شتان ما بين فيلم بدرة شجرة التين المقدسة أو الموحشة وبين فيلم تودا، أو الكل يحب تودا
فيلم عيوش يحبل بالصنعة والتمكن من اللغة التقنية غير أنه يفتقد للعمق من الصناعة إلى الفيلم إلى الجمال
عبد القادر الزاهر
عندما تشاهد من مسافة زمنية قصيرة فيلمين مغربي وايراني في مهرجان مراكش الدولي للفيلم، تتأكد لديك قناعة راسخة بأن المال لا فكر له ولا إبداع.
شتان ما بين فيلم بدرة شجرة التين المقدسة أو الموحشة وبين فيلم تودا، أو الكل يحب تودا…
ويزداد الفرق حين الإنصات إلى كلمتي كل من محمد رسولوف ونبيل عيوش، الذي يلمح الى أسلوبين متباعدين.في الرؤية والإخراج والموقف من العالم.
كلمة عيوش أساءت للعمل حين راهن بالقول أن الغاية من المحكي الفيلمي هو الاحتفاء بظاهرة الشيخات التي لم ترق ولو للحظة إلى رهان درامي ومرد ذلك في نظري إلى الكتابة الجاهلة بالموضوع كقضية ثقافية وكبناء درامي متماسك.
فيلم عيوش يحبل بالصنعة والتمكن من اللغة التقنية غير أنه يفتقد للعمق من الصناعة إلى الفيلم إلى الجمال….وهو ما يتناقض جملة وتفصيلا مع عمل محمد رسولوف…بفضل حكي حميمي هادىء، يمزج بين تصوير أمكنة مغلقة وضيقة وأخرى منفتحة على الخارج هي أقرب إلى التسجيلي وهو ماكان في كثير من المشاهد.ناهيك عن اقتصاد في الحوار ، عمق في التصوير خاصة المشاعر الخاصة بالشخصيات عموما وأسرة البطل إيمان تحديدا…علما أن للاسم دلالة رمزية ودرامية مهمة في مسار المحكي الفيلمي. كل النظرات والكلمات حتى الصمت نفسه له دلالة قوية.
كنا نأمل أن نرى العيطة والشيخات يرتقيان إلى فيلم ينزاح بالمتفرج عن الصور النمطية، وإعادة إنتاج جانب من المتخيل الجمعي..
الجزء الثاني من الفيلم يذكرنا بكتابات الفريد هتشكوك
أو ما يعرف ب twist….الذي يقلب الصراع من الخارج الى الداخل وتختزل السلطة القمعية في الأب الذي يتحول إلى جلاد معلن واسرته الى ضحية.
ولقد لعب المسدس الوظيفي للبطل دور القوة الفاعل في القصة الدر امية بشكل متمكن وهادف.
أما فيلم تودا فهو إشباع لنظر ة استشراقية يستجيب لانتظارات واختيارات المنتج الأوربي.
كنا نأمل أن نرى العيطة والشيخات يرتقيان إلى فيلم ينزاح بالمتفرج عن الصور النمطية، وإعادة إنتاج جانب من المتخيل الجمعي..
يبدو من المشاهدة الوحيدة والأولى أن فيلم تودا مصنوع بحرفية غير أنه غير مسكون بالمرة بالقضية ..قضية الشيخات…
إن السينما مهنة دربة ومراس ولكن هي أيضا حس ورؤية وموقف.
قد لا يكون لكلامي الانطباعي معنى لو لم أسمع كلمة المخرج والبطلة عن الفيلم…وأنا على قناعة أن هذا الكلام مردود، لأن الفيلم كفيل بالتعبير عن قضيته الفكرية والفنية…وبالتالي فكل ما قيل هو مجرد كلام لايجب الاعتداد به..
تدوينتي مجرد إنطباع علما أن المقارنة مجحفة بين الفيلم الإيراني وبين الفيلم المغربي…وأن الفيلمين يلزمانني بقراءة تحليلية متأنية مع التصريح بزاوية نظري الفكرية والجمالية….
هي مجرد ارتسامات …
.