الدوليالرئيسية

تونس:مخاوف من عجز الدولة عن سداد الديون

رغم توصل تونس، التي تعاني من ارتفاع مهول لديونها خلال العشر سنوات الماضية، لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لكن الصندوق خيّر انتظار تنفيذ الإصلاحات المطلوبة قبل صرف القسط الأول منه. ما جعل البنك المركزي التونسي يتوقع أن تكون سنة 2023 “معقدة” على المستوى المالي.

شعبيا، ضربت الأزمة الاقتصادية جيوب التونسيين على نحو بالغ.

ورغم الدعم الحكومي للمواد الأساسية، تجاوزت معدلات التضخم حاجز 10 بالمائة في 2022. وشملت زيادة الأسعار اللحوم والبيض والزيوت وهي ترتبط في كثير منها بتداعيات الحرب في أوكرانيا.

لكن الحال وصل بالتونسيين إلى الوقوف في طوابير للحصول على السكر والحليب والأرز والقهوة والزبدة وسط شح كبير لهذه الأغذية في رفوف المحلات.

وسارعت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا بإرسال مساعدات غذائية إلى جارتها الغربية في مؤشر على حجم الأزمة في البلاد التي لم تعد قادرة على توريد احتياجاتها الغذائية.

وكان وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد صرح لفرانس24 في أكتوبر المنقضي أن “الحرب في أوكرانيا عقدت من وضع صعب أصلا” مؤكدا أن الاقتصاد التونسي شهد خلال السنوات الأخيرة صدمات متتالية لم ينهض منها بعد.

فمنذ 2011، تعثر قطاع إنتاج الفسفاط في منطقة “الحوض المنجمي” وسط غرب البلاد بعد أن كانت البلاد من أهم منتجي المادة في العالم ولم يعد إلى نسق الإنتاج الطبيعي منذ ذلك الحين.

كما أن الهجمات الإرهابية على متحف باردو والمنطقة السياحية في سوسة وجهت ضربة للقطاع. ووسط ارتفاع مهول لديون البلاد، جاءت جائحة فيروس كورونا لتزيد الوضع تعفنا.

حيث زاد الدين العام بين 2019 و2021 بـ7.5 مليار يورو ليتجاوز في الإجمال 32 مليار يورو.

ويرى وزير المالية السابق أشرف الكعلي أن هذه الأزمات المتتابعة سارعت في تهاوي نموذج اقتصادي منهك “عكس جيرانها الذين حرروا اقتصادهم، حافظت تونس على تشريعات منفرة للاستثمارات ما عطل النمو.

كما تحدد الدول سعر عدة منتجات أساسية كالمحروقات.

لكن هذا النظام وصل إلى نقطة اللاعودة، حيث لم تعد الدولة قادرة على تمويل هذا الدعم.

تراكم الديون وشبح الإفلاس

ورغبة منها في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي لصرف القرض، أعلنت السلطات قبل أسابيع خفض الدعم على عدة مواد أساسية ما يهدد بزيادة نسب التضخم.

ويقدر أنطوان بسبوس الباحث السياسي المختص في العالم العربي: “تونس راكمت الديون إلى حد أنها لم تعد قادرة على اقتراض المزيد من المانحين الدوليين، قرض صندوق النقد هام جدا ليس لمساعدة البلاد على النهوض بل للحصول على مساعدة دولية”.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني خفضت من جديد السبت الماضي الترقيم السيادي لتونس معتبرة أن منح قروض لتونس يعد “مخاطرة عالية جدا” وقد لا تكون قادرة على السداد.

هنا يعود بسبوس ليؤكد أنه “من البديهي أن المسار السياسي  في تونس زاد من ريبة المانحين الدوليين، وعوض أن يقر إجراءات اقتصادية عاجلة، انطلق سعيّد في تغيير مؤسسات الحكم بعد إرساء نظام رئاسي مطلق”.

ويخلص بسبوس إلى أن هذا المسار: “انعكس بعزوف واسع للتونسيين في بلد يوشك على الانهيار. في هذا السياق، لا شيء يضمن أن ينقذ صندوق النقد الدولي تونس من الانهيار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى