مقالات الرأي

قانون القنب الهندي.. تنمية غائبة وحقوق الفلاحين الصغار مهدورة

مولاي أحمد الدريدي

رغم الآمال الكبيرة التي رافقت اعتماد القانون 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، يكشف واقع الحال أن الفلاحين الصغار في مناطق الريف ظلوا خارج معادلة التنمية، في مقابل استفادة الوسطاء والمستثمرين الكبار فقط. فالإجراءات المعتمدة من طرف الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لم تضمن العدالة المجالية ولا المردودية الاقتصادية والاجتماعية التي انتظرها المزارعون البسطاء.

فبينما تؤكد التجارب الدولية أن إنجاح مثل هذه المشاريع يقتضي إدماج الفلاحين والتعاونيات في القيمة المضافة وضمان استفادتهم من الدعم والتمويل والتصنيع المحلي، ظل الواقع المغربي رهين مقاربة أمنية ضيقة ركزت على ضبط الزراعة والتحكم في المساحات، دون توفير بدائل اقتصادية ملموسة.

وقد خرج مزارعو الكيف عن صمتهم في مسيرة احتجاجية غير مسبوقة يوم 5 غشت 2025، رفعوا خلالها شعار: “لا تقنين بدون حقوق”. وهي رسالة قوية تعكس حجم التهميش وغياب الثقة في السياسات الرسمية.

كما يتعرض أداء الوكالة ومديرها محمد الكروج لانتقادات متزايدة من فاعلين اقتصاديين وصناعيين، وحتى من الفلاحين الذين يفترض أن يكونوا المستفيد الأول من هذا القانون. ففي الوقت الذي يعاني فيه المزارعون من صعوبات التسويق وغياب الدعم، انشغلت الوكالة ببعث وفود إلى الخارج بحثًا عن أسواق جديدة، من دون رؤية تشاركية ولا استشارة حقيقية مع المعنيين في الميدان.

إن استمرار هذه المقاربة الأمنية والإدارية لن يفضي إلا إلى تكريس التفاوتات وتعميق الإحباط في منطقة عانت لعقود من التهميش والوصم. والحل، كما يطالب به العديد من الفاعلين، يكمن في عقد مناظرة وطنية جامعة، تضم الفلاحين، التعاونيات، الصناعات الدوائية والتجميلية، الخبراء، المجتمع المدني، ومؤسسات الدولة، من أجل وضع خارطة طريق وطنية مندمجة تضمن التنمية والعدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى