صدر عن مجلة “أصدقاء ديونيزوس”، بالدار البيضاء، العدد الثاني من “آرت’ شيف” (دفاتر فنية/ شهر نونبر 2023) خاص عن الفنان التشكيلي المغربي محمد القاسمي (ولد يوم 28 دجنبر 1942 وتوفي يوم 27 أكتوبر 2003)، يتضمن تقديما مطولا بعنوان “التشكيل العربي وأسئلة الإبداع عند محمد القاسمي”، يليه حوار مع الفنان بعنوان “القاسمي.. الجمال بوصفه قضية” أنجزهما صديقه الكاتب والمفكر محمد نور الدين أفاية، وتم نشرهما في مجلة “الوحدة” العدد 70/ 71 يوليوز/ غشت 1990، ونعيد نشرهما هنا في هذا العدد باتفاق وموافقة م. نور الدين أفاية…
في التقديم الذي يتصدر هذا العدد كتب الشاعر بوجمعة أشفري (مدير نشر مجلة “أصدقاء ديونيزوس” و”آرت’ شيڤ” افتتاحية جاء فيها:
“محمد القاسمي.. سَوادٌ في رَحمِ المادّة”:
“هل هي رميةُ نَردٍ أمْ ضربةُ حَظٍّ أم مُصادَفةٌ؟!
هكذا يَأتي العدَدُ الثاني من “آرْت’ شِيڤْ” خَاصًّا بالفنان التشكيلي محمد القاسمي (1942 – 2003) في هذه اللحظة، بالذات، لحظة ذكرى مرور 20 سنة على وفاته (27 أكتوبر 2003 – 27 أكتوبر 2023). لحظةٌ فَنّْشِعريةٌ وفَنّْفِكريّةٌ بامتياز. فَنيَّةٌ-شِعريَّةٌ لأنَّ المُحاوَرَ (محمد القاسمي) فنّانٌ وشاعرٌ. فَنِّيّةٌ-فِكريّةٌ لأنَّ المُحاوِرَ (محمد نور الدين أفاية) مُفكِّرٌ وَراءٍ بَصرِيٌّ. لحظةٌ كَمِثلِ لحظٍ (هل فِعلاً مَرّت 20 سنة على غيابِ-حُضورِ القاسمي) أو كَمِثلِ هيئةٍ من هيئَاتهِ الخارجَةِ منْ كهفِ الأزمنة، أو رُبَّمَا هي إشارةٌ تَصوُّفيَّةٌ في طَيَّةٍ منْ طَيَّاتِ رَمادٍ غيرِ مُكتمِلٍ. القاسمي، هنا، يَرى ويشيرُ. يَرى نُطفَةَ سَوادٍ تَنسابُ في رَحِمِ المَادّة. يُشيرُ إلى علامةٍ هُنا تَمحو علامةً هُناك. وبينَ الرؤيَا والإشَارة يَحدثُ اضطرابٌ عنيفٌ داخلَ المادّة بِسبب ارتعاشةِ الحرَكةِ في جَسدِ الف
هُوَ إذاً، مَشهَدُ لَحظِ عَيْنٍ يَتجلَّى فيهِ عَمَلُ مَحوِ الأثَرِ فِي الجَسَدِ والَّلوْحِ. وهُو أيضاً مَشهَدُ نُطقِ لِسانِ شاعِرٍ:
“بَينَ هذا الخيْطِ الرَّهيفِ/ الّذي يَفصِلُ وَجهَ وقَفَا المِرآة/ أَنظُرُك بِوضوحٍ/ مُتَشذِّرةً/ بِفِعلِ الكَسْرِ/ شُعاعُ أعصَابٍ/ أمْسَكتُكِ تُرفرِفين/ حَملْتُكِ لِتجويفِ غَمّازاتي المُعتِمة/ شديدة الذوبان/ في لَهوِ الظلِّ :