إسدال الستار على الدورة الثامنة من جدار- مهرجان فن الشارع الرباط
عرفت العاصمة الرباط على مدى الأسبوعين الماضيين إنجاز 9 جداريات جديدة تحمل توقيع كبار الفنانين المغاربة والعالميين الذين سطعت أسماؤهم في سماء فن الشارع.
هذه الأعمال الفنية انضافت إلى قائمة تضم 100 جدارية تم إنجازها منذ بداية جدار-مهرجان فن الشارع الرباط.
وأنجز الفنانون خلال الفترة الممتدة بين 18 و28 ماي الجاري أعمالا جد مميزة تحت أنظار سُكان الأحياء المُجاورة الذين جاؤوا للقائهم وتتبع مراحل كُل جدارية.
وعلى الرغم من بعض التغيرات التي وقعت في آخر لحظة، نجح الفنان الأرجنتيني فرانكو فاصولي جاز في التكيف مع الظروف الاستثنائية وأنجز عمله الفني على واجهة من الألمنيوم عوض الحائط الاسمنتي المخطط له منذ البداية، وهو أمر غير معتاد بالنسبة له.
واختار الفنان رسم زاوية لغرفة معيشية بها مجموعة من القطط مع شخصين مصغرين في أدوار معكوسة.
من جهته، أعاد الفنان المغربي ماشيما إحياء جدارية أنجزها سنة 2016، وتخيل كيف ستكون حياة الطفل الصغير الذي رسمه سابقا مع مرور الوقت، في حين أن الفنانة مريم بنكيران اعتمدت على الأشكال الهندسية من أجل التعبير عن مفهوم العبور، من جانبه، يُواصل الفنان المغربي ميد العمل على استحضار الذكريات العائلية.
فيما يخص الفنانين القادمين من خارج المغرب، قرر الثنائي الهولندي مييل وتيلمو العمل لأول مرة بشكل منفصل، حيث رسم تيلمو الذي يُحب العروض الحركية امرأة تحمل على رأسها جرة مصنوعة من الفخار، واختار أن تكون الجرة مُكسرة في تعبير مزاجي على عدم الكمال والتجديد.
في المُقابل، تُمثل الجدارية لشريكه مييل مزيجا بين الملابس الحديثة والتقليدية، ما يُحيل على الجوانب المختلفة والتنوع الذي تتميز به المرأة نفسها، كما اختارت الفنانة الاسبانية إليسا كابديفيلا في جداريتها رسم امرأة تُطعم الطيور، وهي لوحة تستحضر منها الفنانة المعروفة بألوانها الطبيعية والواقعية مشاهد من الحياة اليومية.
من جانبه، ظل الاسباني سيباس فيلاسكو وفيا لأسلوبه الوثائقي، وعرض على الحائط مشهدًا ليليًا واقعيًا للغاية لسيارة قديمة متوقفة وسط موقف للسيارات وهو عمل فني يُعبر عن الخيال الجماعي، في حين جسد عمل الفنان المكسيكي أليغريا ديل برادو، صقرا يمزج بين الزخارف المغربية التقليدية والعناصر النباتية لأصوله.
وتميزت النسخة الثامنة من جدار-مهرجان فن الشارع الرباط بتنظيم جولات مجانية في المدينة بصحبة مرشدين، ولاقت هذه الفكرة إعجاب الأفراد كما شدت اهتمام عدد كبير من المواطنين الذي انضموا إلى الجولات التي تم خلالها التعرف على تفاصيل الأعمال الفنية المنجزة في كُل من حي حسان والمحيط، وهو ما يعكس ويؤكد على روح المشاركة التي يتميز بها جدار منذ نسخته الأولى سنة 2015 التي تم إطلاقها بمبادرة من جمعية التربية الفنية والثقافية-لبولفار EAC-L’BOULVART بتعاون وطيد مع مدينة الرباط.
وإلى جانب ما سبق ذكره، من بين الأحداث البارزة التي تُميز مهرجان جدار-فن الشارع الرباط، هو الجدار الجماعي الذي يُعد مساحة للتجربة يتم داخلها تشكيل الجيل الجديد الذي سيحمل المشعل خلال المستقبل.
خلال هذه النسخة، عمل 12 شابًا وشابة على واجهة يبلغ طولها 95 مترًا، تحت تأطير الفنان المغربي دينام، وكان اللقاء فرصة من أجل التعرف بكل حرية وبدون قيود على موضوع الطبيعة، وذلك على واجهة سوق الأمل على مستوى شارع المسيرة، في حي يعقوب المنصور.
الاستفادة كانت حاضرة أيضا في قلب ورشات السيريغرافيا-طباعة الشاشة من تأطير مجموعة آيس سكرين البلجيكية. واستفادت مجموعة كَوما التي تضم عددا من الفنانين خلال الفترة الممتدة ما بين 18 و21 ماي 2023 من إقامة فنية تم خلالها تصميم مجلة هواة فانزين، حيث يُمكن الإطلاع على أعمالهم داخل Atelier Ambigu إلى غاية 31 ماي الجاري.
كما استفاد المشاركون في الجدار الجماعي ومختلف الأفراد من ورشات السيريغرافيا-طباعة الشاشة، حيث تُتيح هذه التقنية التقليدية للفنانين إمكانية إعادة إنتاج أعمالهم على العديد من الوسائل المختلفة، مما يُساعدهم على ضمان مدخول على المدى الطويل. وتم في هذا الصدد، تخصيص نقاش للحديث عن هذا الموضوع مع مجموعة أيس سكرين داخل قاعة الندوات بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر يوم 26 ماي.
وبتاريخ 25 ماي، ناقش كُل من ياسين بالبزيوي ورضا بودينا خلال لقاءات جدار تأثير المهرجان على أعمالهما، وشاركا مع الجمهور نقاشا غنيا تم خلاله تبادل الأفكار.
وإلى جانب بعده الفني، يُعد جدار – مهرجان فن الشارع الرباط مغامرة إنسانية تُساعد سنة تلو الأخرى في بناء النظام البيئي لفن الشارع المغربي، وأكدت هذه النسخة الثامنة حيوية المشهد الحضري المحلي ومكانة الرباط في الدائرة الدولية لفن الشارع.