مسار هذا اليساري الذي يبلغ من العمر 82 عاما ، مسار مغاير لكل اليساريين في العالم
فهو الاشتراكي الذي كان مقربا من القصر الملكي في سنوات الرصاص .
وهو ابن الدار كما يقال الذي طالما قرب بين وجهتي نظر قادة الحزب الاتحادي المعارض وملك البلاد الحسن الثاني.
صديق مقرب من الزعيم الراحل عبد الرحيم بوعبيد ، وحمل لقب مهندس حكومة التناوب في عهد المرحوم عبد الرحمن اليوسفي .
خبير اقتصادي دأب على تقلد المناصب العليا طيلة مساره المهني .
فهو لم يكن إلا مديرا أو رئيسا أو وزيرا.
وحتى حين انتهى من تقلد المناصب الإدارية الكبرى تم تعيينه مندوبا ساميا لمؤسسة حيوية وإستراتيجية في المملكة وهي مندوبية التخطيط .
تكفل هذا المراكشي المولد منذ العام 2003 بإحصاء المغاربة (سكن ومسكن) وتتبع سبل عيشهم وتعايشهم ومأكلهم ومشربهم
وفسر فقرهم وغناهم وعلائقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية…ووقف من خلال مندوبيته السامية على سلوكات المغاربة ، وتآزرهم ، وعنفهم ، ولم يستثني حتى الأقليات بينهم .
رجل صبغ هذه المندوبية لسنوات طويلة بشخصيته الصارمة والعملية.
وحتى بعد تعبه وبلوغه من العمر عتيا ظل مصرا على الحضور وظل يوجه أطر هذه الدار وظل يدقق في الأرقام والإحصاءات .
وحتى عندما يتم تنظيم ندوة من الندوات تجد الرجل يتوسط طاولة الاجتماع وإن بتعب بادي على محياه وحركته ،فإنه مستمع ذكي ومتابع لكل حركة أو سؤال .
البعض يقول أن الدولة نسيته في منصبه ، وأنه فوق كل مراقبة أو محاسبة من طرف الحكومة ..فهو أقوى من الحكومات .
الحكومات التي طالما تضاربت أو تناقضت أرقامه مع أرقامها .
وطالما أعلن وهو في ريعان وهجه أن المؤسسات التي تقوم بالإحصاء لصالح مندوبيته تكون دوما دقيقة ونسبة الخطأ لديها ضئيلة، عكس المؤسسة التي تقوم بالإحصاء لصالح الحكومة..
تصريحات طالما جرت على الرجل غضب بعض الجهات ورغم ذلك ظل غير مبال .
لم يعد للرجل علاقة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .
ويبدو أنه لم يعد له دخلا بالخطاب السياسي ككل .
انزوى يعد ويحصي أنفاس المغاربة ، وظل صامتا وهو صمت العارف كما يقال …فما يعرفه هذا الرجل لا يقال ولا يسمع ؟