الإقتصادالبلدالجهاتالرئيسية

المغرب.. من مستورد إلى مصدر للكهرباء: قصة نجاح تلهم المنطقة

في تحول مثير يعكس قفزة نوعية في قطاع الطاقة، أصبح المغرب مصدرًا للكهرباء إلى دول أوروبية مثل إسبانيا، التي اعتمدت عليه في أوقات حرجة لتفادي أزمة انقطاع الكهرباء. هذا التطور لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة لاستراتيجية طويلة الأمد للاستثمار في الطاقات المتجددة وتعزيز البنية التحتية الكهربائية.

الطريق إلى الريادة في الطاقة

في السنوات الأخيرة، أطلق المغرب مشاريع طموحة في مجال الطاقة، أبرزها محطة “نور” للطاقة الشمسية في ورزازات، التي تعد من بين أكبر المشاريع الشمسية في العالم، بالإضافة إلى مزارع الرياح المنتشرة في مناطق مختلفة من البلاد.

وفقًا لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تمكن المغرب من تحقيق نسبة كبيرة من إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة، حيث تجاوزت النسبة 40% من إجمالي الإنتاج الوطني، مع هدف الوصول إلى 52% بحلول عام 2030.

إنقاذ إسبانيا من الظلام

في بداية عام 2025، لجأت إسبانيا إلى استيراد الكهرباء من المغرب بعد تراجع إنتاجها المحلي نتيجة أزمات في الإمدادات الغازية وانخفاض إنتاج الطاقات المتجددة بسبب الظروف الجوية.

واستفاد المغرب من شبكة الربط الكهربائي بين البلدين، التي أنشئت منذ سنوات لتعزيز التعاون الطاقي بينهما.

شبكة الربط الكهربائي هذه، التي تبلغ قدرتها حوالي 1400 ميغاواط، مكّنت المغرب من تزويد إسبانيا بكميات مهمة من الكهرباء، خاصة في فترات الذروة.

الرؤية الاستراتيجية للمغرب

يعتمد نجاح المغرب في تصدير الكهرباء على عوامل رئيسية:

1.الاستثمار في الطاقات المتجددة: ضخ استثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة الشمسية والريحية.

2.تعزيز الربط الكهربائي: تطوير شبكات الربط مع الدول المجاورة، بما في ذلك إسبانيا والبرتغال، مع دراسة توسيع الشبكة إلى دول أفريقية وأوروبية أخرى.

3.التنويع الطاقي: تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وزيادة حصة الطاقات النظيفة.

آراء الخبراء

المحلل الطاقي هشام البوعزاوي يرى أن “المغرب استطاع، بفضل استثماراته في الطاقة المتجددة، أن يتحول من بلد مستورد للطاقة إلى فاعل إقليمي مؤثر في مجال الكهرباء. تصدير الكهرباء إلى إسبانيا ليس فقط مكسبًا اقتصاديًا، بل هو دليل على أن المغرب يمكن أن يكون نموذجًا يحتذى به في إدارة موارد الطاقة”.

من جهتها، تعتبر الخبيرة البيئية نادية العمراني أن “المغرب يقدم نموذجًا متوازنًا بين تلبية احتياجاته المحلية والطموح للتوسع نحو الأسواق الإقليمية. هذا التوجه يعزز دوره كشريك استراتيجي لدول الجوار”.

مستقبل مشرق لقطاع الطاقة المغربي

يخطط المغرب لتوسيع استثماراته في الطاقة، مع التركيز على الهيدروجين الأخضر كمصدر طاقي واعد. كما يعمل على تعزيز مكانته كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة في المنطقة، وهو ما يمكن أن يعزز عائداته الاقتصادية ويوطد علاقاته مع الدول الأوروبية.

خلاصة

تحول المغرب إلى مصدر للكهرباء ليس مجرد إنجاز في قطاع الطاقة، بل هو شهادة على قدرة الدول النامية على تحقيق الريادة في مجالات استراتيجية بفضل رؤية واضحة واستثمارات مستدامة. قصة نجاح المغرب تلهم المنطقة وتبرز أهمية الطاقات المتجددة في تحقيق الاستقلال الطاقي والتنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى