المدرسة العتيقة أنس بن مالك بكلميم، صرح ديني ينفتح على البيداغوجية الحديثة
على بعد حوالي 12 كيلومترا عن مدينة كلميم، تقع مدرسة أنس بن مالك للتعليم العتيق، وهي فضاء لترسيخ وتعزيز قيم ومبادئ الإسلام السمح والوسطي.
ويضطلع هذا الصرح الديني الرفيع للعبادة والتعلم والروحانية، المتواجد بجماعة القصابي تاكوست بضواحي كلميم، والتي تم تدشينها من قبل الملك محمد السادس سنة 2005، بدوره التعليمي الأصيل من خلال تلقين العلوم الشرعية والانفتاح على المستجدات التربوية والبيداغوجية الحديثة.
وتعد هذه المنارة العلمية ذات تعليم قرآني وعلمي، واحدة من بين المدارس العتيقة التي تزخر بها جهة كلميم وادنون نون، وصرحا دينيا وتربويا مهما في المنطقة يقصده طلبة العلم والمعرفة وحفظة كتاب الله من مختلف المدن المغربية.
وتواصل مدرسة أني بن مالك، تحت إشراف الفقيه الحسين أكنازاي، رسالتها النبيلة في التربية والتعليم باعتماد برنامج يجمع بين التعليم الأصيل وعلوم العصر بأربع مستويات وهي السادس ابتدائي، والأولى إعدادي وأولى ثانوي (الجذع المشترك) والثانية ثانوي.
وتخضع هذه المؤسسة لنظام داخلي أصيل ومنهج دراسي تقليدي مستمد من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وتقدم دروسا تنهل من الدين الإسلامي وأخرى معاصرة وذلك من خلال نظام تعليمي يقوم على نوعين من التعليم ، الأول يهم تدريس علوم الشريعة (مواد القرآن الكريم وعلوم القرآن (حديث، أصول الفقه، ميراث، توقيت)، والنوع الثاني يتعلق بمواد الثلثين (فلسفة، لغتين فرنسية وإنجليزية، رياضيات، فيزياء، علوم الحياة والأرض، اجتماعيات، إعلاميات، تربية بدنية).
وبعد اجتيازهم لامتحان في المواد الشرعية ومادة اللغة العربية ومواد الثلثين(الرياضيات والفرنسية)، يبدأ الطلبة الملتحقون بهذه المدرسة مسارهم العلمي بحفظ القرآن الكريم بالطريقة التقليدية عبر الألواح في خطوة تؤكد على عمق الحفاظ على الطرق التقليدية في تدوين القرآن الكريم والمتون العلمية وحفظها بعد صلاة الفجر، في جو من التنافس على تحقيق أفضل النتائج.
ويلتزم الطلبة بنظام داخلي محدد وتوزيع زمني منتظم يمكنهم من الاستفادة من حصص الدروس وفترات الاستراحة، مع الحفاظ على تلاوة الحزب الراتب جماعة على الطريقة المغربية الأصيلة داخل مسجد المؤسسة، إضافة إلى مواظبة الطلبة على حضور الدرس الفقهي بين صلاتي المغرب والعشاء.
وأبرز السيد علي إكيلول، أستاذ مادة الفكر الاسلامي بمدرسة أنس بن مالك للتعليم العتيق، في تصريح للقناة الإخبارية(M24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المؤسسة تعرف منذ إحداثها سنة 2005 توافد أعداد كبيرة من الطلبة لدراسة مواد علوم الشريعة كالفقه والميراث، ومواد الثلثين من مواد علوم الحياة والأرض والرياضيات والفيزياء والاجتماعيات والتربية على المواطنة، وذلك بهدف ترسيخ الثوابت الدينية والوطنية القيم الأخلاقية السمحة لدى الطلبة.
وأشار إلى أن المؤسسة تعرف نسب نجاح مهمة على الصعيد الوطني ويتخرج منها سنويا الكثير من الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا والذين يلتحق عدد كبير منهم بالتعليم الجامعي، مضيفا أن هذه المعلمة الدينية قد لعبت دورا في تنوير المجتمع وتزويده بمختلف الأطر في مختلف الميادين من أئمة وخطباء وعلماء وفقهاء ومرشدين وعدول.
وبالإضافة إلى الشعب الأدبية بالتعليم العالي، بإمكان الطلبة الالتحاق ببعض معاهد التكوين كمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، وهكذا وبانخراطها منذ 2005 في نمط التعليم العتيق الذي يؤطره القانون 01-13، يضيف السيد إكيلول ، تكون هذه المؤسسة قد جمعت بين المحافظة على أصالة العلم الشرعي والانفتاح على علوم العصر والثقافات واللغات الأجنبية من أجل تعزيز كفاءات طلبتها وتيسير اندماجهم بالمحيط السوسيو- مهني.
ويشرف على هذه المدرسة، الممتدة على مساحة تفوق 3000 متر مربع، طاقم إداري مكون من مشرف وحارس عام للخارجية وحارس عام للداخلية ومقتصد، ومستخدمين، إضافة إلى طاقم تربوي يتكون من 13 أستاذا يدرسون مختلف المواد المقررة بهذه المؤسسة العلمية.
وفي هذا السياق، أشار زكريا أبو الحسن، حارس عام داخلي بالمدرسة، في تصريح مماثل، إلى أن الطلبة يتلقون في المؤسسة مختلف العلوم الشرعية وعلوم القرآن والتجويد، وهي تضم حاليا 60 طالبا من مختلف مناطق المغرب (كلميم، طانطان، مراكش، أزيلال، دمنات، الصويرة، شيشاوة وتارودانت)، مبرزا الدور الكبير الذي لعبته هذه المعلمة الدينية بجهة كلميم وادنون، خاصة في تكوين الأجيال وإرساء توجيه ناجع للطلبة الذين يتابعون دراستهم بالمدرسة.
وأشار إلى أن الولوج لهذه المدرسة يتم وفق شروط، منها اجتياز الطلبة في بداية كل موسم دراسي لاختبار حول تقييم المستوى المعرفي بالنسبة لطلبة المستوى الابتدائي مع حفظ 40 حزبا، والحفظ الكامل للقرآن الكريم بالنسبة لطلبة المستويين الإعدادي والثانوي الذين يمتحنون في المواد الشرعية ومادة اللغة العربية ومواد الثلثين (الرياضيات والفرنسية) مع حفظ 40 حزبا فما فوق.
وتشتمل مدرسة أنس بن مالك على عدة مرافق منها 4 قاعات لتدريس القرآن الكريم، وقاعة للصلاة، وداخلية (30 غرفة لإيواء الطلبة)، ومطعم يضم مطبخ و قاعة للأكل ومخزن ومقتصدية، بالإضافة إلى مرافق صحية.
وتبقى مدرسة أنس بن مالك التي تنضاف إلى مدارس عتيقة أخرى بإقليم كلميم (تنكرت، الرحمة، أكادير إمقورن)، مؤسسة حقيقية مكرسة لتلاوة وحفظ القرآن الكريم وتلقين علومه للشباب، فضلا عن الدروس الغنية والعميقة المستمدة من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.