مقالات الرأي

جمعيات التعليم الأولي عمل تربوي مواطِن في حاجة إلى دعم مُنْتَظِم

   بقلم عبد المجيد الانتصار ..مشرف تربوي

 

ظهر في الأيام الأخيرة ، مقال بعنوان : ” مربو و مربيات التعليم الأولي : حقوق مهضومة ، ومستقبل غامــــــــــــــض ” … وقَّعه السيد ” حسن خليل ” ، و نشره موقع مغربي .

  و نحن نطَّلع على ذلك ، لا نحتاج مجهودا كبيرا لنفهم أنه قولٌ مُغْرِضٌ ،  و أنه خطـــــــــــــاب مفضوح ، يفضح نفسه بنفسه ، حينما يدَّعي ما لا أساس له من الصحة ، أو على الأقل ليس صحيحا بإطلاق :

     إن اتـِّـهامه للجمعيات الجهوية و المحلية المشرفة على التعليم الأولي بالفساد و الابتزاز  هو اتِّـــهام باطل ؛ فهذه الجمعيات قامت، و  لا تزال تقوم بدور تاريخي ، حينما نزلت إلى الميدان، و حملت عل عاتقهــــــــــــا تسيير  مؤسسات التعليم الأولـــــــــي ، و الإشراف على أقسامـــــــــــــه ، بــــــــــــل   وتجهيزهـــــــــا ، حينما كان هذا القطاع غيرَ  مُفَكَّرٍ فيه من طرف الجميـــــــــع ، و قبل أن تولـــــــــــــــــــد جمعيات وليدة اليوم ، تلك التي يعتبرها السيد  “حسن خليل ” قد توفَّقت وحدها في حل مشاكل المربين و المربيات .

فتعميمه الحكم بالفساد على جمعيات التعليم الأولي هو قول غير مســــــــــــــــــؤول ، و قد يجرُّ  صاحبه إلى المتابعة القضائيـــــــة … وآنذاك سيدرك أنه مدفـــــــــوعٌ لمواجهة جمعيات نشيطة و عاملة بحق ، و تملك حق وجودها و نشاطها من نصوص دستور  المملكة المغربية ، و من قانون الحريات العامة أيضا … وسيُدرك أنه يحارب مجتمعا مدنيا شريفا مناضِلا خدَم التعليم الأولــــــــــــــي ، في الوقت الذي كان هذا القطاع مُهْمَلاً  و مَـنْسِيّــــــــــــــــــاً .  وسيدرك أن هذه الجمعيـــــــــــــــــــــات ، التي يتهمها بالفســــــــــاد ، تحرص أشد الحرص على ضمـــــــان حقوق المربيات رغم  كل الصعوبات التي تعترضها ، فالجمعيات الجادة تحرص على ضمان حقوق  المربيات كاملـــــــــة . 

اتهام الجمعيات الجهوية و المحلية المشرفة على التعليم الأولي بالفساد و الابتزاز  هو اتِّـــهام باطل ،وقولٌ مُغْرِضٌ ،  و خطـــــــــــــاب مفضوح ، يفضح نفسه بنفسه 

و أما التأخر في صرف تعويضاتهن فهو ناتـــــــــــــــــــج عن تأخر  مصالــــــــــح المراقبة المالية الجهوية بالأكاديمية ، التي تصرف الدعم المخصص لجمعيات التعليـــــــــــــــــــــــم الأولي على دفعتين، تغطي كل منهما ستة أشهر  . 

مما يجعله صرفا غير  منتظم ، و هو الأمر الذي يخلق قلق الانتظار لدى المربيات اللائي يعملن بصبر  و جدية إلى جانب الجمعيات على تحقيق السير العادي و الآمن لأقسام التعليم الأولي .

كما أن هذا الأمر  يؤدي إلى التأخر  في أداء الواجبات المحددة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، مما يترتب عنه الزيادة في مبلغ هذه المستحقات ، وبالتالي الزيادة في المصاريف التي كان الأولى أن تصرف في اقتناء تجهيزات و أدوات و عتاد بيداغوجي للارتقاء بالأنشطة و التعلمات داخل الأقسام … فاتهام جمعيات مواطِنة تصون حقوق المربيـــــــــات ، و تحمي حق الطفولة في التعلـــــــم ، بالابتزاز  هو كذب  و بُهْتان ، و إِن شكَّل بعضٌ من هذه الجمعيات استثناءً ، و لم يُحسِن تدبيره  و تسييره لأقسام التعليم الأولي فالجهات الوصية على القطاع  تملك من الصلاحيات ما يسمح لها بالتحقيق و التدخل في هذا الشأن .

    نعم ، إن الجمعيات العاملة في حقل التعليم الأولي ، النزيهة و الجدِّية ، و ذات التجربة والخبرة في الميدان ، لها كامل الحق في تسيير  أقسام هذا القطاع ، و تدبيره يوميا ، و هو حق يكفله دستور المملكة ، و قانون الحريات العامة ، و التوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى إشراك المجتمع المدني .

فالأحرى بالمسؤولين الالتزام بهذه المرجعيات التأسيسية ، و العمل بمبدإ تكافؤ الفرص ، دون تمييز  جمعية وطنية حلت بالبلاد مؤخرا ، و يُصرف لها الدعم المالي مباشرة من المالية و  بانتظام تمييزاً لها عن غيرها ، حتى و  إِنْ لم تكن تلتزم بأبجديات الجمعيــــــــة ذات المنفعــــــة العامة و غير الرِّبحيــــــــة .

   إن تمييز  هذه الجمعية الوطنية ، بهذه الصورة ، هو محاولةٌ لتلميع صورتها ، و إشهارٌ  لها ، و هي تعمل على نَشْرِ  ريشِها ليغطِّـــي تعليمنا الأولي على امتداد التراب الوطني ؛ هكذا دون سَنَدٍ قانوني ، أو  دستوري ، و بدون مشروعية تربوية ، تهيِّـــــــــئ هذه المؤسسة ، وليدة اليوم ، نفسها لتتحول من جمعيــــــــة إلى وزارة للتعليم الأولـــــــــي ، ونخشى أن يكون ذلك بِمُباركـــــــــــــةٍ من المسؤولين أنفسهم .

إنها محاولة لِسَدِّ الطريق أمام جمعيات جهوية و محلية جادَّة و نزيهة ، من أجل إقصائهــــــــا من اتفاقيات الشراكة التربوية مع الأكاديميات و المديريات الإقليميــــــــــة ، التي شُـــــــرِ عَ في تجديدها مؤخَّرا ، أو ينبغي أن يُشْرَع في تجديدها .

 …لِيَعْلَمْ صاحب المقال ، موضوع حديثنا ، و من معه أو  وراءه ، أن فعاليات المجتمع المدني عموما ، و في التعليم الأولي أيضا ، ليست نباتات فطرية زائدة عن الحاجــــــــة ، بل هي نبـــــــــــات نافِعٌ راسخٌ في أرض التعليم الأولي ، و مِعْطاءٌ في عمله التربوي ، و منخرط بصدقٍ و مواطَنةٍ في مشروع تربية طفولة هذا الوطن . و إن كان هناك شيء ما ينقص هذه الجمعيات فهــــــــــو دَعْمُها بانتظام … و في ذلك فليتنافس المتنافسون .            

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى