بين ميْتيْـــن هــاج نـوْحـا وودّا           فعليهم ســـــــلام صب مـــــذال

وعليهم سلام فـــــج فجــــيـــج            ولنا فيهما عـــزاء الرجــــــــال

 

فجيج أو فكيك عزاء الرجال ذلك ما ختم به شاعر المدينة قصيدته الطويلة في اشارة دالة على  العشق الكبير الذي يكنه سكان هذه المنطقة لواحتهم الجملية رغم قسوة الطبيعة

فقد حفل الأدب الفجيجي بروائع شعرية خالدة سجلت بمداد من ذهب  كتراث لامادي افتخرت به الاجيال المتعاقبة في هذه المنطقة الصحراوية الساكنة بريحها وهواءها.. ويعد ابراهيم بن عبد الجبار الفجيجي أحد أشهر شعراء القرن التاسع الهجري ممن انضافت أشعارهم الى خصائص فكيك الفريدة والنفسية حيث صنفت بدورها ضمن غرر التراث ونوادره لما تميزت به من قدرة على تمثيل عصرها كما يقول الباحث محمد بوزيان بنعلي في كتابه “الأدب الفجيجي”  الذي يتحدث باعجاب منقطع النظير عن قصيدته الشهيرة والمطولة ” روضة السلوان هذه المطولة الشعرية الرائقة البديعة ، التي  كانت من القصائد المشهورة السائرة عبر أزمنة ممتدة حيث أقبل الطلبة على حفظها واستنساخها ومعارضتها ، بل إن  أحد الدارسين الجزائريين عدّها باستحقاق من الكتب التي كانت تغذي الحياة العقلية لشبّانهم  كما تهافت العلماء على شرحها واالتعليق عليها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى