الرئيسيةثقافات وفنونمنوعات

جزيرة “سيدي عبد الرحمن” بشاطئ عين الذياب.. سياحة وخرافة عائمة فوق الماء + صور

  

جزيرة سيدي عبد الرحمن القبة الخضراء حيث الضريح  العائم فوق المحيط الاطلسي على شاطئ مدينة الدارالبيضاء أكبر المدن المغربية .

مزار المرضى والمتعبين نفسيا والعاشقين والراغبين في الاطفال والزواج ، والذي تحول لقبلة سياحية طبيعية تجذب السياح من كل حدب وصوب .

                    يكتبها كل أسبوع : المسافر

 

  سيدي عبد الرحمن اسم يتداوله سكان مدينة الدارالبيضاء كثيرا ويعرفون أين يرقد هذا الوالي الصالح القادم من بغداد والذي اختار قبل القرن التاسع عشر الصخرة المطلة على المدينة كمقام ومعزل هربا من نفاق الناس و قسوة العالم.

الحكايات التي تتناقلها الكتب التي تؤرخ للمنطقة وعلى قلتها ، والحكايات التي يحكيها سكان المناطق عن الضريح وان امتزج فيها الاسطوري بالواقعي فإنها تصف الرجل بأنه القديس الذي لم يغادر صخرته وظل معتكفا ومصليا ومتعبدا ، مفضلا النوم تحت نجوم الليل فاتحا بابه لاستقبال كل من طلب الدعاء والمغفرة حد أن تحول لقبلة لكل المرضى النفسانيين والمتخبطين في المشاكل الاجتماعية والطالبين للأطفال والأزواج لاعتقادهم بأن الرجل يحمل كرامات يمكن أن تعالج كل داء ..وهو الأمر الذي استمر حتى بعد مماته و الذي يعتقد أنه دفن فوق الصخرة ليتحول قبره لمزار يكاد لا تهدأ حركته حتى حين يتعلق الأمر بفصل الشتاء العاصف الذي تغطي فيه أمواج البحر الهائجة صخرة الوالي الصالح سيدي عبد الرحمن.

سياحة وشعوذة

 يقول محمد جنبوبي مؤلف كتاب “الأولياء في المغرب” ان الرجل قدم من بغداد واشتهر باسم سيدي عبد الرحمان مول المجمر (أي صاحب انية الطين التي يوضع فوقها الجمر للطهي أو اطلاق البخور) وقد تحولت صخرته على مر السنين الى خلوة للشعوذة والسياحة كما يصف أحد أبناء المنطقة المجاورة للجزيرة أو الضريح ..فمثلما يقصد السياح الصخرة لتأمل جاذبية المكان وموقعه الساحر الذي يقطع أمواج البحر ، يتوافد على المكان نساء ورجال من مختلف الاعمار غايتهم قراءة الحظ وإبطال السحر وطرد الجن ، وقد اعتاد زوار الجزيرة التي تحتوي الى جانب ضريح سيدي عبد الرحمان على غرف متراصة بنيت سابقا لطلبة العلم من قراء القرآن وحفظته ، على رؤية الأبخرة تتصاعد من غرف الضريح وهي العملية التي تتكرر مع ما يرافقها من طقوس وعادات يتم  الاستعانة بها لشفاء العليل وإرجاع الغائب وقضاء الحاجات  ..ومن ذلك أن الزبون مطالب بالاغتسال بماء البحر سبعة مرات وقضاء يوم وليلة بالضريح طلبا للخلاص.

 

منتزة اركيولوجي

 لا تكتمل زيارة شاطئ عين الذياب الشهير في مدينة الدارالبيضاء بفنادقه المصنفة وملاهيه ومقاهيه ومطاعمه ومراقصه دون زيارة “ضريح سيدي عبد الرحمن” الذي يتحول الى فضاء للاستجمام صيفا وملاذا للحالمين ليلا..فقد دأبت الأسر البيضاوية على استغلال الرمال المطلة على الضريح كمصطاف تصطف به الكراسي والطاولات والخيم بشكل عشوائي كمكان استثنائي لا قبل للشواطئ المغربية  بمكان مثله ، حيث المنطقة التي تتزين بصخرة تطل من بين أمواج البحر.

جمعية الذاكرة البيضاوية التي تهتم بمآثر المدينة أطلقت مؤخرا مشروعا ضخما بتعاون مع الدولة لتهيئة ضريح سيدي عبد الرحمن كموقع سياحي ومنتزه اركيولوجي ، انطلاقا من كونه من أبرز الاثار والمواقع المكتشفة بالدارالبيضاء والتي تعود الى عصر ماقبل التاريخ ، وحرصا على صون موقع اكتسب شهرة محلية ودولية لموقعه الخلاب ولقيمته الاثرية حيث سبق وأن أسفرت الابحاث والتحريات عن اكتشاف الآلاف من الأدوات والأحجار المنحوتة والحيوانات الأحفورية بالصخرة وبالمناطق المجاورة لها .

وصولا الى الصخرة حيث ضريح الوالي سيدي عبد الرحمن تم مؤخرا بناء قنطرة سهلت الوصول الى القبة الخضراء ومنحت للمكان رونقا جديدا ،ولوحظ اقبال الناس على عبور القنطرة بشكل زاد من عدد زوار الضريح خاصة وان هيجان البحر كان يحول أحيانا دون الوصل السهل والمرن الى الضريح ..

الجذبة

في جنح الظلام ووسط أمواج البحر المتلاطمة تصدح في كل ليلة معهودة من ليالي السنة موسيقى الجذبة ..ليلة استثنائية تقام بالجزيرة العائمة وتسمى “ليلة الجذبة” والتي تشبه في كثير من أدواتها وإيقاعاتها موسيقى كناوة أو موسيقى العبيد الشهيرة في مدينة الصويرة المغربية .

الضوء الخافت على الجزيرة والصيحات الصادحة التي تتماهى بأصوات الرياح والأمواج تعطي للمكان هيبته ورهبته ، خاصة اذا علمنا أن الطقوس الغنائية المعتمدة على الطبول والقراقب وصيحات المرددين تنتهي بذبح جدي أسود تقربا من الوالي الصالح حتى يعطي للحضور بركاته المتمثلة في الصحة والنجاح والذرية والحفظ والوقاية من شر الحساد والأعداء .

شمع وحناء

 الزوار والسياح الذين يحلون بضريح سيدي عبد الرحمن يسجلون ان المكان الذي يتواجد بأحد أفخم الفضاءات السياحية في المغرب أي شاطئ عين الذياب ، ظل يحافظ على بساطته واعتمد على الوسائل التقليدية والقديمة في استقبال زواره ..فما أن تعبر القنطرة الى باب الضريح حتى يستقبلك أشخاص بزي أخضر وطربوش بنياشين يبيعونك الشمع والحناء بدراهم قليلة …الشمع والحناء الأدوات الاساسية لاكتمال الزيارة للضريح وللوالي الصالح حتى تنال بركاته ودعواته.

الولوج الى الضريح حيث يرقد سيدي عبد الرحمن يتطلب اشعال شمعتين واحدة يتم وضعها عند رأسه وأخرى أمام قدميه ومن تم استعطافه بمطلبك ، أما الحناء أو الحنة كما تنطق محليا فإنها تخص النساء ، ويقتضي الحال أن تضع المرأة قليلا من الحناء وسط اليد وتسارع الى مسحها على صخرة قريبة من الضريح في اشارة الى طلب حنان وعطف الوالي الصالح سيدي عبد الرحمن حيث ترمز الحناء دائما في الثقافة الشعبية الى الحنان .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى