رفض رئيس الوزراء الإ سرائيلي بنيامين نتانياهو وقف إطلاق نار في الحرب ضد حماس والتي دخلت الثلاثاء شهرها الثاني رغم الدعوات المتكررة لهدنة إنسانية في غزة وتجاوز حصيلة القتلى عشرة آلاف بحسب الحركة الفلسطينية.
وأوقع هجوم مباغت شنته حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على البلدات الحدودية في إسرائيل 1400 قتيل غالبيتهم من المدنيين وسقطوا عموما في اليوم الأول للهجوم، وتم احتجاز أكثر من 240 رهينة أيضا، بحسب السلطات الإسرائيلية. وأحيا الاسرائيليون الثلاثاء ذكرى هؤلاء في تجمعات أقيمت في مواقع عدة في البلاد.
وأتى إحياء الذكرى بعد ليلة أخرى من تواصل القصف الجوي الاسرائيلي على القطاع الذي تسيطر عليه حماس ما أسفر عن سقوط أكثر من مئة قتيل بحسب وزارة الصحة التابعة للحركة.
كما واصلت القوات الاسرائيلية التقدم في القطاع بعدما طوقت مدينة غزة وقسمت القطاع الى شطرين بحسب الجيش.
وقال هشام كلاب وهو نازح فلسطيني عالق من جراء القصف الاسرائيلي على رفح في جنوب القطاع “أوقفوا هذه الحرب الظالمة (…) انهم يستهدفون المدنيين في منازلهم. أوقفوا آلة الدمار هذه، أنقذونا”.
وفي إسرائيل، التزمت مدن عدة ومؤسسات بينها الكنيست (البرلمان) دقيقة صمت في ذكرى القتلى الذين سقطوا في السابع من تشرين الأول/اكتوبر.
في الجامعة العبرية بالقدس، شارك نحو ألف شخص في تجمع تليت بعده الصلوات على أرواح القتلى الإسرائيليين. وقال رئيس الجامعة آشر كوهين “لقد تركت الفظائع التي ارتكبت أثر ا مرو ع ا، ولكن هناك أمل. ستكون هناك ولادة جديدة”.
وأكد نتانياهو خلال مقابلة تلفزيونية أجرتها معه محطة “إيه بي سي نيوز” الأميركية مساء الاثنين “لن يكون هناك وقف إطلاق نار – وقف إطلاق نار شامل – في غزة من دون إطلاق سراح رهائننا”.
وأضاف “في ما يتعل ق (…) بوقف إطلاق النار لفترات قصيرة – ساعة هنا وساعة هناك – فهذا أمر سبق أن حصل فعلا “. وتابع “أعتقد أن نا سندرس الظروف للسماح للسلع – السلع الإنسانية – بالدخول أو لرهائننا بالمغادرة، لكن ني لا أعتقد أن ه سيكون هناك وقف شامل لإطلاق النار”.
وأضاف “إسرائيل ستتولى، لفترة غير محددة، المسؤولية الأمنية الشاملة” في غزة (..) فعندما لا نتولى هذه المسؤولية الأمنية، فإن ما نواجهه هو اندلاع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا تخي له”.
وكانت إسرائيل سحبت قواتها وفككت المستوطنات التي كانت مقامة في غزة في العام 2005.
ومنذ 2007، بات القطاع تحت سيطرة حركة حماس، وهو يخضع لحصار إسرائيلي منذ ذلك الحين، تم تشديده بعد اندلاع الحرب الراهنة.
تدعو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وقادة العالم العربي ودول أخرى في العالم الى وقف إطلاق النار، وهي فكرة لا تدعمها واشنطن التي تدفع في اتجاه “توقف إنساني” لاطلاق النار وتشدد على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وأتت تصريحات نتانياهو بعدما طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجددا بـ”وقف إطلاق نار إنساني يزداد إلحاحا ساعة بعد ساعة” في القطاع الذي أضحى “مقبرة للأطفال”.
وأضاف أن “الكابوس في غزة هو أكثر من مجرد أزمة إنسانية. بل أن البشرية تعاني أزمة”.
وبلغت حصيلة القتلى في غزة منذ السابع من أكتوبر المنصرم 10328 شخصا بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الثلاثاء.
ورأى رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني يونس الخطيب ان قطاع غزة يشهد يوميا “جرائم ضد الإنسانية”.
والثلاثاء، دعت منظمة “أطباء بلا حدود” الى وقف إطلاق النار، معتبرة ذلك شرطا لتنظيم المساعدات الانسانية.
وجدد غوتيريش إدانته “لأعمال إرهابية مروعة” ارتكبتها حماس، معتبرا أن الحركة الفلسطينية تستخدم “المدنيين دروعا بشرية وتستمر بإطلاق صواريخ إلى إسرائيل من دون تمييز”.
ومساء الأحد أعلنت إسرائيل التي توع دت “القضاء على حماس”، تشديد القصف على القطاع حيث تشن قواتها منذ 27 /أكتوبر عمليات برية.
وتجري أشرس المواجهات على الأرض في شمال القطاع حيث مدينة غزة التي بات الجيش الإسرائيلي يطوقها. وأعلن الجيش أيضا أن القطاع بات مقسما إلى شطرين جنوبي وشمالي.
في الساعات الـ24 الماضية “قامت القوات بتأمين معقل عسكري لحماس في شمال قطاع غزة وصادرت صواريخ وقاذفات ومضادات للدبابات واسلحة ومعدات استخبارات مختلفة” بحسب بيان للجيش.
وبالتنسيق مع القوات الميدانية تقوم طائرات بقصف “خلايا إرهابية”.
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت “انها حرب مختلفة عن كل الحروب التي شهدناها”.
وقرب الحدود مع غزة، أعرب جنود إسرائيليون متمركزون في مواقع خلفية عن “اعتزازهم” بخدمة بلادهم، من دون أن يخفوا خشيتهم من خوض معارك في “هذا المكان الرهيب”.
وقتل 30 جنديا إسرائيليا على الأقل، بحسب الجيش منذ بدء العملية البرية.
ويخضع قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2,4 مليون نسمة، أصلا لحصار بري وجوي وبحري من إسرائيل منذ إمساك حركة حماس بالسلطة فيه عام 2007.
وأدت عمليات القصف العنيف إلى نزوح 1,5 مليون نسمة داخليا.
وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) الثلاثاء مقتل أحد صحافييها في القطاع في غارة إسرائيلية. وقالت إن الصحافي محمد أبو حصيرة “ارتقى … في قصف إسرائيلي استهدف منزله الكائن قرب ميناء الصيادين غرب مدينة غزة”.
وأوضحت أن أبو حصيرة قتل و”42 من عائلته من بينهم أبناؤه وإخوانه”.
وقالت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك إن 36 صحافيا وموظفا في مجال الإعلام على الأقل قتلوا منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وهم 31 فلسطينيا وأربعة إسرائيليين وصحافي لبناني.
أما نقابة الصحافيين الفلسطينيين فأشارت إلى مقتل 32 صحافيا و11 عاملا في قطاع الإعلام خلال الفترة ذاتها.
وقال بلال لباد وهو نازح فلسطيني في رفح “نحن مدنيون. اليهود (الاسرائيليون) يقولون اذهبوا الى مكان آمن. لا مكان آمنا في قطاع غزة” فيما يتجمع الناس حول جثث اقربائهم الذين قتلوا في ضربة.
دعا الجيش الاسرائيلي عدة مرات المدنيين الفلسطينيين في منشورات او رسائل نصية الى مغادرة شمال قطاع غزة الى الجنوب. لكن القصف لا يزال يطال أيضا جنوب القطاع.
في خان يونس (جنوب)، كان رجال الاسعاف يبحثون تحت الانقاض عن ناجين بعد ضربة اسرائيلية ليلية دمرت مساكن.
الى جانب القصف والمعارك، يشتكي الفلسطينيون الفارون من عدم وجود ماء ولا مواد غذائية.
ويبقى معبر رفح مع مصر، الوحيد غير الخاضع لسيطرة إسرائيل، مغلقا جزئيا. وقد مرت عبره شحنات محدودة من المساعدات، وسمح بخروج جرحى فلسطينيين ومئات من الأجانب.
وشد د غوتيريش على أن المساعدات الإنسانية التي تعبر رفح نحو القطاع المحاصر غير كافية. ورأى أنه مع دخول 569 شاحنة منذ 21 أكتوبر أن “وصول المساعدات بالقطارة لا يقارن بمحيط الاحتياجات”.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء أن أكثر من مئة فرنسي تمك نوا من الخروج عبر معبر رفح.
وقالت الوزارة في بيانها “تمك نت مجموعتان من المواطنين الفرنسيين والوكلاء وأصحاب الحقوق من مغادرة” قطاع غزة الاثنين والثلاثاء، “وهم بأمان في مصر”. وأضافت “يرفع ذلك العدد الإجمالي للأشخاص الذين نظمت فرنسا خروجهم إلى أكثر من مئة”.
ويجري مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك جولة في الشرق الأوسط بدأها بمصر، وسط تزايد المخاوف بشأن التصعيد الإسرائيلي في غزة.
وفيما يخشى المجتمع الدولي اتس اع نطاق النزاع، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية نشر غواصة في الشرق الأوسط، تضاف الى حاملتي طائرات أكدت أن الهدف من نشرهما “ردع” أطراف أخرى عن الدخول في الحرب، خصوصا إيران وحليفها حزب الله اللبناني.
وتزداد المخاوف من احتمال توسع النزاع ليشمل لبنان مع تبادل يومي للقصف وإطلاق النار عند الحدود بين القوات الاسرائيلية وحزب الله.
وأعلن الحزب الثلاثاء “استهداف مرابض مدفعية العدو في فلسطين المحتلة” ردا على قصف إسرائيلي طال مواقعه ليلا.
من جهته، أكد الجيش الاسرائيلي رصد إطلاق 20 مقذوفا من لبنان باتجاه أراضيه الثلاثاء، مشيرا الى أنه يقوم بالرد باستخدام سلاح المدفعية.
ويبقى منسوب التوتر مرتفعا في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل أكثر من 150 فلسطينيا بنيران جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ 7 اكتوبر بحسب السلطة الفلسطينية.