تدخل الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس الأربعاء يومها السادس مع ترقب تبادل مزيد من الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، فيما يكثف الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وفي “بارقة أمل وإنسانية وسط ظلمة الحرب” بحسب تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعلنت قطر والولايات المتحدة الاتفاق على تمديد الهدنة يومين إضافيين حتى الساعة السابعة من صباح الخميس (الخامسة ت غ)، ما يفترض أن يسمح بالافراج عن نحو 20 رهينة و60 معتقلا فلسطينيا إضافيا .
وتفرج حماس يوميا منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ الجمعة عن عشر رهائن من النساء والأطفال مم ن احتجزتهم خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مقابل إفراج الدولة العبرية عن ثلاثة أضعاف هذا العدد من السجناء الفلسطينيين من النساء والأطفال والشبان دون 19 عاما .
أفرج مساء الثلاثاء عن 12 رهينة هم عشر إسرائيليات وتايلانديان، فيما أطلقت إسرائيل سراح 30 سجينا فلسطينيا .
وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الحكومة تلقت الثلاثاء قائمة رهائن تعتزم حماس الإفراج عنهم الأربعاء، من غير أن يصدر أي تأكيد رسمي لذلك.
وسمح اتفاق الهدنة الذي تم التفاوض عليه بوساطة قطرية وبدعم من مصر والولايات المت حدة بالافراج حتى الآن عن 60 رهينة محتجزين في قطاع غزة و180 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
وأفرج كذلك عن 21 رهينة آخرين غالبيتهم من العمال الأجانب لكن خارج إطار الاتفاق.
وأعلنت السلطات التايلاندية أن 17 رهينة أطلق سراحهم في قطاع غزة سيعودون إلى البلاد الخميس.
واحتجزت حماس خلال هجومها غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر 240 رهينة اقتادتهم إلى غزة، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وقتل 1200 شخص في إسرائيل غالبيتهم مدنيون قضى معظمهم في اليوم الأول من الهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بقصف مكثف على غزة ترافق منذ 27 أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، متوعدة بـ”القضاء” على حماس، ما تسبب بمقتل زهاء 15 ألف شخص في القطاع بينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.
ويقدر الدفاع المدني في غزة عدد المفقودين بنحو سبعة آلاف شخص.
ولم يرد الكثير من الشهادات المباشرة عن ظروف حياة الرهائن في غزة، لكن جدة إيتان ياهالومي، الطفل البالغ 12 عاما الذي أطلق سراحه الإثنين، روت لموقع “والا” الإخباري الإسرائيلي أن الفتى بقي معزولا على مدى 16 يوما، واصفة تلك الفترة بأنه “مروعة”.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مجددا الثلاثاء “تحرير كل الرهائن”، فيما أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن “الجيش الإسرائيلي مستعد لاستئناف القتال”، مؤكدا الاستفادة من الهدنة الموقتة “لتعزيز استعداداتنا”.
وفي بيتونيا بالضفة الغربية المحتلة، تم استقبال أسرى أطلق سراحهم في أجواء من البهجة، وكانت في استقبالهم حشود رفعت أعلام حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية.
وفي القدس الشرقية المحتلة، عاد الفلسطيني أحمد السلايمة (14 عاما ) إلى عائلته مساء الثلاثاء، وفق مشاهد التقطتها فرانس برس، وهو الأصغر سنا بين الأسرى الذين أفرج عنهم منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ.
وقال والده نايف السلايمة “أحمد الله على إطلاق سراح ابني” مشيرا إلى أنه “فقد أي اتصال” معه عند اندلاع الحرب.
في هذه الأثناء يواصل الوسطاء العمل في الكواليس سعيا لتمديد الهدنة لما بعد الخميس. وفي هذا السياق، يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجددا هذا الأسبوع إلى إسرائيل والضفة الغربية.
والتقى مديرا الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية الثلاثاء رئيس الوزراء القطري في الدوحة لبحث “المرحلة المقبلة” من اتفاق الهدنة، وفق ما أفاد مصدر مطلع على الزيارة.
وأعلن وزراء خارجية دول مجموعة السبع في بيان مشترك “ندعم تمديد هذه الهدنة وأي هدنات مستقبلية في حال الضرورة، للسماح بزيادة المساعدات وتسهيل الإفراج عن جميع الرهائن”.
وسمح تمديد الهدنة بإدخال شاحنات إضافية من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر والذي دمرته سبعة أسابيع من القصف الإسرائيلي المتواصل.
لكن رغم وصول مئات الشاحنات إلى غزة منذ 24 نوفمبر فإن برنامج الأغذية العالمي حذر بأن الوضع يبقى “كارثيا” في القطاع، مشيرا إلى “خطر كبير بحصول مجاعة”.
وقال أشرف سليم أحد سكان غزة لوكالة فرانس برس “ليس لدينا ماء ولا طعام ولا طحين منذ عشرة أيام، الوضع صعب، صعب جدا” مضيفا “نعيش هنا، لكننا لا نشعر بأننا نعيش. ليس لدينا ماء للشرب ولا أحد يساعدنا”.
وأفادت منظمة الصحة العالمية عن “زيادة كبيرة” في الإصابات ببعض الأمراض المعدية، مشيرة بصورة خاصة إلى زيادة حالات الإسهال بين الأطفال بـ45 مرة، في حين أن معظم مستشفيات قطاع غزة توقفت عن العمل.
وأعلن مسؤول في البيت الأبيض إن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة ازدادت ودخلت حتى الآن ألفا شاحنة من الطعام والوقود والأدوية والمعدات الضرورية لتشغيل منشآت تحلية مياه البحر”.
وقال “وصلنا خلال أربعة أسابيع ونيف إلى وتيرة 240 شاحنة في اليوم بصورة متواصلة” مضيفا “أبلغنا بوضوح كبير بأنه عند انتهاء مرحلة إطلاق سراح الرهائن هذه، يجب الإبقاء على الوتيرة الحالية (لإدخال المساعدات) وفي أفضل الأحوال زيادتها”.
ونزح 1,7 مليون شخص من سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة من الشمال، المنطقة الأكثر دمارا، إلى الجنوب، فيما تضر رت أكثر من 50 % من المساكن أو د م رت بالكامل جر اء الحرب، وفق الأمم المتحدة.
واغتنم آلاف الفلسطينيين الذين لجأوا إلى جنوب قطاع غزة، الهدنة للعودة إلى ديارهم في الشمال، وهي المنطقة الأكثر دمارا ، متجاهلين الحظر الذي فرضه الجيش الإسرائيلي الذي سيطر على مناطق عدة في الشمال.
وقال أحد الفلسطينيين من حي الزهراء بجنوب مدينة غزة مشيرا إلى تلال من الركام هي كل ما تبقى من منزله “أحاول أن أعثر على ما تبق ى من ذكريات في منزلي”.
من جهتها، قالت زين عاشور التي كانت تقيم في الحي المدمر بالكامل “كان حي الزهراء أجمل مدينة في العالم. كنا محظوظين بالعيش في هذه المدينة، وها قد اختفت”.