الرئيسيةالرياضة

البؤساء و الأغبياء في زمن المونديال …

بقلم : البراق شادي عبد السلام 
” البؤساء لا دواء لهم إلا الأمل.” ويلم شكسبير – ..// و الأمل هو ما لمسته في تصريحات السيد فوزي لقجع الأخيرة حول عزم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على إتخاذ إجراءات نافذة في حق حفْنَة من البؤساء الذين كانوا مستعدين لإفساد فرحة أربعين مليون مغربي فقط من أجل دولارات بئيسة ..
أشخاص حسب تصريح السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم أقدموا على التلاعب في السوق السوداء بتذاكر مباريات المنتخب المغربي في عمل خَسيس غير مسؤول و بعيد كل البعد على الروح الوطنية والروح الرياضية التي أظهرها المغاربة بمختلف فئاتهم داخل و خارج أرض الوطن بإلتفافهم الجميل ودعمهم اللامشروط لعناصر المنتخب المغربي و هي تخوض حملتها التاريخية في غياهب مونديال قطر .
في الوقت الذي كان فيه رجالات الوطن يُسَطِّرُون عمليات نوعية في تأمين المونديال أمنيا و تقنيا و في الوقت الذي كانت فيه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتعليمات مولويةسامية تَصِل الليل بالنهار لأجل إنجاح التجربة المغربية في المونديال و في الوقت الذي كانت فيه أسود الأطلس تكتب التاريخ بإنتصارات عظيمة كان بيننا أُنَاس فضلوا الإرتماء في أحضان الشجع و الربح السريع و السمسرة و الإنجرار وراء فكرة “الكاميلة” و”الهوتة” ولو على حساب وجدان الجماهير المغربية وأحلامه ،مقاطع الفيديو التي شاهدناها عبر القنوات الفضائية العالمية و مختلف المواقع و الصفحات لإحتجاجات مواطنين مغاربة في مطار دولة أخرى ضد مسؤولين في البعثة المغربية و تسجيلات الأوديو الصادمة – إن ثبتت صحتها – التي توثق عمليات البيع و الشراء في السوق السوداء ، هي تسيئ بشكل كبير لكل المجهودات التي بذلها رجال الظل و باقي أعضاء البعثة و الأسود في الميدان و الجماهير المغربية من أجل تقديم صورة مشرقة للحضارة المغربية الضاربة جذورها في التاريخ ، في المقابل كانت المشاهد الأسطورية التلقائية التي نقلتها وسائل الإعلام لعاهل البلاد حفظه الله يتقدم الملايين من المغاربة مُلْتَحِفين بالعلم الوطني المقدس في مختلف ربوع الوطن من شماله إلى جنوبه في  مشاهد تجسد أروع معاني الوطنية و الإنتماء إلى هذا الوطن العظيم في لحظات فرح و إعتزاز و إفتخار  بإنتصارات ولاد البلاد .
تصريح السيد فوزي لقجع كرئيس للجامعة الملكية لكرة القدم كان واضحا في مقاصده و صارما في كلماته و له دلالة بأن هؤلاء البؤساء و أمثالهم إن ثبت تورطهم فلا مكان لهم في الرياضة المغربية مستقبلا و أن زمن السيبة الكروية قد إنتهى بلا رجعة، هناك تحقيق سيشرف عليه قضاة في لجنة تحقيق تابعة للجامعة بأفق زمني موعده يوم 10 يناير 2023 ، الفاعل المؤسساتي الرياضي اليوم كما أَكّدنا في مقالات سابقة لديه فرصة ذهبية و تاريخية بأن يعيد ترتيب البيت الداخلي بشكل يساعده على القيام بعملية تطهير واسعة في كرة القدم المغربية مسنودا بدعم واضح من جميع الأطراف ،فإصلاح المشهد الكروي وإبعاد الطارئين و المحسوبين على الكرة المغربية أصبح ورشا إستعجاليا لا مفر منه و العمل على تنزيل الرؤية الملكية المتبصرة في هذا الشأن أصبح خَيَاراً إستراتيجيا و  الإلتزام بفلسفة القانون 30.09 في أفق إصدار مدونة وطنية للرياضة  أصبح ضرورة آنية فهو مشروع مجتمعي متجدد في المدى المتوسط و البعيد و نجاحه مرتبط أساسا بإطلاق مشاريع موازية بتوفير آليات و ميكانيزمات ناجعة لتسهيل الشفافية والقيادة والتنسيق بالمجال الرياضي وفق مخطط منهجي من أجل ترسيخ منهج التعاون والتناغم بين المؤسسات الرياضية و جميع المتدخلين و أصحاب المصلحة للنهوض بالقطاع الرياضي و تجاوز الإختلالات التي طبعت الرياضة المغربية و التي أصبحت لصيقة بها و تؤثر بشكل سلبي على المجهودات الكبرى التي يتم الإشتغال عليها وهو ما أكدت عليه الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات أكتوبر 2008 بالحرف :  ” والأدهى والأمر أن تحديد المسؤوليات غالبا ما لا يتم بشكل واضح، في حين لا تتوفر عناصر الشفافية والنجاعة والديمقراطية في تسيير الجامعات والأندية، ناهيك عن حالة الجمود التي تتسم بها بعض التنظيمات الرياضية وضعف أو انعدام نسبة التجديد الذي تخضع له هياتها التسييرية، وغالبا ما ينحصر الخلاف ، حول التعاقب في اعتبارات أو صراعات شخصية أو فئوية ضيقة. ولتجاوز الأزمة الحالية فإنه يتعين وضع نظام عصري وفعال لتنظيم القطاع الرياضي، يقوم على إعادة هيكلة المشهد الرياضي الوطني وتأهيل التنظيمات الرياضية للاحترافية ودمقرطة الهيآت المكلفة بالتسيير.” // إنتهى الإقتباس .
لذا فتحصين المكتسبات و النتائج التي حققها المنتخب المغربي و الحرص على إستدامتها يتطلب عملية إصلاحية كبرى في جميع أقسام  منظومة كرة القدم المغربية فما حققه المنتخب المغربي من نتائج تاريخية وما حققه الوطن من إشعاع دولي إنعكس وسينعكس بشكل إيجابي على صورة المغرب الدولية و مدى نجاعة أداء قطاعات إستثمارية كبرى كالسياحة و ريادة الأعمال و التجارة الخارجية بشكل يؤكد على أن الرياضة أصبحت تلعب أدوارا طلائعية تتجاوز الصورة النمطية المعروفة عنها بإعتبارها وسيلة ترفيه فقط بل أصبحت جزءا من القوة الناعمة التي يمكن أن يحقق المغرب بها  مجموعة من الأهداف الإقتصادية و الجيوسياسية التي تنعكس إيجابياتها على المواطن في المدى المتوسط و البعيد.
ما يعيشه اليوم القطاع الرياضي من عبث تنظيمي و تسيير إنفرادي و إستيلاء كارتيلات أوليغاركية إنتخابية على فرق و نوادي عريقة و جعلها مطية لأهداف سياسوية خبيثة و غياب رؤية إستراتيجية واضحة و الإعتماد على الحياحة لتحقيق الأهداف البئيسة ودخول أشخاص لا علاقة لهم بالرياضة و لا تاريخ رياضي لهم إلى مجال التدبير الرياضي و هيمنة ديناصورات جوارسية قديمة على مؤسسات رياضية و تحويلها إلى مشاعات خاصة و ضيعات عائلية لتحقيق طموحات شخصية مقيتة و فرض مكاتب مديرية على حسب مقاس السبونسور و أموال الدعم من جيوب دافعي الضرائب هي أمور و ممارسات أصبحت تضر بصورة البلاد و نجاعة مؤسساتها في زمن المعلومة المجانية و تقدم ضربات جزاء مجانية للمتربصين بالوطن، وتحولت بها الهيئات الوصية على مجموعة من الرياضات إلى مقابر جماعية للمواهب فالعديد من الطاقات و الكفاءات التي أُقْبِرَت و دُمِّرَت و دُفِنَت من طرف مجموعة من البيروقراطيين و الإداريين و الحمقى و أنصاف المتعلمين المفروضين على الرياضة المغربية بإسم فاعل جمعوي أو فاعل رياضي أو صحفي رياضي أو ماشابه ،  لذا فتفعيل مبدأ الحكامة الرشيدة في القطاع الرياضي و الإنفتاح على مؤسسات البحث الاكاديمي لإنتاج مقاربات وحلول مغربية لإشكالات مغربية أصبح مطلبا آنيا لتجاوز هذه الوضعية التي تتطلب منا جميعا الإصطفاف حول الفاعل الرياضي النزيه و دعمه في مجهوداته الكبرى لتنزيل الرؤية الملكية المتبصرة و الإصلاحات الكبرى المنشودة لأن جيوب المقاومة ومراكز القوى لديها ألف ذراع و ذراع و ألف متملق و متملق لإجهاض أي مشروع إصلاحي في المجال الرياضي لأنه يمس مصالحها الضيقة ، الغريب في الأمر أن هؤلاء البؤساء و الأغبياء هم أقلية يفرضون سطوتهم و سلطتهم و يتسربون في غفلة من الجميع ليصلوا إلى مراكز القرار الرياضي بإسم الديمقراطية التشاركية و العمل الجمعوي في مقابل الآلاف من شرفاء الوطن من الكوادر العليا و الممارسين و الأبطال الرياضيين المشتغلين في المجال الرياضي .
ولكي نكون منصفين و موضوعيين و بعيدا عن العدمية و الخطابات المجانية فالمشهد الرياضي المغربي به العديد من  الكفاءات المتميزة و القامات العلمية و الأطر العليا ذات الروح الوطنية المتميزة التي إستطاعت تحقيق إختراقات حقيقية للرياضة المغربية في المشهد الدولي و فرضت نفسها بقوة في هياكل رياضية قارية و دولية و تحظى بالإحترام و التقدير تعتبر خير سفير للرياضة المغربية و التي تعمل بشكل مستمر على خدمة الرياضة المغربية بكل تفان و نكران للذات في مواقع المسؤولية بهدف تنزيل البرامج و الإستراتيجيات المسطرة و المشاريع المنجزة ، لكنها تتعرض بشكل مستمر لحملات مغرضة من التبخيس و التضليل و الكذب مدفوعة الثمن أبطالها أقلام و أصوات  مأجورة لمجموعة المسترزقين بإستخدام  الإعلام الأصفر الفاقد لكل  مصداقية .
عودة إلى بؤساء المونديال و تصرفاتهم المشينة فهؤلاء القلة ما هم إلا نتيجة طبيعية و إفراز منطقي  لأغبياء الرياضة الذين آثروا الإضرار بصورة المملكة المغربية الشريفة المشرقة بين الأمم خدمة لمصالحهم الشخصية الضيقة ، اللجنة التي أعلن عنها السيد فوزي لقجع سنتهي أعمالها و سترفع تقاريرها و مخرجاتها  ستكون تصحيحا لوضع نشاز عاشته الكرة المغربية في المونديال فالتلاعب بصورة المملكة المغربية خط أحمر أمام كل العابثين، لكن بشكل موازي نحن اليوم ربما في حاجة للعديد من اللجان في العديد من القطاعات في كرة القدم و في رياضات الأخرى و قطاعات أخرى لطرد و إجتثاث العديد من الأورام الخبيثة و عشرات من الأغبياء المتحورين و اللصوص هم مستعدون في أي لحظة ليتحولوا إلى بؤساء بطرق أخرى في لقاءات وطنية و قارية و دولية قادمة ..
و لا غالب إلا الله ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى