
استكانت النخب المغربية التي عمرت طويلا في ملاذها الضريبي
وأخلفت الموعد في زمن اقتصادي عصيب يفترض أن تمد فيه يدها لبلد فقير أعطاهم الكثير وكان متسامحا سموحا.
بلد سمح لنخبه في تسامح أو تغاضي أليم بأن يكبر فيهم الصغير.. وأن يشبع بينهم الجائع ..وأن يركب بعضهم أفخم السيارات ويسكن أفضل المساكن… وأن يجول ويصول في بلاد العجم والعرب… وأن يصرف أمواله يمينا ويسارا.. وأن يغدق منها على الأسرة والصحبة والخليلة…
ولكن حين يتعلق الأمر بضريبة الوطن فالنخب المغربية أكبر من ذلك
ما تربحه وتجنيه هو ملكا لها وحدها ..لا حق لأحد أن يعد ويحسب عليهم مداخيلهم وأرباحهم
هم خاسرون في كل الحالات
خاسرون لأنهم تواضعوا وبقوا معنا في هذا البلد
هم وحدهم سيقررون قيمة الضريبة المستحقة عليهم
وفي الغالب هم يخسرون في نهاية العام
لأنهم يحبون الحياة ، يصرفون كثيرا ، أطفالهم ليسوا كباقي أطفال المغاربة ، زوجاتهم من فصيلة مغايرة ، وصحباتهم مكلفات بشكل لا يمكن تصوره .
هذه هي النخب ..تحب أن تعيش ، ويجب أن تعيش ، وهي فوق المحاسبة وفوق أن يزعجها قانون ما ..حتى وان كان قانون للمالية .
وحدها هذه النخب ستقرر متى تدفع الضريبة على أرباحها ، وستقرر الطريقة التي ستدفع بها ، وفوق ذلك يمكنها أن تبتكر نظاما ضريبيا تشريعا خاصا بها لايشبه باقي الأنظمة .
ومن أجل أن لاتدفع الضريبة على أرباحها هي قادرة على الخروج إلى الشارع.. وتعطيل الحياة.. وتعطيل الإدارة ..والصمود والنضال ورفع الشارات والشعارات.. ورفع السقف عاليا وقلب الطاولة ..
هذه النخب التي لم تخرج يوما إلى الشارع كي تدافع عن حقوق المغاربة السياسية و الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ..هي قادرة اليوم على الخروج .. ومن أجل ذلك هي تدعو المغاربة لمساندتها ورفع الحيف عليها ..لأنها تريد أن تعيش وأن تعيش فقط .
النخب التي. تتحدث عنها أكثر وطنية منك و من غيرك.. و إذا سمحت نبدأ من بدايات المحامي على سبيل المثال.. فهو مثال للوطنية و حب الوطن
أولا: يبدأ مشواره المهني معتمدا على ذاته سواء من حيث الماديات أو التكوين .. الدولة التي تتحدث عنها استنكفت منذ عصور عن اخراج معاهد التكوين الخاصة بالمحامين .. تاركة المحامي لمصيره المجهول .. هذا بخلاف مثلا القاضي الذي تخرج من نفس الكلية التي تخرج منها المحامي .. القاضي يستفيد ماديا و علميا وذلك لاستفادته من راتب شهري محترم و تكوين عالي المستوى بالمعهد العالي للقضاء..
ثانيا:بعد كل هذا الصراع و الجهد في تكوين المحامي لنفسه بنفسه مادي و علميا لا تنسى أن المحامي يمتص جزء كبير من بطالة هذه البلاد.. ذلك أن كل مكتب محامي يشغل على الأقل شخص إلى شخصين..
ثالثا: غالبا ما تلجأ المطلقات و الأرامل و من هم في وضعية هشة إلى خدمات المحامي الذي غالبا ما يقدم خدماته بالمجان لهذه الفئة المستضعفة.. فكيف تريد للمحامي أن يطلب من هؤلاء أداء مبلغ 300 درهم كتسبيق ضريبي على الدخل بالإضافة إلى مصاريف صندوق المحكمة و أتعاب المفوض القضائي و و و..
المحامي لا يتهرب من الضرائب .. بل يدافع عن تلك الفئة الهشة من المجتمع
أرجو التفكير مليا عاد أكتب…