انتشار أمني كثيف يمنع الحراك الجزائري من التظاهر سوى في منطقة القبائل

للأسبوع الثالث على التوالي، فشل الحراك الجزائري في تنظيم مسيراته الأسبوعية في العاصمة أو في مدن أخرى، باستثناء منطقة القبائل، وذلك بعدما حال انتشار أمني كثيف دون تجمهر أنصاره الذين اعتادوا التظاهر كل يوم جمعة ضد النظام، وفقا لوسائل إعلام وتسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومنذ الصباح الباكر انتشر عشرات من عناصر شرطة مكافحة الشغب بكامل عتادهم في الطرقات الرئيسية لوسط المدينة حيث تجري في العادة تظاهرات الحراك.
ووفقا لرمضان تازيبت، القيادي في حزب العم ال (تروتسكي) فإن “عددا لا يحصى من حواجز الشرطة أغلقت كل الطرق المؤدية إلى الجزائر العاصمة”.
ولم يتمكن سوى بضع عشرات من أنصار الحراك من التظاهر بعد صلاة الجمعة في اثنتين من ضواحي العاصمة هما الحراش وعين بنيان، وفقا لمقاطع فيديو ن شرت على موقع فيسبوك.
وهتف المتظاهرون “لا تصويت مع عصابات المافيا”، مؤكدين رفضهم للانتخابات التشريعية المقررة في 12 يونيو.
وبحسب وسائل إعلام فقد منعت السلطات تنظيم تظاهرات مماثلة في كل من وهران وقسنطينة وعنابة.
بالمقابل، تظاهر آلاف الأشخاص في تيزي أوزو وبجاية بمنطقة القبائل (شمال شرق) حيث أطلقوا هتافات مناهضة للانتخابات المقبلة ومطالبة بالإفراج عن معتقلي الحراك.
وكما في أيام الجمعة السابقة، أفادت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، عن حصول اعتقالات في أنحاء عد ة من البلاد. وفي العادة يتم الإفراج عن غالبية هؤلاء الموقوفين لكن آخرين يحالون إلى المحاكمة.
ووفقا للجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، هناك حاليا أكثر من 180 شخصا في السجن على خلفية مشاركتهم في الحراك و/أو قضايا حريات فردية.
وبالإضافة لملاحقته صحافيين مستقلين، يستهدف النظام أيضا معارضين سياسيين، كما يتضح من الإجراء الذي أطلقته وزارة الداخلية هذا الأسبوع ضد جمعية “راج” التي كانت في طليعة الاحتجاجات.
والخميس نددت جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس)، أقدم أحزاب المعارضة، بالاستراتيجية الأمنية التي تنتهجها السلطة للتعامل مع الأزمة.
وقالت الجبهة التي قررت مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة إن “الأفافاس متيقن من عدم جدوى استراتيجية الكل -أمني ويعتبر بأن الحلول الترقيعية لن تساعد في إعادة بناء أواصر الثقة بين الشعب ومؤس ساته”.
وأضاف البيان أن “ترجيح العقل والحكمة بدل التهور والمجازفة بات أكثر من ضروري وفي هذا الوقت بالذات”.
وعلى الر غم من نسبة المشاركة المتدن ية بشكل غير مسبوق في كل من الانتخابات الرئاسية عام 2019 والاستفتاء الدستوري عام 2020، فإن النظام المدعوم من الجيش مصمم على المضي قدما في “خريطة الطريق” الانتخابية رغم رفضها من الحراك وأحزاب معارضة علمانية ويسارية.
وبهدف تجنب تنظيم احتجاجات في الشارع قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، فرضت وزارة الداخلية على منظمي مسيرات الحراك إلزامية “التصريح” مسبقا عن هذه التحر كات، ما يعني منعها عمليا .
ومذاك منعت تجمعات الحراك في الجزائر وعدد من المدن، ما أد ى إلى موجة توقيفات في مختلف أنحاء البلاد.
وفقا لنائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي فقد تم اعتقال أكثر من ألفي متظاهر أودع نحو مئة منهم الحبس الاحتياطي وصدرت مذكرات توقيف بحق ستين، منذ أن قررت وزارة الداخلية حظر تجمعات الحراك، واصفا الوضع بأنه “مثير للقلق”.
ومطلع هذا الأسبوع صدرت أحكام بالسجن مع النفاذ بحق حوالي عشرين من هؤلاء.
واستؤنفت تظاهرات الحراك في نهاية فبراير بعد عام من تعليقها بسبب الأزمة الصحية، ما أد ى إلى تزايد عمليات توقيف النشطاء.