
يهدف مطعم جديد في باريس أسسه فلسطيني من غزة وفرنسي إسرائيلي وافتتح السبت إلى الدعوة للمصالحة من خلال الطعام.
واحتشد أول الزبائن لتناول الحمص والفلافل والسلطة الغزية أمام مطعم “صبابا، طعم السلام” الذي ارتفعت فيه الأعلام الفلسطينية والفرنسية والإسرائيلية.
وانكب رجا أبو دقة وفريق عمله منذ السادسة صباحا على إعداد أطباق شرقية لعائلات وأصدقاء من مختلف الأعمار حضروا وجلسوا على حصائر أو على طاولات.
وقال أبو دقة، وهو فرنسي فلسطيني الأصل من قطاع غزة، في مطبخ المطعم المزدحم، وهو ي حض ر المناقيش، إن “كل شيء مصنوع يدويا”.
وهذا المطعم الذي سيفتح أبوابه أربع ليال أسبوعيا حتى يونيو 2026، هو فكرة الفرنسي الإسرائيلي الأصل إدغار لالوم، بالتعاون مع مجموعة “نو ريكونسيلييه” Nous reconcilier (أي “نتصالح”).
وقال لالوم، بينما كان أبو دقة ينظر إليه: “أنا سعيد بهذا اليوم لأنه يأتي في وقت يلوح أخيرا أمل هناك أيضا”، في إشارة إلى العودة المتوقعة للرهائن الإسرائيليين وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين.
وأوضح لالوم الذي عاش 30 عاما في القدس، أن قائمة الطعام في المطعم تتكون من “أطباق يتناولها الإسرائيليون والفلسطينيون على السواء”.
وعلق أبو دقة قائلا إن “للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي العادات نفسها، والأحلام إياها، والدموع ذاتها، والحزن عينه”.
وأضاف “نحن نتشارك الأرض نفسها، وعلينا جميعا أن نعيش عليها معا”، مشيدا بقرار الحكومة الفرنسية وغيرها من الدول الاعتراف بدولة فلسطين.
– “فرحة الحياة” –
يقع المطعم في مركز ثقافي يحمل اسم “كونسولا فولتير” كان قديما محطة كهرباء فرعية في الدائرة الحادية عشرة من باريس، بالقرب من ساحة الباستي .
ولاحظ رافاييل، وهو زبون طلب عدم ذكر شهرته، أن للأعلام الثلاثة “دلالة رمزية”.
وقال لوكالة فرانس برس “هذا جميل جدا، وكنت أشرح لابني أننا نستطيع جميعا العيش معا في نهاية المطاف”.
أما هنري بولان، وهو زبون آخر يبلغ السابعة والخمسين، فقال إنه رأى في ذلك دلالة على “المصالحة” و”رابطا بين الجمهورية الفرنسية من جهة” و”هاتين الدولتين اللتين لم تولد إحداهما بعد”.
وأكد أنه مقتنع بأن “مكانا كهذا لن يتأثر سلبا” حتى لو تجددت الحرب في قطاع غزة.
ورأت عالمة النفس الاجتماعي جويل بورديه (72 عاما) أن ثمة مبالغة في استخدام كلمة “مصالحة”.
واعتبرت أن “مجرد وجود أشخاص في المكان نفسه رغم كونهم أعداء فعليا أمر غير عادي”. وأضافت “لا أستطيع فعل ذلك اليوم في ظل شبكتي مع الروس والأوكرانيين”.
وقال نور الدين سكيكر، رئيس جمعية “جالون بور لا بيه” Jalons pour la paix (“معالم من أجل السلام”) التي حضر بعض متطوعيها مع مجموعة شبابية محلية لتقديم المساعدة إن “هذه المساحة الصغيرة جدا تتسع للجميع”.
قرابة الثانية من بعد الظهر، كان طابور طالبي المقبلات يمتد طويلا.
وإلى جانب قائمة الطعام، لائحة أنشطة تشمل قراءات شعرية باللغات العبرية والعربية والفرنسية، ومجموعات نقاش وحفلات موسيقية، وكل ذلك، بحسب مؤسسي المطعم، بروح “فرحة الحياة”، وهو المعنى الذي تنطوي عليه كلمة “صبابا” في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية.



