بحضور أندري أزولاي ..مؤسسة فكر تُكَرِّم المؤرخ الراحل جرمان عياش ، المغربي اليهودي الشغوف بتاريخ المغرب
قال محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم إن إقدام مؤسسة فكر على تنظيم سلسلة أعلام في الذاكرة بمثابة باب من أبواب ثقافة الاعتراف و التذكير بشخصيات وطنية اكاديمية بصمت تاريخ المغرب الحديث بمؤلفاتها و مواقفها و أخلاقها و علاقاتها بزملائها و طلابها و محيطها ،
وأضاف الدرويش في افتتاح ندوة “جرمان عياش” التي نظمت أمس الخميس 8 يونيو 2023 بمدرج الشريف الادريسي كلية الاداب و العلوم الانسانية بالرباط أن ذلك يندرج ضمن رغبتنا في ربط الحاضر بالماضي من أجل المستقبل ، انطلاقا من ايماننا العميق بأن من لا ماضي له لا مستقبل له .
مشيرا الى أن مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم تمشي في خط مستقيم من أجل تنفيذ برنامجها في اطار سلسلة ” أعلام في الذاكرة ” الذي دشنته بتنظيم ندوة وطنية حول الأديب عبد المجيد بنجلون و الأستاذ عبد الكريم غلاب بتنظيم هاته الندوة الوطنية التي تنعقد بشراكة مع قطاع الثقافة و تعاون مع كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط و الجمعية المغربية للبحث التاريخي .
الدرويش وأمام جمع من المسؤولين والكتاب والمفكرين والاساتذة الباحثين يتقدمهم المستشار الملكي أندري أزولاي كشف بأن جرمان عياش الوطني الاستاذ المؤرخ الذي ولد في مدينة السعيدية بالجهة الشرقية للمملكة سنة 1915 ، هو من أسرة مغربية يهودية تنحدر من قبائل آيت عياش ، و نشأ وترعرع في مدينة بركان ، قبل أن ينتقل إلى مدينة تلمسان الجزائرية حيث قضى سنوات دراسته الابتدائية ، فيعود مجددا إلى وجدة وبعدها العاصمة الرباط ، حيث أتم دراسته ، والتحق بثانوية ليوطي مدرسا ثم انتقل إلى مدينة بوردو الفرنسية لاستكمال دراسته ، و التي حصل من جامعتها على شهادة التبريز في الآداب الكلاسيكية سنة 1935 ، وكان أصغر طالب في فرنسا كلها يحصل على التبريز وعمره لم يتجاوز 21 سنة .
نفس المتحدث أوضح أن عياش عاد مجددا إلى حضن وطنه ، قبيل استقلال المغرب ، ليلتحق بكلية الآداب في الرباط استاذا بشعبة التاريخ بها بداية من سنة 1960 لمادة الآداب اليونانية واللاتينية ثم مواد التاريخ في القسم المعرب بذات الشعبة ،حيث وأشرف على عشرات الرسائل و الأطروحات خاصة ما تعلق بالقرن التاسع عشر، وأنجزت تحت إدارته أبحاث تاريخية أصبحت مرجعا في ببلوغرافيا تاريخ المغرب وإلى جانب التدريس والبحث والكتابة ، ترأس إدارة تحرير مجلة هسبريس تامودا المختصة في التاريخ والآداب والعلوم الإنسانية ، وهي المسؤولية التي ظل يتحملها إلى تاريخ وفاته بمدينة نيس الفرنسية سنة 1990
نشر جرمان عياش مقالات وكتباً حول تاريخ المغرب لمواجهة التآليف الاستعمارية ، ومن أشهر ما ألف نذكر: ” دراسات في تاريخ المغرب” و جذور حرب الريف”. وانتصر جرمان عياش لمنهج اعتماد الوثائق المحلية والوطنية لتطوير الكتابة التاريخية بالمغرب ، وتجلى هذا المنهج في تآليفه مثل “مظاهر الأزمة المالية في المغرب ” بعد حرب تطوان سنة 1860 ، أو ما كتبه حول نشأة المطبعة بالمغرب أو ظهور الشعور الوطني المغربي وكتاب ” جذور حرب الريف”.
رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم أبرز أن منهاج جرمان عياش صار معتمدا في الابحاث الدولية و المجامع العلمية ، مشيرا الى المواقف التي تحسب للمؤرخ الوطني السياسي المثقف جرمان عياش والتي تنضاف الى ادواره الاكاديمية تدريسا و بحثا علميا نذكر منها اولا مساهمته المباشرة في مقاومة الاستعمار على المستوى النقابي و السياسي بالحزب الشيوعي المغربي صحفيا و مؤطرا بارزا للفئات المستضعفة من عمال و فلاحين و طلاب و ثانيا مواقفه الصريحة من الصهيونية اذ كان يعبر عن مناهضتها و كان يعدها احد تجليات الاستعمار العالمي الجديد و ثالثا مواقفه المجتمعية و بشكل عام مواقفه الثابتة تجاه القضايا الوطنية و الانسانية فقد وفق في ابراز مكانة اليهود المغاربة لدى الدولة المغربية دونا تمييز ديني او عرقي كما دافع بشراسة عن مغربية الصحراء مستندا في ذلك الى الوثائق الوطنية و الاجنبية مواقف جعلت خيرة الاطر الجامعية و السياسية تعترف لجرمان عياش بوطنيته و بخصاله الانسانية و بارتباطه بأرض السلام و التعايش و المحبة و الاطمئنان المملكة المغربية من مثل شهادات المرحوم علي يعتة و ابراهيم بوطالب و احمد التوفيق ومحمد زنيبر و غيرهم .