الرئيسيةثقافات وفنون

الجوائز الكارثية لمهرجان تطوان .. غليان داخل بيت المسرح المغربي!

كتب أحمد الدفراوي

مسرحيون مغاربة محترفون، ومنهم خريجون من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، غاضبون من نتائج الدورة 24 للمهرجان الوطني للمسرح التي اختُتمت بمدينة تطوان مساء يوم الجمعة 29 نوفمبر الماضي.

من بين الغاضبين أيضا من نتائج هذه الدورة صحافيون متخصصون في مواكبة حركية المسرح المغربي، وأخص بالذكر الصحافي والناقد المسرحي الطاهر الطويل الذي لديه أبحاث ودراسات مسرحية عديدة، وهو من الذين ساهموا منذ أكثر من أربعين سنة عبر كتاباته الصحفية في مساءلة التجارب المسرحية بكل توجهاتها، سواء ضمن مسرح الهواة أو المسرح الاحترافي.

نشر الكاتب الصحفي والناقد المسرحي الطاهر الطويل أول أمس في حسابه بفيسبوك تدوينة أولى كتب فيها : “جوائز المهرجان الوطني للمسرح بتطوان… كارثية !”.
ثم أضاف بعدها تدوينة ثانية كتب فيها:
“لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ رددها غسان كنفاني في نهاية روايته “رجال في الشمس”، ويصح قولها للمسرحيين بعد اختتام مهرجان تطوان”.

فما الذي جعل بعض المسرحيين يغضبون من نتائج الدورة الأخيرة من المهرجان الوطني للمسرح بتطوان؟

تواصلت مع أحد المسرحيين الغاضبين، وهو مقيم في الدار البيضاء، فعبّر لي عن استغرابه كيف أنه من بين 12 عرضا مسرحيا تم انتقاؤها للمشاركة في هذه الدورة من المهرجان الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة، لم تفز بالجوائز الهامة سوى فرقتين اثنتين، حيث حصدت فرقة من الرباط جوائز أحسن ممثلة، وأحسن ممثل، وأحسن نص، وأحسن إخراج، وفازت فرقة من فاس عبر أحد ممثليها بجائزة الأمل في التشخيص، وبجائزة أحسن سينوغرافيا، وبالجائزة الوطنية الكبرى، و الجائزة الوحيدة التي لم تفز بها الفرقتان، هي جائزة الملابس التي فازت بها فرقة من مدينة سلا.
أضاف المسرحي البيضاوي في حديثه معي، بأنه ما عدا فرقتي الرباط وفاس، فإن باقي الفرق المسرحية المحترفة التي تم انتقاؤها للمشاركة في المهرجان كان دورها مجرد أدوات لتأثيث المهرجان، إذ خرجت بأيادٍ فارغة، ولم تفز بأية جائزة، وهذه الفرق هي فرقة شارع الفنّ للإبداع من الدار البيضاء التي شاركت بمسرحية عنوانها “Co-vide 81” من إعداد وإخراج أيوب أبو النصر وهو خريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وفرقة أريف للثقافة والتراث، وفرقة أوراس للمسرح الأمازيغي وفرقة الريف للمسرح الأمازيغي, وهي فرق من مدينة الحسيمة، وفرقة مؤسسة أرض الشاون للثقافات بمدينة شفشاون التي شاركت بعمل مسرحي من تأليف الممثلة قدس جندول وإخراج ياسين أحجام وهما خريجان من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وفرقة الحي للثقافة والتنمية من تمارة التي قدمت مسرحية تحسيسية حول داء السرطان، وفرقة أفروديت لمؤسسها المخرج عبد المجيد الهواس أستاذ السينوغرافيا بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي الذي شارك بمسرحية “الحافة”، من إخراجه ومن تأليف الكاتب المسرحي يوسف فاضل.
المسرحي البيضاوي الغاضب أسرّ لي بأنه يستغرب كيف أن فرقة الرباط فازت بجوائز أحسن إخراج وأحسن نص وأحسن ممثل وأحسن ممثلة، بينما فرقة فاس فازت بالجائزة الوطنية الكبرى، وتساءل عن معنى الجائزة الوطنية الكبرى إن لم تكن تعني أن العرض الذي فاز بها هو عرض متكامل ومميز من حيث النص والتشخيص والإخراج.
المسرحي البيضاوي الغاضب ساقه غضبه إلى اعتبار أن هناك شبهة الانحياز وتضارب المصالح في اختيار العروض الفائزة، مشيرا إلى أن الممثلة مريم الزعيمي مخرجة العمل المسرحي من مدينة فاس الذي فاز بالجائزة الوطنية الكبرى كانت ضمن أعضاء لجنة دعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح التي منحت الدعم للمشاريع المسرحية في شهر يونيو 2023.
غير أنني، ضبطا للمعلومة، أخبرت المسرحي البيضاوي الغاضب بأن المسرحية التي فازت بها مريم الزعيمي بالجائزة الوطنية الكبرى في المهرجان الوطني للمسرح الأخير لم تستفد من الدعم سنة 2023، بل استفادت منه خلال السنة الحالية في اجتماعات لجنة الدعم التي انعقدت في الفترة ما بين 8 يوليوز و 5 غشت 2024، علما أن اجتماعات لجنة دعم المسرح في سنتي 2023 و2024 ترأسها السيد حسن النفالي.

قال لي المسرحي البيضاوي الغاضب :
“واخا. دابا نقولو حالة مريم الزعيمي ما فيهاش الانحياز. وشنو رايك أن مخرج مسرحية فرقة الرباط للي خذات جوائز النص والتشخيص والإخراج، هو المدير الفني ديال المهرجان؟”.
أجبته :
“واش كتعني أن المدير الفني الحالي ديال المهرجان الوطني للمسرح، هو مخرج المسرحية للي خذات فالمهرجان جائزة الإخراج؟”.
قال لي :
إيه. وإيلا ما كنتيش عارف ابحث وسول.

بعد أن أنهيت اتصالي بالمسرحي البيضاوي الغاضب، بحثت. فوجدت أن المعلومة صحيحة.

الحقيقة أنني لا علم لي بأن مثل هذا الأمر مقبول، ولا أعرف هل هناك ما يمنع قانونيا من أن يتبارى مدير فني للمهرجان على جوائز المهرجان الذي هو مديره الفني.
لكن يبدو أن الأمر غريب ومثير للشبهة.

نعم.
يمكن أن يكون مدير فني لمهرجان سينمائي أو مسرحي مخرجا نبيها ذكيا ممتازا ولديه الكفاءة والمؤهلات للفوز بكل جوائز مهرجانات العالم.
كما يمكن ألا يكون هناك أي قانون يمنعه من المشاركة في المهرجان الذي هو مديره الفني.
لكن الأمر يبدو شاذا..

كان ممكنا مثلا، أن يكون هناك نص في قانون المهرجان يمنع مشاركة الأعمال التي يكون أحد القائمين عليها مسؤولا ضمن اللجنة التنظيمية للمهرجان.
هذا هو الطبيعي.

المهم أن “البكا من ورا الميت خسارة”.
كان على المسرحيين الغاضبين الذين طعنوا في نتائج المهرجان أن يعلنوا عن الخلل قبل انطلاق المهرجان، ويرفضوا المشاركة في مهرجان تشارك فيه فرقة مسرحية مخرجها هو نفسه المدير الفني للمهرجان.
وهذا ما كان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى