إدارة “الوسط الفوضوي” في أماكن العمل المختلط
بقلم سليمة أعميرة ، المدير العام لـمايكروسوفت المغرب
أدى نمط العمل عن بعد، الذي لجأ إليه الجميع إبان ذروة الجائحة، إلى خلق فضاءات عمل مختلطة وهجينة تفرض نفسها بقوة في الوقت الراهن. وبحسب أحدث مؤشر لشركة مايكروسوفت مؤشر اتجاه العمل ، من شأن هذا المعطى أن يحدد مآل فضاءات العمل لما بعد الجائحة. ويكشف هذا المؤشر أن الموظفين الذين شملهم الاستطلاع يسعون وراء “أفضل المزايا التي ينطوي عليها نمطي العمل”؛ فبينما اتجه 73 بالمائة إلى خيارات مرنة للاستمرار في العمل عن بعد، يتوق 67 بالمائة إلى الحضور الفعلي إلى جانب فرقهم.
تبعا لذلك، أصبح مشهد فضاءات العمل منقسما بين موظفين في مقرات العمل وآخرين في منازلهم، ينضمون إلى الاجتماعات عبر الإنترنت. هذه الظاهرة المختلطة هي التي أطلق عليها نائب رئيس الشركة لMicrosoft 365، جاريد سباتارو، اسم “وسط فوضوي “.
ويريد من هذا المفهوم الدلالة على أن الجمع بين العمل الحضوري، الذي برعت فيه العديد من الشركات قبل الجائحة، و العمل عن بعد الذي فرض نفسه خلال تفشي الجائحة، قد أدى إلى ظهور مشاكل جديدة. ومن هذه المشاكل – على سبيل المثال- عدم تجهيز مجالس الإدارة بأدوات التكنولوجيا الضرورية (شاشات للتفاعل والصوت وما شابه ذلك)، مما حال دون قدرة الموظفين الحاضرين في المكاتب على رؤية أو سماع زملاءهم العاملين عن بعد خلال الاجتماعات التي تستدعي التعاون والتنسيق.
يكمن التحدي في القدرة على إدارة هذا الوسط الفوضوي على نحو يضمن تعاونا انسيابيا وفوريا ومشاركة جميع الموظفين. سيتطلب الأمر من المشرفين على العمل بلورة تصور جديد بشأن أماكن العمل الفعلية التي تُعقد فيها الاجتماعات، وإعادة النظر في الأدوات الرقمية اللازمة لعمل الموظفين عن بعد وزملائهم في المكاتب، وذلك للحفاظ على مردودية كلا الطرفين. وفي هذا الصدد، كما جاء في مؤشر اتجاه العمل أن هدف أصحاب العمل الذين يؤمنون بضرورة نهج مقاربة مرنة في العمل هو “منح كل فرد الأدوات التي يحتاجون إليها للمساهمة على قدم المساواة من أي مكان.”
أهمية إرساء مقاربة العمل المختلط بشكل صحيح بالنسبة لسير الأعمال
الموظفون السعداء والمنتجون هم المؤشر الرئيس لنجاح أي نشاط، ومن هذا المنطلق، يتعين على أصحاب العمل أن يأخذوا الرغبة السائدة لدى الموظفين في العمل عن بعد على محمل الجد، إذ يتيح هذا النمط من العمل فرصا وظيفية جديدة – ناهيك عن أن أصحاب العمل يستفيدون، بدورهم، من مجموعة واسعة ومتنوعة من الكفاءات.
تظهر أرقام مؤشر اتجاه العمل أن 46 بالمائة من الموظفين الذين شملهم الاستطلاع على مستوى العالم كانوا يفكرون في ترك عملهم لأنهم يستطيعون العمل عن بعد. وفي منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا ، يظل هذا الرقم هاما للغاية، حتى لو انخفض إلى 36 في المائة. ويؤكد المؤشر أنه على هذا النحو فإن تبني أي شركة لنهج العمل الهجين سيحدد “من يبقى ومن يذهب”.
ما هي وضعية المغرب بهذا الخصوص؟
أشارت دراسة استقصائية حديثة للقوى العاملة في المغرب، أعدتها وكالة توظيف مايكل بايدج أفريقيا، إلى أن 38 بالمائة من الموظفين كانوا يعملون عن بعد. من بين هؤلاء الموظفين، أعربت الغالبية عن شعور إيجابي بخصوص العمل عن بعد، سواء من حيث الإنتاجية أو الرضا الوظيفي. كما وافق 77 في المائة من المستجوبين على أهمية استمرار هذا النمط بعد الوباء، بينما اختار الثلث التوازن بين النمطين. وبالنظر إلى الإيجابية حول العمل عن بعد والهجين، فإن أصحاب العمل في المغرب في وضع جيد لتعزيز فضاءات هذا العمل على النحو الذي سينمي انخراط وانتاجية الموظفين.
ما الذي نجحت فيه (مايكروسوفت)
على غرار بقية الأنشطة في عالم الأعمال، نتعلم من خلال طرحنا لهذه التغييرات الهجينة. وبخصوص ما تعلمناه، تبرز نيكول هيرسكويتز ، المدير العام لـ( Microsoft Teams )، أن الاجتماعات الهجينة قد غيرت قواعد اللعبة وأدت إلى تشكل بيئة عمل ناجحة، مؤكدة ضرورة الدقة في تبني هذا النهج.
وأوضحت هيرسكويتز، أن شركة (مايكروسوفت) تتبع طريقة الـ “ABC” في الاجتماعات القائمة على الفرق. حرف “A” مخصص للصوت ، لأن امتلاك التكنولوجيا المناسبة لمنح الجميع فرصة متساوية للحديث بوضوح أساسي للغاية من أجل التعاون الشامل. أما الحرف “B” فهو مخصص لـ “إعداد جهازك الخاص” (تشغيل الكاميرا والميكروفون)، مما يسمح للموظفين بالمشاركة مع أعضاء الفريق عبر الإنترنت في المحادثات وردود الأفعال الفورية أثناء اجتماعات الفرق. كما أن هذه الطريقة تكفل الوضوح مع الزملاء عن بعد. في حين يتعلق “C” بالتعاون؛ وعلى وجه التحديد، حول تعيين ميسر للتفاعلات بين الحاضرين الافتراضيين والفعليين.
وكما أبرز مؤشر اتجاه العمل، فإن إرساء أسس العمل الهجين الناجح سيكفل إعادة تصور الحيز المكتبي والاستثمار في دعم التكنولوجيا. وفي هذا الإطار ابتكرت (مايكروسوفت) تكنولوجيا جديدة تحتوي على ميزات غرف الفرق- Teams Rooms – الجديدة لإدارة “الوسط الفوضوي” على نحو أفضل.
تضم هذه الغرف صفا أماميا يعرض خانات الفيديو في الجزء السفلي من الشاشة، منتشرة بشكل أفقي. وقد تم إنشاء هذا الفضاء الرقمي لمحاكاة تجربة جلوس الموظفين رفقة بعضهم البعض. كما تم تعزيز قدرات (Surface Hub في غرف الفرق (Teams Rooms) لتقديم المزيد من الطرق التي تضمن التعاون بسلاسة – مثل السماح لكل مشارك افتراضي وشخصي “بالكتابة على نفس اللوحة الرقمية” في اجتماع بواسطة تقنية (لوحة مايكروسوفت البيضاء. تم تصميم كل من هذه التقنيات لضمان تجارب اجتماعات عادلة لجميع الموظفين، بغض النظر عن المكان الذي يتواجدون فيه.
قامت مايكروسوفت بتجميع تجاربها في دليل الممارسات الفضلى لنجاح الاجتماعات المختلطة ، والذي سيساعد أصحاب الأعمال في جميع أنحاء إفريقيا على إطلاق طرق عمل أكثر نجاعة في المستقبل. وهكذا، يمكن تجاوز الفوضى عبر إدارة الاجتماعات بين الموظفين عن بعد والطاقم الحاضر فعليا من خلال التكنولوجيا.
-انتهى-