على خلفية إدراج اسميهما ضمن منهاج دراسي..أم كلثوم وسميرة توفيق تثيران جدلا واسعا في الأردن
أثارت الفنانتان أم كلثوم وسميرة توفيق جدلا واسعا في الأردن ، على خلفية إدراج اسميهما، إلى جانب فنانين عرب آخرين، ضمن منهاج التربية الفنية والموسيقية والمسرحية بالتعليم الابتدائي الأردني.
القصة بدأت عندما أعلنت رئيسة المركز الوطني لتطوير المناهج شيرين حامد، في تصريحات صحفية في مارس الماضي ، أن المركز يعكف على تطوير كتاب للتربية الفنية والموسيقية والمسرحية، سيتم البدء بتدريسه اعتبارا من العام الدراسي الحالي، مضيفة أن هذا المركز قد أعد الإطار الخاص لهذا المبحث، وتم إقراره من قبل مجلس التربية في وزارة التربية والتعليم الأردنية.
ومع بداية السنة الدراسية الحالية بدأت مضامين هذه المساقات تظهر، وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا من منهاج التربية الفنية والموسيقية والمسرحية متضمنة أسماء فنانين ومغنين عرب وسير ذاتية لهم، مما أشعل نقاشا وجدلا ساخنا، مع انتشار، على الخصوص، صفحة تحمل صورة من الكتاب تتضمن فقرات تعريفية بالفنانة سميرة توفيق التي احتفى المنهاج بإسهاماتها الكبيرة في نشر التراث الأردني، وإحياء وصياغة الهوية الوطنية الأردنية، وتشير إلى أنها فنانة لبنانية، اشتهرت بالغناء باللهجة البدوية، وغنت للكثير من الشعراء والملحنين من سورية ولبنان والأردن، ونالت شهرة عربية واسعة، ومن أشهر أغانيها “صبوا القهوة” و”أسمر خفيف الروح”….
وقد انقسمت الآراء والمواقف من هذا التوجه التربوي، الذي ينفتح على عدد من رموز الأغنية الأردنية والعربية ضمن مقرر التربية الفنية، بين مناصرين لأهمية التعريف بهؤلاء الرموز في المناهج الدراسية الوطنية، وبين رافضين لهذه الفكرة، في وقت انبرى فيه آخرون، عبر فيديوهات وتعليقات، للسخرية من هذا الموضوع، مسقطين إياه على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
واعتبر الفريق المؤيد لفكرة تضمين المنهاج والمقرر التعليمي لهذه المواد الفنية، أن “الفن يشكل أحد أبعاد الهوية الثقافية الوطنية، وأن دوره أساسي في الارتقاء بالذوق والجمالية والوجدان الإنساني، علاوة على دوره التربوي، والتنويري والتعبوي، مؤكدين أن الاحتفاء بأسماء من قبيل أم كلثوم وسميرة توفيق وموسى حجازي وجولييت عواد هو تثمين للتراث الفني الذي صاغ الأذواق الفنية للعديد من الأجيال، ولا يتعارض إطلاقا مع المنظومة القيمية للمجتمع الأردني، علاوة على أن “الفن هو سبيل لحب الحياة والارتقاء بها”.
وفي هذا السياق كتب أحدهم “كتاب التربية الفنية والموسيقية كتاب منهجي معد بطريقة ممتازة، والفن والثقافة من أساسيات الحياة في كل المجتمعات…والجدل المثار حول هذا الموضوع يخفي نزعات محافظة، تسعى لخلط الأوراق، وتوظيف هذا النقاش لتمرير مواقف لها علاقة بمجالات أخرى…كما أن كوكب الشرق والفنانة سميرة توفيق لطالما أسعدتا أجيالا من الناس…وتغنيتا بالجمال ، والحياة وأحلام البسطاء..، وبصمتا التاريخ الفني العربي ببصمات خالدة…”.
في المقابل رأى المعارضون أن إدماج هذه المضامين التعليمية في المقررات الدراسية “يتعارض مع القيم المجتمعية، ومن شأنه أن يفسد أخلاق الناشئة، ويبعدهم عن القيم الحقة، ويفسد أذواقهم ويؤثر على تربيتهم وسلوكياتهم..”، معتبرين أن “الأولى بالبلاد هو الاحتفاء برموزها الوطنية ومناضليها البررة..”.
بينما راح آخرون يتندرون بسخرية من إدماج مثل هذه المواضيع في المقررات الدراسية، معتبرين ، على سبيل المثال ، أن سميرة تغنت بالقهوة عندما كان ثمن الكيلو منها لا يتجاوز دينارين في حين تضاعف سعرها اليوم خمس إلى ست مرات، “لذلك فالأردنيون لم يعودوا يستطيعون صب القهوة بسبب غلاء ثمنها..”، في إشارة إلى ضرورة إيلاء الوضع الاجتماعي الأولوية على مثل هذه القضايا التي يرونها أنها “ترف، وتحتل مرتبة ثانوية” لدى أوسع الجمهور.
هذه الأجواء السجالية والجدالية الحامية الوطيس، سيضطر معها المركز الوطني لتطوير المناهج إلى الخروج من صمته ببيان، أكد فيه بخصوص ما يتداول ويشاع عن إصداراته، أن “عملية إنتاج الكتب المدرسية تمر بمراحل متعددة من التدقيق والمراجعة والاعتماد، إذ تبدأ بتأليف مخطوطة الكتاب على “أيدي مؤلفين من أبناء الوطن يعملون وفق معايير علمية وتربوية وقيم وثوابت وطنية ودينية ومجتمعية راسخة، ولا يخضعون لأي نوع من الضغوطات أو الإملاءات، وعند الانتهاء من تأليف المخطوطة ت عرض على أكاديميين وتربويين من الجامعات الأردني ة المختلفة لتحكيمها علميا وتربويا”.
وأضاف البيان “تعقد بعد ذلك ورش عمل لمناقشة هذه الكتب ومراجعتها، يحضرها معلمون ومشرفون تربويون من كافة محافظات المملكة، كما تمر المخطوطة بمجالس متخصصة في المركز الوطني للتطوير المناهج تضم في عضويتها عددا من القادة التربويين والخبراء وممثلين عن السلطات التعليمية المتعد دة في المملكة الأردني ة الهاشمية وصولا إلى إقرارها بشكل رسمي من قبل وزارة الت ربية والت عليم عبر لجانها المتع ددة ومجلس التربية والتعليم ال ذي يضم في عضوي ته قامات وطنية ودينية وعلمية وتربوية وفكرية.”
وحول مبحث الت ربية الفن ي ة، بي ن المركز أن هذا المبحث ليس مبحثا مستجدا، بل هو مبحث قديم ي در س للطلبة منذ عشرات السنوات، ولكن دون وجود كتاب مستقل بذاته لهذا المبحث، موضحا أن المركز الوطني أنتج طبعة تجريبية من كتب مبحث التربية الفنية لبعض الصفوف تغطي المجالات الأساسية له، كالرسم، والموسيقى، والمسرح، “والمتصفح لهذه الكتب بشكل شمولي يجد أنها تغطي موضوعات كثيرة ومتعددة: كالأناشيد الد يني ة، والأغنية التراثية، والأهازيج الشعبية، والمسرح الهادف، والفنون البصرية والجمالية، بما يتفق مع طبيعة هذا المبحث، وينسجم مع تراث المجتمع الأردني “.
وفيما يتعلق بما يشاع حول تجاهل الكتب الصادرة عن المركز للرموز الوطنية الأردنية، أكد المركز أن هذا الأمر غير دقيق؛ مبينا أن هذه “الكتب مليئة بحشد كبير من رموز الأردن وأبنائه وسيرهم؛ كما أن هناك وحدات كاملة في مبحث اللغة العربية تعنى بالهوية الوطنية الأردنية وتجمع ثلة من شهداء الأردن عبر تاريخه العطر”.