![](wp-content/uploads/2024/12/471275593_914856707445140_1235429370819251993_n-780x470.jpg)
قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق في عرض قدمه في جلسة العمل التي ترأسها الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، والتي خصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة، إنه بعد تفضل أمير المؤمنين، وفق قراره السديد، بإحالة سبع عشرة مسألة على النظر الشرعي، فقد جاء رأي المجلس العلمي الأعلى مطابقا موافقا لأغلبها، وموضحا سبل إمكان موافقة البعض الآخر منها لمقتضى الشريعة.
التوفيق كشف بأن ثلاثا منها تتعلق بنصوص قطعية لا تجيز الاجتهاد فيها، وهي المتعلقة باستعمال الخبرة الجينية للحوق النسب، وإلغاء العمل بقاعدة التعصيب، والتوارث بين المسلم وغير المسلم.
استعمال الخبرة الجينية
يعود رفض المغرب للخبرة الجينية في بعض القضايا القانونية، إلى أسباب متعددة تتداخل فيها الأبعاد القانونية، الدينية، والاجتماعية، فميا تنص مدونة الأسرة على أن النسب يُثبت وفق قواعد محددة ترتبط بالزواج الشرعي. وفي حالات النزاع، لا يتم اللجوء إلى الخبرة الجينية إلا بقرار من القاضي، وضمن شروط دقيقة.
ويمكن تلخيص أسباب رفض استعمال الخبرة الجينية في النقاط التالية:
1. المرجعية الشرعية:
التشريع المغربي يستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، التي تعتمد على الزواج الشرعي كإطار لإثبات النسب. الفقه الإسلامي لا يعتد بالخبرة الجينية وحدها لإثبات النسب، بل يعتبر أن النسب يُثبت بالزواج أو الإقرار أو شهادة الشهود.
2. حماية الأسرة:
رفض الخبرة الجينية في بعض الحالات يهدف إلى حماية استقرار الأسرة والمجتمع من النزاعات التي قد تنشأ عن فتح الباب أمام اختبارات قد تؤدي إلى نتائج تهدد التماسك الاجتماعي.
3. التوازن بين الحقوق والخصوصية:
اعتماد الخبرة الجينية قد يُنظر إليه كتهديد لخصوصية الأفراد وأسرارهم الشخصية. كما أن هناك مخاوف من أن تُستخدم هذه الخبرة بشكل تعسفي أو غير عادل.
التعصيب في نظام الإرث
إلغاء العمل بقاعدة التعصيب في نظام الإرث المغربي يُعتبر قضية شائكة تتداخل فيها عوامل دينية، اجتماعية، وقانونية.
قاعدة التعصيب تعتمد على الشريعة الإسلامية التي تُعتبر المصدر الأساسي للتشريع في المغرب، وفقاً للدستور المغربي، مما يجعل أي تعديل يتطلب موازنة دقيقة بين احترام الأحكام الدينية ومتطلبات العدالة الاجتماعية.
وتتجلى الأسباب الرئيسية لعدم إلغاء التعصيب:
1. المرجعية الدينية:
قوانين الإرث في المغرب تستند إلى أحكام الفقه الإسلامي المستمدة من القرآن والسنة. التعصيب منصوص عليه في الفقه الإسلامي، وتعديله يُعتبر مساساً بمبادئ الشريعة التي لها مكانة مقدسة في المجتمع المغربي.
2. الحفاظ على التوازن الاجتماعي:
المغرب مجتمع متنوع تقليدياً، وتغيير أحكام الإرث قد يثير انقسامات داخل المجتمع، خصوصاً بين التيارات المحافظة والتيارات التي تطالب بالمساواة بين الجنسين.
التوارث بين المسلم وغير المسلم
موضوع التوارث بين المسلم وغير المسلم في المغرب هو جزء من الإطار الفقهي الذي يعتمد على الشريعة الإسلامية، التي تُعتبر المصدر الرئيسي للتشريع في القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية.
الفقه الإسلامي التقليدي ينص على قاعدة “لا توارث بين أهل ملتين”، بمعنى أن المسلم وغير المسلم لا يرث أحدهما الآخر، وهذا المبدأ يستند إلى تفسير بعض النصوص الدينية مثل الحديث النبوي: “لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم.”
لكن هناك بعض النقاط التي يمكن التطرق إليها لفهم الموضوع بشكل أعمق:
1. الإطار الديني والفقهي: المغرب يعتمد على المذهب المالكي في الفقه، وهو مذهب تقليدي يُعتبر من المصادر الأساسية في قوانين الأسرة. تغيير هذا الأمر قد يُثير نقاشات دينية واجتماعية واسعة، لأنه يتعلق بأحد المبادئ الراسخة في الفقه الإسلامي.
2. الاعتبارات الثقافية والاجتماعية: كثير من القوانين في الدول الإسلامية تُبنى على أساس التقاليد والمعتقدات المجتمعية، وأي تغيير في هذه القوانين يحتاج إلى توافق مجتمعي واسع.
3. النقاشات القانونية والحقوقية: هناك دعوات متزايدة في المغرب لمراجعة بعض الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية لتتماشى مع حقوق الإنسان والمعايير الدولية. بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة قامت بالفعل بإجراء تغييرات جزئية أو توفير بدائل قانونية لتجاوز مثل هذه القيود.
4. الوصية كبديل: رغم أن التوارث المباشر بين المسلم وغير المسلم غير مسموح، إلا أن الشريعة الإسلامية تسمح بالوصية بما لا يزيد عن ثلث التركة.
هذا يتيح للأفراد توفير نوع من الحماية المالية لأقاربهم أو شركائهم من ديانات مختلفة.