تبدأ الثلاثاء مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وذلك في مدينة تبريز مركز محافظة أذربيجان الشرقية في شمال غرب الجمهورية الإسلامية، حيث لقي حتفه في حادث تحطم طائرة مروحية الأحد في منطقة جبلية وعرة.
وفقد الاتصال بالمروحية التي قضى كل من كان فيها، وأبرزهم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، أثناء توجهها بعد ظهر الأحد الى تبريز، بعد مشاركة الوفد الإيراني في مراسم تدشين سد عند الحدود مع أذربيجان حضره الرئيس الإيراني ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف.
وبعد عملية بحث طويلة وشاقة في ظروف مناخية صعبة، شاركت فيها عشرات فرق الانقاذ الإيرانية بمساعدة فرق تركية مزودة كاميرا مخصصة للرؤية الليلية والحرارية، عثر في وقت مبكر صباح الإثنين على حطام الطائرة عند سفح جبلي في منطقة حرجية وعرة.
وأعلنت الحكومة الإيرانية بعيد وقت وجيز أن رئيسي ومرافقيه “استشهدوا”.
وضم الوفد رئيسي وأمير عبداللهيان، إضافة الى إمام الجمعة في مدينة تبريز آية الله علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي.
وأمر رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسل حة اللواء محمد باقري الإثنين، بفتح تحقيق في سبب تحط م المروحية. وأفادت وكالة “إيسنا” بأن باقري أمر “لجنة رفيعة المستوى بفتح تحقيق في سبب تحط م مروحية الرئيس”.
وبعد إعلان مقتل رئيسي، قدمت العديد من الأطراف الدولية والاقليمية تعازيها لطهران، من الولايات المتحدة العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، الى الاتحاد الأوروبي وفرنسا. كما وقف أعضاء مجلس الأمن الدولي دقيقة صمت حدادا على رئيسي وأمير عبداللهيان.
وأعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الحداد خمسة أيام في إيران، بينما تجم ع الآلاف في مدن كبرى مثل طهران ومشهد (شمال شرق) التي يتحدر منها رئيسي، للصلاة والدعاء للرئيس الراحل ومرافقيه.
ويخشى أن تتسبب وفاة رئيسي عن 63 عاما، بفترة من عدم الاستقرار السياسي في الجمهورية الإسلامية، في لحظة إقليمية حرجة جراء الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الحليفة لطهران.
الا أن خامنئي قال الأحد بعد الأنباء عن تعر ض مروحية رئيسي لحادث “يجب أن يطمئن شعبنا العزيز… أن إدارة شؤون البلاد لن ت صاب بأي خلل”.
وأوكل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية منذ أكثر من ثلاثة عقود وصاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للدولة، محمد مخبر مهام رئيس الجمهورية.
وينص الدستور على أن يتول ى النائب الأول لرئيس الجمهورية مهام الرئيس في حال الوفاة، على أن يعمل بالتعاون مع رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية، على إجراء انتخابات رئاسية جديدة في غضون 50 يوما بعد الوفاة.
وذكر التلفزيون الرسمي الاثنين ان الانتخابات ستجرى في 28 يونيو.
وعين علي باقري، كبير المفاوضين في الملف النووي ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، وزيرا بالوكالة خلفا لأمير عبداللهيان.
وبعد مراسم التشييع الثلاثاء، سينقل جثمان رئيسي إلى مدينة قم المقدسة لدى الشيعة وسط إيران في وقت لاحق الثلاثاء، قبل الانتقال الى طهران حيث من المقرر أن يؤدي خامنئي الصلاة على الجثامين ليل الثلاثاء، عشية مراسم وداع مهيبة تقام في العاصمة الأربعاء.
وسينقل جثمان رئيسي بعدها إلى محافظة خراسان الجنوبية في شرق البلاد، وسيوارى الثرى مساء الخميس في مسقطه مدينة مشهد حيث مرقد الإمام علي الرضا، ثامن الأئمة المعصومين لدى الشيعة.
وتولى رئيسي رئاسة الجمهورية بعد فوزه في العام 2021 بانتخابات شهدت نسبة امتناع قياسية عن المشاركة، وأبعد المنافسون الجديون عن خوضها.
وكان رئيسي من أبرز رموز التيار المحافظ المتشدد في الجمهورية الإسلامية، والذي أمسك بمقاليد السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) اعتبارا من العام 2020.
وبعد مسيرة طويلة في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية خصوصا السلطة القضائية، كان اسم رئيسي، وهو رجل دين يضع عمامة سوداء، يتردد ضمن المرشحين المحتملين لتولي منصب المرشد الذي يشغله خامنئي (85 عاما ) منذ 35 عاما.
أدرج رئيسي على القائمة السوداء لعقوبات واشنطن بتهمة التواطؤ في “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” على خلفية عمليات إعدام واسعة النطاق لناشطين معارضين في الثمانينات، وهي اتهامات رفضتها طهران.
وخلف رئيسي في رئاسة الجمهورية المعتدل حسن روحاني الذي أبرم في عهده اتفاق العام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي أتاح رفع عقوبات عن طهران لقاء تقييد نشاطاتها النووية. الا أن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه في 2018، وأعاد فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.
وإضافة للتعازي الدولية والإقليمية، نعى رئيسي حلفاء إيران المنضوون في ما يسم ى بـ”محور المقاومة”، مشيدين بخطه المناهض لإسرائيل وحلفائها.