بعد أسبوعين على إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد، أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الأحد أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.
وجاءت تصريحات الشرع في مؤتمر صحافي في دمشق مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعد استقباله وفدا لبنانيا تعهد خلال الاجتماع معه بوضع حد للنفوذ السوري “السلبي” في البلد المجاور.
وانتهى حكم الأسد فجر الثامن من ديسمبر مع دخول فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام بزعامة الشرع دمشق.
وفر الرئيس السابق الذي حكم سوريا بقبضة حديدية لمدة 24 عاما، إلى روسيا إيذانا بنهاية أكثر من 50 عاما من حكم عائلة الأسد.
في هذا السياق الانتقالي في البلد الذي عانى من حرب أهلية مدمرة دامت 13 عاما، أعلن أحمد الشرع أن “الفصائل المسلحة (ستبدأ) في بالإعلان عن حل نفسها والدخول تباعا” في الجيش.
وأضاف خلال المؤتمر الصحافي “لن نسمح على الإطلاق أن يكون هناك سلاح خارج الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من الفصائل المتواجدة في منطقة قسد”، مستعملا الاسم المختصر لقوات سوريا الديموقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري.
وتعتبر تركيا أن وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي لسوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال وشمال شرق سوريا، مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا ضدها منذ الثمانينيات.
ودارت اشتباكات الأحد بين فصائل موالية لتركيا وقوات سوريا الديموقراطية في منطقة سد تشرين على نهر الفرات، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد عن مقتل امرأة وطفلتها في “قصف مدفعي نفذته الفصائل الموالية لتركيا” في ريف عين العرب/كوباني (شمال).
على صعيد متصل، أعلن الدبلوماسي المسؤول عن قضايا الشرق الأدنى والأوسط في وزارة الخارجية الألمانية توبياس تونكل الأحد إنه تحدث مع قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي حول التوترات المتزايدة على حدود مدينة كوباني التي يسيطر عليها الأكراد “وإجراءات عاجلة يجب اتخاذها لنزع فتيلها”.
أكد الشرع مجددا أن الإدارة الجديدة تعمل على حماية الأقليات داخليا وكذلك من “الأدوات الخارجية” التي تحاول استغلال الوضع “لإثارة النعرات الطائفية”، وشدد على أهمية “التعايش” في بلد متعدد الأعراق والمذاهب.
وشدد على أن “سوريا بلد للجميع ونحن نستطيع أن نتعايش مع بعض”.
في أول لقاء مع سياسي لبناني بارز، استقبل الشرع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على رأس وفد كبير من وجهاء دينيين ونواب من بينهم نجله تيمور الذي خلفه في رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي.
وأكد الشرع لجنبلاط أن “سوريا لن تكون حالة تدخ ل سلبي في لبنان على الإطلاق وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني”، و”تقف على مسافة واحدة من الجميع” في المرحلة المقبلة بعدما “كانت مصدر قلق وإزعاج” في لبنان.
وعقد اللقاء في القصر الرئاسي حيث ظهر الشرع للمرة الأولى مرتديا بدلة وربطة عنق.
ودخل الجيش السوري لبنان في العام 1976 كجزء من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية.
لكن الجيش السوري تحو ل الى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق “قوة الوصاية” على الحياة السياسية اللبنانية تتحك م بكل مفاصلها، حتى العام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقا إلى حليفها حزب الله.
ويت هم جنبلاط سوريا باغتيال والده كمال في العام 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. وتنسب إلى دمشق خلال حكم آل الأسد الذي امتد أكثر من خمسين عاما، عمليات اغتيال طالت قادة لبنانيين مناهضين للتدخ ل السوري في بلادهم.
وقال الزعيم الدرزي خلال اللقاء “نتمنى أن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين من قبل بعض المجرمين السوريين، ونتمنى ان تقام محاكم عادلة للذين أجرموا بحق الشعب السوري وما ادرك ما كانت تلك الجرائم”.
وتعهد أحمد الشرع بأن “يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات… وأرجو ان تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان”.
ندد الشرع أيضا بالدور الذي أدته إيران في بلاده، قائلا “كان وجود الميليشيات الإيرانية في سوريا مصدر قلق لكل الدول الإقليمية والعالمية”.
ووفرت موسكو وطهران وحزب الله اللبناني دعما سياسيا وعسكريا لسوريا خلال حكم الأسد. كما أرسلت إيران “مستشارين” لمساعدة قواته عقب اندلاع النزاع في بلاده عام 2011، والذي أسفر عن مقتل حوالى 500 ألف شخص.
وبعدما تلقى حلفاء لطهران سلسلة ضربات خلال الأشهر الماضية، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الأحد أنه ليس لإيران “قوات بالوكالة” في الشرق الأوسط ولا تحتاج إليها لاستهدف “العدو”.
وتوقع خامنئي “ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء” في سوريا، مشيرا إلى أنه “ليس لدى الشباب السوري ما يخسره”.
في ما يتعلق بالعقوبات التي تخضع لها سوريا، شدد فيدان على “وجوب رفع العقوبات المفروضة على النظام السابق في أسرع وقت ممكن حتى يتسنى تقديم الخدمات”.
وتابع “يجب على المجتمع الدولي أن يحشد كل جهوده حتى تنهض سوريا ويعود المهجرون إلى بلدهم”.
منذ تول ي الإدارة الجديدة السلطة في دمشق، توالى وصول بعثات دبلوماسية غربية وعربية، بما في ذلك من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا. وأعادت بعض الدول فتح سفاراتها في العاصمة.
وفي الرياض، قال دبلوماسي سوري لوكالة فرانس برس إن الحكومة السعودية أقامت اتصالا مباشرا مع السلطات الجديدة، وسترسل وفدا إلى دمشق.