تكريم الممثلة نجاة الوافي بمهرجان سيدي قاسم السينمائي
يتميز حفل افتتاح الدورة 24 لمهرجان الفيلم المغربي القصير بسيدي قاسم، مساء يوم الخميس 31 أكتوبر 2024، بتكريم جد مستحق للممثلة نجاة الوافي وهي في أوج تألقها وعطائها الفني. فيما يلي ورقة تسلط بعض الأضواء على مسارها وأعمالها في المسرح والسينما والتلفزيون:
حضور أنيق أمام كاميرات السينما والتلفزيون.
للممثلة الجميلة نجاة الوافي حضور أنيق في السينما والتلفزيون ببلادنا، شاهدتها مؤخرا في الفيلم السينمائي القصير “ذاكرة للنسيان” (2023) للصديق الهواري غباري وأعجبت بأدائها المتزن فيه. ولعل نجاح هذا الفيلم وحصده للعديد من الجوائز هنا وهناك يرجع في جانب منه إلى تيمته الإنسانية وطريقة تناولها فنيا، كما يرجع أيضا إلى اختيارها بطلة لتشخيص دور مخرجة (مريم) تعود في بحثها عن فضاءات مناسبة لتصوير أحد أفلامها إلى الأماكن التي قضت بها طفولتها، الشيء الذي يذكرها بلحظات أليمة تعرضت فيها للتحرش الجنسي من طرف فقيه “لمسيد” بالدوار، كما يذكرها أيضا بهروبها ليلة عرسها رافضة تزويجها دون رضاها من طرف والدها وهي قاصر.
لم يكن هذا الفيلم هو الوحيد الذي جعلني أعجب بالفنانة نجاة، بل شاهدتها في أعمال سينمائية وتلفزيونية أخرى وترك لدي تشخيصها لمختلف الأدوار المسندة لها نفس الإحساس بالمتعة ونفس الإعجاب بممثلة موهوبة ومتمكنة من أدواتها. وهذا ليس غريبا إذا علمنا بأن الوافي تربى لديها منذ الصغر ميل إلى الفن (غناء وسينما ومسرحا…) بفضل أسرتها التي كانت تعشق الأغاني الملتزمة (الشيخ إمام المصري وأحمد قعبور اللبناني ومصطفى الكرد الفلسطيني، إلى جانب رواد المجموعات الغنائية المغربية…) وبفضل إخوانها الذين كانوا يصحبونها معهم وهي طفلة لحضور عروض ومناقشة الأفلام ضمن أنشطة الأندية السينمائية، الشيء الذي دفعها وعمرها 11 سنة إلى ارتياد دار الشباب ابن خلدون بمدينة المحمدية، مسقط رأسها، حيث انفتحت على الأنشطة المسرحية والغنائية والرياضية وغيرها، في إطار جمعية الإشعاع الثقافي أو جمعية الأمل للثقافة والسينما أو نادي التواصل… وشاركت كممثلة في مجموعة من المسرحيات منها ما تم بثه على شاشة التلفزيون، كمسرحية “تسليم لسياد” (نصها مقتبس عن “جزيرة العبيد” لماريفو)، ومن آخر هذه المسرحيات “كان يا مكان كورونا” سنة 2023. ولتحقيق حلمها بأن تصبح ممثلة مقتدرة سافرت إلى فرنسا، بعد حصولها سنة 1995 على دبلوم في الإدارة والتسيير من معهد متخصص بالمحمدية، والتحقت بالمدرسة الوطنية للكوميديا بسانت إيتيان من أجل صقل موهبتها في التشخيص على الركح وأمام الكاميرا. كما استفادت من تداريب ودورات تكوينية أخرى داخل الوطن وخارجه وتلقت أيضا تكوينا في السينما والسمعي البصري بأحد أهم المعاهد الكندية بمونتريال (Trebas) توج بحصولها على شهادة عليا في الإخراج، الشيء الذي أهلها لإخراج بعض الأفلام القصيرة أو الإشتغال كمساعدة في الإخراج بالديار الكندية.
شاركت نجاة الوافي لحد الآن، كممثلة، في الأفلام السينمائية الروائية الطويلة التالية: “الباندية” (2004) لسعيد الناصري، “العايل” (2005) لمومن السميحي، “ملائكة الشيطان” (2007) لأحمد بولان، “حجاب الحب” (2008) لعزيز السالمي، “الدار الكبيرة” (2009) للطيف لحلو، “كلاب الدوار” (2010) لمصطفى خياط، “غضب” (2012) لمحمد زين الدين، “ملاك” (2012) لعبد السلام الكلاعي، “خلف الأبواب المغلقة” (2013) لمحمد عهد بنسودة، “عملية إليكسير” (2022) للمهدي السقاط.
ولا يمكننا تجاوز عمل آخر من الأعمال التي تألقت فيها النجمة المغربية نجاة الوافي وهو الفيلم القصير “شعر مقدس” (2017) الذي صورت مشاهده بكندا تحت إشراف المخرج ماريو موران (Mario Morin) وحصد بدوره جوائز عدة ومهمة بالولايات المتحدة الأمريكية، الشيء الذي أغنى رصيدها من الجوائز. ومع ذلك يبقى هذا العدد من الأفلام قليلا بالمقارنة مع أعمالها التلفزيونية الكثيرة.
من أفلامها التلفزيونية نذكر العناوين التالية: “خيوط العنكبوت” للراحل محمد اقصايب، “الضيفة” لحميد بناني، “المكروم” لداود أولاد السيد، “ليالي بيضاء” لجمال بلمجدوب، “غضبة” للراحل محمد حسن الجندي، “أبو أمل” لهشام عين الحياة، “كاتب تحت الطلب” للطيف لحلو، “مسحوق الشيطان” و”بيت من زجاج” لعز العرب العلوي، “تمزق” لسعد الشرايبي، “يجب إنقاذ سعيد” للفرنسي ديديي غروسي، “بوشعيب بوسعود” لعبد الكريم الدرقاوي، “إنفصام” لإبراهيم شكيري، “ورطة قاضي” لحكيم البيضاوي، “قلب كريم” لعبد الحي العراقي…
أما المسلسلات والسلسلات والسيتكومات التي شاركت فيها نجاة الوافي فمن بينها: “العين والمطفية” و”تريكة البطاش” لشفيق السحيمي، “مستر ميلود” و”لكديديب” لمحمد ليشير، “عند الفورة يبان لحساب” للراحلة فاطمة شبشوب، “لالة فاطمة” (ج2) لعلي الطاهري، “قطار الحياة” و”شريكتي مشكلتي” لفاطمة الجبيع، “البعد الآخر” لمحمد كراط، “ساعة في الجحيم” لياسين فنان وعلي المجبود وعلي الكتاني، “عنوان جديد” لصوفي لوران (بكندا)، “عيون غائمة” لسعيد خلاف، “جوديا” لصفاء بركة، “أحلام بنات” (موسمين) لعلي المجبود، “حرير الصابرة” ليزيد القادري، “أسرار الليل” لهشام الجباري…
يذكر أن الفنانة نجاة الوافي، المزدادة بالمحمدية يوم 10 مارس 1975 من أبوين جبليين من شمال المغرب، لم تقتصر على الوقوف أمام وخلف الكاميرا، بل اقتحمت كذلك مجال التنشيط في بعض البرامج التلفزيونية الناجحة (لالة العروسة وصحتي كل يوم) وسهرات التكريمات، كتكريم الراحلين حسن الصقلي ومحمد سعيد عفيفي بمهرجان زاكورة والطيب الصديقي بالدار البيضاء، وحفلات الإفتتاح والإختتام ببعض المهرجانات السينمائية والمسرحية والغنائية المنظمة ببلادنا، واختيرت عضوة بلجان تحكيم مسابقات مجموعة من المهرجانات السينمائية داخل المغرب وخارجه.
تكريمها بالدورة 24 لمهرجان الفيلم المغربي القصير بسيدي قاسم، وهي في أوج عطائها الفني، هو تكريم لممثلة فرضت حضورها بقوة أمام كاميرات السينما والتلفزيون واحتفاء بتجربة إبداعية لها فرادتها انطلقت بشكل احترافي منذ ما يقارب ربع قرن من الزمان.
أحمد سيجلماسي