أعلنت الأمم المتحدة “تعليق” عملياتها الإنسانية في النيجر بسبب الانقلاب على نظام الرئيس محمد بازوم الذي يحتجزه أفراد من الحرس الرئاسي منذ أكثر من 24 ساعة، فيما دعا المجلس العسكري أنصاره إلى الهدوء بعد حوادث خلال تظاهرات لهم.
وأعلن العسكريون الانقلابيون “تعليق أنشطة الأحزاب السياسية حتى إشعار آخر”.
في غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الخميس “تعليق” العمليات الانسانية للمنظمة في النيجر بسبب الانقلاب.
وأفاد مكتب الشؤون الانسانية في الامم المتحدة (أوتشا) أن عدد من يحتاجون الى مساعدة انسانية في النيجر ارتفع من 1,9 مليون شخص في 2017 الى 4,3 ملايين شخص في 2023.
وفيما ندد حلفاء النيجر بالانقلاب، أعربت بوركينا فاسو التي تديرها حكومة انتقالية نتجت من انقلاب عن رغبتها في “تعاون أوثق” مع النيجر.
وبعد مالي وبوركينا فاسو، أصبحت النيجر ثالث دولة في منطقة الساحل تشهد انقلابا منذ العام 2020، فيما تقو ضها هجمات جماعات مرتبطة بتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
وفي وقت سابق الخميس، قال بازوم في رسالة عبر خدمة “إكس” المعروفة سابقا بـ”تويتر”، “ست صان المكتسبات التي حققت بعد كفاح طويل. كل أبناء النيجر المحبين للديموقراطية والحرية سيحرصون على ذلك”.
ويأتي ذلك بعد ساعات على إعلان عسكريين انقلابيين عبر التلفزيون الوطني أن هم أطاحوا بالرئيس المنتخب ديموقراطيا في العام 2021.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الانقلاب في النيجر مثال جديد على “المنحى المقلق” الذي تتخذه منطقة الساحل التي شهدت العديد من “التغييرات غير الدستورية” لحكومات دول متأثرة بالأساس بـ”تطرف عنيف”.
وبعدما تحدث مع بازوم يوم الانقلاب، قال غوتيريش الخميس إنه “لا يعلم أين هو”، مضيف ا “كان محتجز ا، قال لي إنه بخير، لكنه قال لي إنه الوضع خطير جد ا”.
من جهته، قال وزير الخارجية ورئيس الحكومة بالوكالة حسومي مسعودو عبر قناة “فرانس24″، “نحن السلطات الشرعية والقانونية”.
وأضاف مسعودو الموجود في نيامي “كانت هناك محاولة انقلاب”، ولكن “لم يشارك كل الجيش في هذا الانقلاب”. وقال “نطلب من هؤلاء الضباط المنشقين وقف تحركهم. يمكن تحقيق كل شيء من خلال الحوار، لكن مؤسسات الجمهورية يجب أن تعمل”.
وكان الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن قال محاطا بتسعة جنود آخرين يرتدون الزي الرسمي “نحن، قو ات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قررنا وضع حد للنظام الذي تعرفونه”. وأضاف “يأتي ذلك على أثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصادي ة والاجتماعية”.
وأكد “تمسك” المجلس بـ”احترام كل الالتزامات التي تعهدتها النيجر”، مطمئنا أيضا “المجتمع الوطني والدولي في ما يتعلق باحترام السلامة الجسدية والمعنوية للسلطات المخلوعة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان”.
ولاحقا، دعا الانقلابيون “السكان الى الهدوء” بعد حوادث خلال تظاهرة داعمة لهم في نيامير فعت خلالها أعلام روسية وشعارات معادية لفرنسا.
ونهب شبان مقر “الحزب النيجيري من أجل الديموقراطية والاشتراكية” الحاكم، على بعد بضعة كيلومترات من التجمع، وأضرموا النار في سيارات، حسبما رأى مراسلو وكالة فرانس برس.
تقدمت سيارة باتجاه حشد من الناس وتعرض سائقها للضرب ورشق نائب كان يشارك في التظاهرة بالحجارة. وخرجت تظاهرة أيضا في دوسو، على بعد مئة كيلومتر تقريب ا من العاصمة.
وعلق المجلس العسكري، الذي يضم جميع أسلحة الجيش والدرك والشرطة، كل المؤسسات، وأغلق الحدود البرية والجوية، وفرض حظر تجول من الساعة 22,00 مساء حتى الخامسة صباحا (21,00 مساء حتى الرابعة صباحا بتوقيت غرينتش).
واتهم العسكريون الانقلابيون الخميس فرنسا، التي لها 1500 جندي في النيجر، بانتهاك قرار إغلاق الحدود حين هبطت طائرة فرنسية عسكرية في مطار نيامي الدولي، داعين إلى “الالتزام التام بالإجراءات” التي اتخذها المجلس العسكري.
ونددت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس “بالانقلاب على السلطات المدينة والديموقراطية” في النيجر، وطالبت “بالإفراج عن الرئيس محمد بازوم وعائلته” المحتجزين من قبل الانقلابيين”.
وجاء الإعلان عن الانقلاب في نهاية يوم من التوتر في نيامي، اتسم بما وصفه النظام بأنه تعبير للحرس الرئاسي عن “استيائه” عبر احتجاز الرئيس بازوم في مقر إقامته الرسمي منذ صباح الأربعاء.
وفشلت المحادثات بين بازوم والحرس الرئاسي لمحاولة إيجاد حل ، من دون أن يعرف أحد ما هي مطالب الجيش.
وقبل الإعلان عن الانقلاب، كان من المقر ر أن تسعى وساطة غرب إفريقية الخميس إلى إيجاد حل لما كان لا يزال مجرد محاولة انقلابية، ندد بها جميع شركاء النيجر.
وطالبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في بيان “بالإفراج الفوري عن الرئيس محمد بازوم الذي يبقى الرئيس الشرعي والقانوني للنيجر المعترف به” من قبلها.
كذلك، دعت روسيا إلى “الإفراج السريع” عن بازوم، داعية الطرف ين إلى “الامتناع عن استخدام القوة وحل جميع القضايا الخلافية من خلال الحوار السلمي والبناء”.
ووصفت وزيرة الخارجية الالمانية انالينا بيربوك الخميس ما حصل في النيجر بانه “صفعة” لسكان هذا البلد، وذلك في بيان اثر مكالمة هاتفية مع نظيرها النيجري.
وللجيش الالماني قاعدة في نيامي تشكل منصة لسحب قواته من مالي المجاورة وينتشر فيها حاليا نحو مئة جندي.
وتعد النيجر واحدة من آخر حلفاء الدول الغربية في منطقة الساحل التي يجتاحها العنف الجهادي، بينما تحو ل اثنان من جيرانها هما مالي وبوركينا فاسو، بقيادة العسكريين الانقلابيين، إلى شركاء آخرين من بينهم روسيا.
وتشكل الصحراء ثلثي مساحة النيجر الواقعة في قلب منطقة الساحل القاحلة في غرب إفريقيا وتحتل مرتبة متأخرة في مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.
منذ استقلال هذه المستعمرة الفرنسية السابقة في العام 1960، شهدت أربعة انقلابات: الأول في أبريل 1974 ضد الرئيس ديوري هاماني، والأخير في فبراير 2010 تم ت خلاله الإطاحة بالرئيس مامادو تانجا، فضلا عن محاولات انقلاب عدة أخرى.