مقالات الرأي

الإسلام السياسي ورفع وتيرة التهديد الإرهابي: مؤامرة انتخابية أم مشروع تخريبي ؟

مولاي احمد الدريدي، فاعل حقوقي و سياسي، و أحد منسقي الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والارهاب.

مع اشتداد حرارة الصيف، تتابعت علينا الأخبار السيئة من جبهة التطرف والإرهاب، التي يُغذيها الإسلام السياسي في المغرب، في محاولات مفضوحة لزعزعة استقرار الوطن وفرض وصايته على المجتمع. الأحداث الأخيرة لا تترك مجالًا للشك في وجود مخطط منسق وخطير:

هجوم برلماني ضد الحريات الدينية من خلال سؤال موجه ضد المواطنين المسيحيين المغاربة، في تحدٍ صارخ لدستور يضمن حرية المعتقد؛

شكاية في طنجة ضد الفن والصناعة السينمائية، استمرارًا لمحاولات تكميم الإبداع والتعبير الفني؛

تفكيك خلية إرهابية تنتمي إلى “الذئاب المنفردة” كانت تُخطط لاستهداف أماكن عبادة في الرباط، في عملية مشتركة بين المصالح الأمنية المغربية ونظيرتها الفرنسية؛

وأخطرها، صباح اليوم، تفكيك خلية إرهابية بتطوان، كانت قد جربت تفجير عبوة ناسفة في الجبال استعدادًا لتنفيذ هجوم إرهابي وشيك.

السؤال الجوهري: لماذا هذا التصعيد الآن؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟

الإجابة تبدو واضحة: إنها تحركات استباقية للإسلام السياسي استعدادًا للانتخابات المقبلة، في محاولة يائسة للعودة إلى السلطة ولو على حساب أمن الوطن واستقراره.

يريدون خلق جو من الفوضى والخوف والعزوف الانتخابي، حيث لا يشارك سوى أتباعهم المنضبطون لأوامر الطاعة، بينما يتقاعس المواطنون العاديون خوفًا أو يأسًا.

قد يقول البعض إن الإسلاميين مختلفون: من حزب العدالة والتنمية إلى جماعة العدل والإحسان، مرورًا بالسلفيين الجهاديين. لكن الحقيقة، كما أراها، أن الكل يعمل ضمن أجندة واحدة، يختلفون في الشكل فقط، ويتقاسمون المضمون ذاته: الهيمنة على الدولة والمجتمع باسم الدين. فـ”ليس في القنافذ أملس”، كما يقول المثل.

عبد الإله بنكيران، الزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية، لا يخفي تعاطفه وولاءه للأممية الإسلامية، بل يتماهى علنًا مع النظام الإيراني الكهنوتي، الذي شارك مع الكيان الصهيوني في تخريب الشرق الأوسط.

أما عبد الله بوانو، فانتفض للدفاع عن “جبهة البوليساريو” بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية من طرف الكونغرس الأمريكي، وكأنها فرع آخر من فروع الإسلام السياسي المنفلت من أي التزام وطني أو إنساني.

الانتخابات محطة ديمقراطية بامتياز، للتنافس السلمي حول السلطة، سواء من خلال المشاركة أو حتى من خلال المقاطعة المبدئية.

لكن ما يفسد هذا المسار هو تسلل المال الحرام إلى العملية السياسية، من خلال تبييض الأموال المتأتية من تجارة المخدرات، أو الاتجار بالبشر، أو الفساد والرشوة.

وما هو أخطر من المال الحرام، هو استغلال الدين والعقيدة في الانتخابات، وهي الممارسة التي يتقنها الإسلام السياسي، ليُرهب المجتمع، ويخلق جوًا من “الكاو” والفوضى الذي يناسبهم ويخدم مصالحهم.

لذلك، تبقى قناعتنا راسخة: يجب حل هذه التنظيمات.

فلا ديمقراطية مع من يُكفر الآخر، ولا تعايش مع من يرى في الدولة أداة للوصاية باسم الدين.

ولهذا نؤكد على ضرورة تفعيل المطالب القضائية بحل كل الجمعيات والتنظيمات ذات الطابع الديني المتطرف، التي تؤسس لخطاب الكراهية والتكفير والتخريب.

وحان الوقت للدفاع عن الديمقراطية الحقيقية، القائمة على المواطنة لا الولاء، وعلى التعددية لا الطائفية، وعلى العقل لا الشعارات الدينية الفارغة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى