
تعرض قطاع غزة الجمعة لقصف إسرائيلي عنيف حصد في يوم واحد عشرات القتلى بعد انتهاء هدنة استمرت أسبوعا بين حركة حماس وإسرائيل التي توعدت مجددا بالقضاء على الحركة الفلسطينية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه تأكد من وفاة خمس من الرهائن الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة وأبلغ عائلاتهم، قائلا إن الدولة العبرية استعادت جثة أحدهم.
وتتواصل الدعوات الدولية لاستئناف الهدنة، محذرة من تداعيات استئناف القتال على المدنيين في قطاع غزة حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية.
وأشعلت القنابل والصواريخ بعد حلول المساء سماء غزة، بينما ارتفعت طيلة النهار سحب كثيفة من الدخان الأسود من مناطق عدة استهدفت القطاع المحاصر.
وأطلقت الفصائل الفلسطينية من جهتها صواريخ في اتجاه إسرائيل، وأطلقت صفارات الإنذار في مناطق عدة محيطة بغزة.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري “في الأيام الأخيرة، أبلغ الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية عائلات الرهائن إلياهو مرغليت، ومايا غورين، ورونين إنجل، وآريه زالمانوفيتش بوفاتهم”.
وأضاف أنه من خلال عملية مشتركة مع جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت) “أعدنا جثمان الرهينة أوفير تسارفاتي لدفنه في إسرائيل”.
وبحسب هاغاري ما زالت حماس تحتجز “136 رهينة بينهم 17 من النساء والأطفال”.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس “ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي منذ الصباح وحتى اللحظة الى 178 شهيدا و589 إصابة معظمهم من الأطفال والنساء”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي قصف “أكثر من 200 هدف إرهابي” في القطاع.
وانتهت عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش الهدنة التي بدأ سريانها بين حركة حماس وإسرائيل في 24 نوفمبر.
ومع بدء الضربات، باشر آلاف سكان قطاع غزة العودة إلى المستشفيات والمدارس التي أصبحت ملجأ للنازحين، على ما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس في القطاع المحاصر.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي “ستتلقى حماس الآن ضربة قاضية”، متهما الحركة بعدم تسليم لائحة رهائن جديدة للإفراج عنهم. وأضاف “للأسف قررت حماس وضع حد للهدنة بعدم إفراجها عن كل النساء المخطوفات”.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “أسفه العميق” لاستئناف القتال، آملا في “التمكن من تمديد الهدنة”. وقال “استئناف العمليات العسكرية يظهر أهمية التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني فعلي”.
وأعربت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية عن “إدانتها البالغة لانهيار الهدنة وتجدد القصف العنيف والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة”، معتبرة الأمر “انتكاسة خطيرة واستهانة من الجانب الإسرائيلي بكافة الجهود المبذولة التي سعت على مدار الأيام الماضية إلى تمديد الهدنة”.
وجددت مصر “مطالبتها الأطراف الدولية المؤثرة، والأجهزة الأممية المعنية وعلى رأسها مجلس الأمن، بالاضطلاع بمسؤولياتها تجاه ضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة”.
رغم استئناف القتال، أكدت وزارة الخارجية القطرية في بيان الجمعة أن “المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مستمرة بهدف العودة إلى حالة الهدنة”، داعية “الأسرة الدولية إلى “سرعة التحرك لوقف القتال”.
كما أكد البيت الأبيض الجمعة أن الولايات المتحدة تواصل العمل لتمديد الهدنة الإنسانية.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي “نواصل العمل مع إسرائيل ومصر وقطر على الجهود لتمديد الهدنة الإنسانية في غزة”.
وحض عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني الجمعة خلال لقاء مع رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك في دبي على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب28)، على الانتباه “لخطورة الإجراءات التي تقدم عليها إسرائيل ومنعها من ارتكاب مجازر ونكبات لا يمكن لأحد أن يتقبلها أو يتحمل تبعاتها”.
وحذ ر من “النتائج الكارثية لاستئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستهداف مناطق مكتظة بالسكان”، داعيا الى “الضغط على إسرائيل لوقف النار”.
وتم التزام الهدنة مدة سبعة أيام بعد سبعة أسابيع من قصف إسرائيلي مدمر على قطاع غزة جاء ردا على هجوم دام غير مسبوق شنته حركة حماس في 7 أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية.
وأسفر الهجوم عن سقوط نحو 1200 قتيل في إسرائيل غالبيتهم مدنيون، حسب السلطات الإسرائيلية.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس، وأوقع القصف المكثف على غزة والذي ترافق اعتبارا من 27 أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، قرابة 15 ألف قتيل، معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.
ويقدر الجيش الإسرائيلي عدد الأشخاص الذين احتجزوا واقتيدوا رهائن إلى قطاع غزة في هجوم 7 أكتوبر بنحو 240.
وأتاحت الهدنة إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية و240 أسيرا فلسطينيا. كذلك أطل ق سراح أجانب معظمهم تايلانديون يعملون في إسرائيل، من خارج إطار اتفاق الهدنة.
ونشر الجيش الإسرائيلي الجمعة خريطة لما أسماها “مناطق الإخلاء” في غزة التي يفترض بسكان القطاع إخلاءها، وذلك بعد مطالبة دولية بإنشاء مناطق آمنة، وطلب أميركي بتجنب قتل المدنيين.
وتقسم الخريطة المكتوبة باللغة العربية قطاع غزة إلى مئات القطاعات المرق مة، وهي متاحة على الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي.
وقال الجيش إن هدف الخريطة هو تمكين السكان من “إخلاء أماكن محددة حفاظا على سلامتهم إذا لزم الأمر”.
وأرسلت تحذيرات عبر رسائل نصية قصيرة إلى سكان في مناطق متعددة من قطاع غزة الجمعة تحذر من أن الجيش سيبدأ الجمعة “هجوما عسكريا ساحقا على منطقة سكنكم بهدف القضاء على منظمة حماس الإرهابية”. وحضت الرسالة الناس على التحرك الفوري.
ونددت السلطة الفلسطينية بلسان المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة بما وصفته بأنه “استمرار لجريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، ومحاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية”.
و أعلن المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس مقتل ثلاثة صحافيين فلسطينيين في غارات إسرائيلية على غزة الجمعة.
في دبي، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة أن تركيز واشنطن “لا يزال منصبا” على إطلاق سراح الرهائن.
وقال بلينكن بعد لقائه عددا من نظرائه العرب على هامش مؤتمر المناخ (كوب28)، “لا يزال تركيزنا منصبا على إعادة الجميع إلى ديارهم، إعادة الرهائن، وهو ما سعيت من أجله أيض ا اليوم”.
وأتاح اتفاق الهدنة أيضا زيادة كمية المساعدات التي تدخل قطاع غزة الذي يعاني سكانه البالغ عددهم نحو 2,4 مليون نسمة نقصا كبيرا في المواد الغذائية والأساسية.
لكن الحاجات تبقى كبيرة جدا في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي بحري وجوي بري منذ 2007 عندما تسلمت حماس السلطة فيه، شد دته الدولة العبرية منذ 9 أكتوبر.
وتفيد الأمم المتحدة بأن 1,7 مليون من سكان القطاع نزحوا جراء الحرب فيما تضرر نصف الوحدات السكنية أو دمر.
وفر مئات الآلاف من شمال القطاع الذي تعر ض لدمار هائل، جنوبا.
لكن في خان يونس (جنوب) التي تعرضت لقصف عنيف الجمعة، قال أنس أبو دقة “تعرضت منازلنا للقصف ونحن في داخلها”.
وأوضح بعدما سارع إلى مستشفى ناصر “عندنا تقريبا سبع إصابات، ومنازلنا دمرت بكاملها”، مضيفا “عادت الحرب بكل شراسة “.
وقال مسؤول في منظمة الصحة العالمية روب هولدن لصحافيين في جنيف إن النظام الصحي في قطاع غزة “منهار”، مضيفا “الأمر يشبه فيلم رعب”.
في لبنان، قتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصر في حزب الله جراء قصف إسرائيلي على الجنوب مع تجدد عمليات حزب الله ضد إسرائيل بعد انتهاء الهدنة في غزة.
وأعلنت وزارة الدفاع السورية أن الجيش الإسرائيلي نفذ ضربات فجر السبت في محيط دمشق، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات على الفور.
وصعدت إسرائيل وتيرة استهدافها الأراضي السورية منذ شن حركة حماس في 7 /أكتوبر هجومها غير المسبوق على إسرائيل.