غورباتشوف يدين “الغطرسة” الأميركية عشية الذكرى الثلاثين لاستقالته
رأى آخر زعيم للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف الجمعة أن الأزمة الحالية بين روسيا والغرب نابعة من “الغطرسة” الأميركية، عشية الذكرى الثلاثين لاستقالته التي شكلت النهاية الرسمية للكتلة قبل ثلاثين عاما.
وقال غورباتشوف (90 عاما) إنهم “فقدوا صوابهم، الغطرسة، إرضاء النفس، أعلنوا أنفسهم منتصرين في الحرب الباردة بينما أنقذنا معا العالم من المواجهة”.
وأضاف غورباتشوف لوكالة الأنباء الروسية نوفوستي “كيف يمكننا أن نأمل في علاقات ندية مع الولايات المتحدة، مع الغرب في هذا الوضع؟”، مدينا نزعة واشنطن إلى إعلان “الانتصار”.
ورأى أن المعسكر الغربي أراد “بناء إمبراطورية جديدة ومن هنا ولدت فكرة توسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.
ويرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن توسيع الحلف الأطلسي ليشمل دولا من الكتلة الشرقية السابقة هو السبب العميق للأزمة الروسية الغربية لأن الحلف في نظر الكرملين هو التهديد الرئيسي لأمنه الاستراتيجي.
واقترح بوتين هذا الشهر على الولايات المتحدة وحلفائها توقيع معاهدتين تنصان خصوصا أي منع أي توسيع مستقبلي للحلف وكذلك أي تعاون عسكري في ما تعتبره روسيا منطقة نفوذها.
ووافقت واشنطن على إجراء محادثات في/يناير مع أنها تعتبر أن العديد من هذه المطالب غير مقبولة، بهدف إتاحة خفض للتصعيد بينما يخشى الغرب أن تشن موسكو هجوما على أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة التي تطمح للانضمام إلى الناتو.
ورأى بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي الخميس أن ردود الفعل الأميركية الأولى على المطالب الروسية “إيجابية”، لكنه قال أيضا إنه يستعد لاتخاذ إجراءات “عسكرية وتقنية” للرد على التهديد الغربي.
وأشاد غورباتشوف بالمحادثات المقرر إجراؤها في كانون الثاني/يناير. وقال “أدعمهم وآمل أن تكون هناك نتيجة تسمح لجميع الدول الأوروبية بالشعور بالأمان”. وتتهم واشنطن والاتحاد الأوروبي موسكو بحشد قوات على حدود أوكرانيا تحضيرا لغزو هذا البلد، وتهددها بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة في حال وقوع عدوان.
استقال ميخائيل غورباتشوف من منصبه كرئيس لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في 25/ديسمبر 1991 في ما شكل النهاية الرسمية للإمبراطورية الشيوعية.
وقبل أيام، كان قادة بيلاروس وروسيا قد أعلنوا من جانب واحد نهاية الاتحاد السوفيتي.
ووصف بوتين سقوط الاتحاد السوفياتي بأنه “أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين”.
ويرى عدد كبير من الروس أن زوال الاتحاد السوفياتي والأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بالمجتمع بعد ذلك ما زالا يشكلان صدمة. وهم يعتبرون بوتين القائد الذي أعاد شرف البلاد وقوتها على الساحة الدولية.
وقالت سفيتلانا أوتكينا (30 عاما) التي تقيم في موسكو وتعمل سكرتيرة لوكالة فرانس برس إن “هناك شعورا بالحزن مرتبطا بهذا التاريخ”. واضافت “لم أختبر تلك الفترة لأنني ولدت في تسعينات القرن الماضي، لكن والدي قالا لي إنها كانت رائعة. التعليم مجاني، أمور كثيرة كانت مجانية”.
من جهتها، صرحت المعلمة المتقاعدة فالنتينا شميلفا (84 عاما) أنها لا تملك ما يكفي من الكلمات القاسية لتوجيهها إلى غورباتشوف وبوريس يلتسين، الرئيس الروسي الذي سر ع سقوط الاتحاد السوفيتي.
وقالت شميليفا بصراحة إن “الخونة وصلوا إلى السلطة ودمر غورباتشوف الاتحاد وساعده السكير يلتسين”.
أما يفغيني دوتسينكو (46 عاما) فرأى أن انهيار الاتحاد السوفياتي “مؤسف”.
وقال دوتسينكو الذي يعمل كهربائيا في مترو الانفاق لفرانس برس “ولدت ونشأت في الاتحاد السوفياتي وأحببت العيش في ذلك الوقت”، مشيرا إلى أن “كل شيء كان مجانيا: التعليم والطب وكل شيء”.
وانهار الاتحاد السوفياتي بعدما قوضته تناقضاته الداخلية وأزمة اقتصادية وغذائية ونقص الوسائل وتطلعات جمهورياته إلى الاستقلال وبسبب سباق التسلح مع الولايات المتحدة الذي أفرغ خزائنه.